Amin Khuli y las dimensiones filosóficas de la renovación
أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد
Géneros
هذا هو المطلوب دائما.
أما عن كيف تستفيد الاستنارة الدينية من أبعاد التفكير العلمي، فالاستفادة تكمن في تحقيق هذا الهدف؛ أي الاعتراف باستقلال العلم.
لقد انجلت طبيعة التفكير العلمي الحقة إثر انهيار الآلة الميكانيكية الكلاسيكية المغلقة كتصور للكون، وذلك باقتحام عالم الذرة والإشعاع على مشارف القرن العشرين وانبثاقة النظرية النسبية، وميكانيكا الكوانتم، هذه الطبيعة التي تبدت لنا آنفا في قابلية العلم الدائمة للتكذيب والاحتمالية والنسباوية والتغير والتقدم المطرد، حتى قيل إن العلم «شيء حي» بمعنى أنه بناء صميم طبيعته الصيرورة، هو نسق متتالي التوالد والتنامي والتغير. فالقابلية للتكذيب تعني أن العلم يحمل في صلب طبيعته إمكانية التصويب والتقدم المستمر، حتى أن منطق العلم منطق تصحيح ذاتي؛ لذلك ينتهي «جاستون باشلار» (1884-1962) - شيخ فلاسفة العلم في فرنسا - إلى أن العلم يتنكر دائما لما ينجزه، من حيث دأبه على اختباره ونقده وتصويبه. فالعلم لا يخرج من الجهل؛ لأن الجهل ليس له بنية، العلم يخرج من التصحيحات المستمرة للبناء المعرفي السابق.
9
وهذا التصحيح المستمر هو الذي يكفل التقدم المستمر، حتى كانت التقدمية هي صلب طبيعة العلم التي تجعله شيئا حيا وليس البتة بناء متكاملا. إن الوجود المتعين صنيعة الله، والعلم المتنامي صنيعة الإنسان. الوجود قديم والعلم حادث، الوجود ثابت والعلم متغير، الوجود باق والعلم نام، الوجود حتم والعلم حرية، الوجود مفعول فيه والعلم فاعلية، الوجود كينونة والعلم صيرورة.
10
إن أدركت الاستنارة الدينية هذا الواقع المتقد المتغير المتميز للعلم، أمكنها استيعاب العلم كفاعلية إنسانية متنامية ومستقلة، وأدركت عبثية التوقف عند هذه النظرية أو تلك، وتطابقها أو تناقضها مع هذه الإشارة أو تلك في النصوص المقدسة. فبدلا من النزاع الضاري والعقيم الذي خاضته الكنيسة لتناقض بعض نظريات العلم الحديثة مع ظاهر النصوص الدينية، نجد كثيرين اليوم يستنفدون جهدا أشد عقما للتوقف عند تشابه بعض النظريات مع ظاهر النصوص الدينية.
11
كلا الاتجاهين عقيم، الاتجاه المثمر هو المستنير الذي يدرك استقلالية العلم ويعترف بها، ويعرف أن طريق العلم يختلف عن طريق الدين، وكل الطرق في تشعبها وتوازيها وتكاملها، تؤدي إلى حضارة إنسانية ثرة. •••
وأخيرا لنا أن نطالب التفكير العلمي بمثل هذه الاستنارة، وأن يعترف هو الآخر باستقلالية وحرمة المجال الديني، ويدرك حدود وقصورات التفكير العلمي، ولا يتهور في نفي ما يتجاوزها.
Página desconocida