قالت: «هي فتاة يتيمة لا ملجأ لها ولا معين، وقد يكون في قصر أمير المؤمنين عشرات أو مئات مثلها.»
قال: «وأين هي الآن؟»
قالت: «في هذه الدار يا مولاي.»
قال: «علي بها لأراها.»
فلما خرجت دنانير وضع الأمين يده على كتف زينب وضمها إليه تحببا وقال: «تحملت المشقة لأجل هذه الجارية؟»
قالت: «إني أحبها يا عماه لأنها لطيفة وحلوة، وستراها الآن، وقد قلت للجند أن يتركوها فأبوا، ألا تريد أن تعطيني إياها؟»
فاستلطف الأمين سذاجتها ولطف تعبيرها وقال: «سأفعل ما تريدين. طيبي نفسا.» وبعد قليل عادت دنانير وميمونة تتبعها مطأطئة رأسها تذللا، وقد توردت وجنتاها وتكسرت أهداب عينيها من البكاء.
فلما أقبلت عليه ترامت على قدميه وصاحت: «إني جارية أمير المؤمنين.»
فلما رأى الأمين جمالها أعجب بها ورق لبكائها، فأمرها بالنهوض وقال: «لا بأس عليك يا بنية طالما كنت في ضيافة بنت أخينا ولك هذه المنزلة عندها، قومي.» والتفت إلى دنانير وقال: «خذيها إلى دار النساء وامكثا الليلة عندنا ريثما أنظر في أمرها. وأنت يا زينب ضيفتنا الليلة. واطمئني أننا لا نرد لك طلبا.»
فاستأنست الفتاة بعمها وهي في معزل عن السياسة لا تعلم شيئا مما جرى بعد وفاة جدها بين ابنيه، ولما رأت عمها يضمها ويبش لها تذكرت أباها فقالت: «متى يأتي أبي يا عماه؟»
Página desconocida