Amin Khuli y las dimensiones filosóficas de la renovación
أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد
Géneros
43
أو الإلحاد. لكن الخولي يتصدى بضراوة للرد على مظهر حين صب وابل اتهامه على الشخصية المصرية وتحقيره للعقلية العربية وتسفيه ميراثها العلمي في مقال نشره مظهر في عدد فبراير 1926 من مجلة المقتطف - كان الخولي آنذاك في برلين إماما للبعثة الدبلوماسية المصرية في ألمانيا، كما ذكرنا - مع هذا أرسل على الفور إلى «المقتطف» مقالا يرد فيه سهام مظهر إلى صدره، ويدحض اتهاماته للعقلية العربية بأسانيد تاريخية وبراهين معرفية، خاتما مقاله بقوله: «آمل أن يتقبل الكاتب الفاضل ما قدمت بروح الحب للحقيقة وطلبها حيث كانت.»
44
في هذا الإطار وبذلك التشغيل الحذر الفعال لمقولة التطور، كان الخولي يسير على الحبل المشدود، ويقدم واحدة من أخصب مواطن العطاء في إسهاماته، وأكثرها تميزا حتى يمكن اعتبارها علامة فارقة له عن موقف جمهرة الشيوخ.
فقد كاد التطور أن يكون لافتة مميزة، قصرا على تلك المدرسة العلمية العلمانية التي أرادت أن تحتكر لها كل الخطوط، حتى إن أقطابها يلقبون القرن التاسع عشر - على كثرة إنجازاته - «بعصر ظهور نظرية التطور، التي أخذت منذ منتصفه تملك على العقول مسالك التفكير، وتصبغ النظريات والأحلام والترسيمات العمرانية بصبغتها.»
45
والحق أن هذه النظرية حين تطبيقها عمرانيا أو اجتماعيا نجدها تملك قوة جذب وقوة دفع في خدمة كل تواق للتقدم، راغب حقا في الإصلاح، لكنهما قوتان تتبوءران في قول الخولي: «ناموس التناحر على البقاء يعني الجهاد والنضال في سبيل الحياة، والفوز للفرد الممتاز على غيره.»
46
قوة الجذب في أنها تجعل طريقه مفعما بالأمل الحي الماثل في أن ينصلح حال الإنسان، بحيث يرتقي إلى منزلة أعلى ومباينة جدا، أسماها نيتشه منزلة السوبرمان، أو الإنسان الفائق، تماما مثلما ارتقى في الماضي عن حيوانات أدنى، أو أشكال بدائية للحياة. أما قوة الدفع، ففيما تحمله هذه النظرية من حث للإنسان على النضال والكفاح من أجل الترقي والصعود، بل ومن أجل مجرد البقاء. خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن نظرية دارون في تفسيرها لحدوث التغيرات العضوية وظهور وانقراض أنواع من الحياة، لا تجعل دور الكائن الحي سلبيا كمجرد متلق لمؤثرات البيئة مثلما تذهب نظرية لامارك في التطور، بل تؤكد الداروينية على سلسلة لا تنتهي من حلقات الكفاح من أجل الحياة والبقاء، تتنافس جميع الكائنات الحية في الحصول على الغذاء والماء والمأوى، الأقوى والأسرع والأصلب هو الذي يظفر، أما الضعيف فيهلك. الأنواع القوية القادرة على الفتك بمنافسيها، القادرة على التكيف مع البيئة تبقى وتحكم بالفناء على الأنواع الضعيفة، الأقل تكيفا مع البيئة.
47
Página desconocida