El príncipe Omar Tussun: su vida, sus obras, sus trabajos
الأمير عمر طوسون: حياته – آثاره – أعماله
Géneros
أعلن الدستور العثماني عام 1908 في تركيا. وقوبل إعلانه في مصر بمظاهر الفرح العام والسرور العظيم.
وكانت مصر في ذلك الزمن ولاية تابعة للدولة العثمانية، تتمتع باستقلالها الذاتي؛ أي توليها شئونها الداخلية. وكان الحزب الوطني قبل ذلك الوقت بزعامة مؤسسه المغفور له «مصطفى كامل باشا» في أوج قوته، وكان الوطنيون يطالبون بإعادة الدستور (دستور 1883)، وينشرون دعوتهم - في الداخل والخارج - بكل الوسائل؛ فكانوا يعقدون المؤتمرات في مصر وأوروبا على السواء، لتنظيم حركتهم، وتوكيد حقهم في حكم أنفسهم بأنفسهم. وكانت حماستهم تحملهم على الدوام على مناهضة أساليب السياسة الإنجليزية في مصر، في ذلك الأوان!
والسبب في ذلك كله يعود إلى تصريح أفضى به وزير الخارجية في البرلمان البريطاني ذكر فيه استعداد إنجلترا لأن تعيد الدستور المصري، إذا التمسه المصريون منها - أي من بريطانيا - فأغضب هذا التصريح الشعب المصري؛ لأنه كان يعطي في معناه سلطة غير مشروعة لها على مصر؛ هي سلطة الوصاية! وحفزهم هذا وضاعف جهودهم بطلب الدستور من الخديوي دون سواه، وهو ولي الأمر في ذاك العهد «سمو الخديوي عباس حلمي».
آخر صورة لفقيد الشرق المغفور له الأمير عمر طوسون.
وفي المدة التي تقع بين عامي 1904-1908، كان للأمير عمر - رحمه الله - أياد بيض على هذه الحركة؛ فقد كان من المؤيدين لكل دعوة وطنية، وكان يرى بفطرته السليمة، أن كل حركة وطنية خليقة بتشجيعه وعطفه الأدبي والمادي، ما دامت غايتها استقلال وادي النيل. وكان هذا على الدوام هو اعتقاده الراسخ في كل الحركات التي ترمي إلى التحرير؛ لأنه كان غير ضنين على كل نهضة وطنية بالتشجيع بالمال والجاه، وفي السر والعلانية!
معاونته في الحرب الطرابلسية
ولما نشبت الحرب الطرابلسية، وخاضت غمارها تركيا مع سكان برقة وطرابلس الغرب ضد إيطاليا المعتدية، سارع الأمير عمر طوسون إلى الإهابة بالمصريين لمد يد المساعدة إلى إخوانهم العرب في القطر الذي يجاورهم، ورأس سموه اللجنة التي ألفت لهذا الغرض، واشترك معه فيها «صاحب السمو الملكي الأمير الجليل محمد علي»؛ لجمع التبرعات وإرسال البعوث الطبية إلى المجاهدين. وكانت مشاعر المصريين على بكرة أبيهم متأثرة بفظاعة ما تقترفه الدولة المعتدية من صنوف القسوة؛ فتجلت أريحيتها، وكانت نخوة الأمير عمر تهديها السبيل نحو ما يجب عمله. وحين تبرع سموه من جيبه الخاص بعشرة آلاف جنيه «كدفعة أولى» زادها إلى الضعف فيما أعقب ذلك من الوقت. كانت هذه اليد الكريمة القدوة الصالحة للخيرين من أهل البر والمروءة. وهكذا كانت مساعدته في الحرب الطرابلسية سنة 1910 خير معوان للمنافحين ضد العدوان، ولولا إسعافه لهم لما أمكنهم الاستمرار في الجهاد شهرا من الزمان!
جمعية الهلال الأحمر
وكان من نتائج هذه الحركة المباركة التي يعود فضلها على سموه، وبوضعه جاهه العظيم واسمه الكريم متوجا لها، أن تألفت في مصر لأول مرة في التاريخ جمعية الهلال الأحمر المصري التي أتشرف بتقلدي منصب وكالتها منذ عهد طويل. وقد أسسها أمراء البيت المالك الكرام وعلى رأسهم صاحب السمو الأمير محمد علي وصاحب السمو الأمير يوسف كمال - أطال الله حياتهما - والمغفور له الأمير عمر طوسون. وكان نشاط سموه في هذا الصدد ملحوظا على الدوام، وموضع الثناء والاستحسان، حتى تألفت للعمل البار النافع، ذي الصبغة الإنسانية الرحيمة، الذي تضطلع به اللجان تعاونها في الأقاليم والمدن، وفي مديريات القطر جميعه، فتردد اسم الأمير عمر على كل لسان في جميع أنحاء الشرق والعالم الإسلامي قاطبة.
ويكفي أن نذكر أنه بهمة الأميرين جمعت مبالغ كبيرة لم تكن في الحسبان، وأمكن إرسال أربع بعثات طبية إلى ميادين القتال في طرابلس الغرب. ولا يزال بعض أعضائها أحياء، ومن هؤلاء صاحب السعادة الدكتور حافظ عفيفي باشا، والدكتور نصر بك فريد، والدكتور المرحوم محمد كمال بك - حكيمباشي مستشفى كفر الشيخ سابقا - الذي توفي في أثناء طبع هذا الكتاب. كما كان للأمير عمر أدوار أخرى في تأجيج المشاعر، وتغذية هذا النضال الوطني، منه إيفاد الضباط المدربين، وإمدادهم بالإرشادات الثمينة، وغير ذلك مما نكتفي منه بهذه الإشارة العابرة.
Página desconocida