قال: «ربما أوقفها واستفهم عمن فيها؛ لأنه ذاهب إلى المدائن للبحث عن ...» وأومأ بعينيه إلى ميمونة.
فقالت: «قبحه الله! ألا يزال على عزمه؟»
فقال: «وقد استشار المنجمين واستكتبهم الأرصاد التماسا لمحبتها، فقالوا له إنها خرجت من المدائن، فكأنه لم يصدق قولهم فذهب ليتحقق ذلك بنفسه.»
وسمعت ميمونة سلمان وتجاهلت حياء وأنفة، ولكنها عجبت لاطلاع سلمان على خبرها مع ابن الفضل وتركت الكلام لجدتها فقالت هذه: «خسئ النذل، إنه لا ينال قلامة من ظفرها ما دمت على قيد الحياة.»
وكانت حراقة ابن الفضل قد حاذت حراقتهم ووقف بعض الخدم على حافتها يتفرسون في ركابها، فلم يقع نظرهم على غير سلمان، وميمونة ترتعد خوفا وكرها، فلما تجاوزتهم أراد سلمان أن يعبث بالفتاة ليخفف عنها فقال: «أرى مولاتي تنفر من ابن الوزير وهو يكاد يموت شغفا بها!»
فرفعت نظرها إليه لترى ما يرمي إليه، فرأته يبتسم فقالت جدتها: «إننا لا نريد النظر إلى هذا الشاب.»
فقطع كلامها وقال: «ولا إلى أبيه.»
وكانت عبادة تظن سلمان يجهل حقيقة حالهما، فلما سمعت ما قاله استغربته ورنت إليه كأنها تنكر عليه قوله، فابتدرها قائلا: «يحق لك يا مولاتي أن تكرهيه وتكرهي أباه، ولا تعجبي لاطلاعي على سبب هذا الكره؛ فإني خليفة مولاي الطبيب في نصرتكما؛ فاركنا إلي وثقا بي فإني خادم لكما!»
فلما سمعت عبادة قوله توسمت الصدق في لهجته فاطمأن بالها. وأما ميمونة فلما سمعت ذكر حبيبها، سألته وهي تظهر السذاجة: «لعل الطبيب مسافر؟»
قال: «نعم إنه مسافر للبحث عن بعض العقاقير الطبية.» وضحك.
Página desconocida