فَقلت فَلم لَا تهجو كَمَا تمدح وَقد أقرَّت الشُّعَرَاء لَك فِي الْمَدْح، قَالَ تراني لَا أحسن أَقُول مَكَان عافاه اللَّه أَخْزَاهُ الله، ولكنى أدعُ الهجاء لخلتين؛ إِمَّا لأهجو كَرِيمًا فأهتك عرضه، وَإِمَّا أهجو لئيمًا لطلب مَا عِنْده، فنفسي أَحَق بالهجاء إِذْ سَوَّلت إِلَى لئيم. قَالَ ثمَّ إِن بني عَم مَوْلَاهُ اجْتَمعُوا إِلَيّ مَوْلَاهُ فَقَالُوا إِن عَبدك هَذَا قد نبغ بقول الشّعْر، وَنحن مِنْهُ بَين شرتين؛ إِمَّا أَن يهجونا فيهتك أعراضنا، أَو يمدحنا فيشبب بنسائنا، وَلَيْسَ لنا فِي شيءٍ من الخلتين خيرةٌ فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: يَا نصيب أَنا بائعك لَا محَالة، فاختر لنَفسك. فَسَار إِلَيّ عَبْد الْعَزِيز بْن مَرْوَان بِمصْر فَدخل إِلَيْهِ فِي زوَّاره فأنشده:
لعبد الْعَزِيز عَليّ قومه ... وَغَيرهم مننٌ ظاهرهٌ
فبابك أسهل أَبْوَابهم ... ودارك مأهولةٌ عامره
وكلبك أرأف بالزائر ... ين من الْأُم بابنتها الزائره
وكفك حِين ترى المعتف ... ين أثرى من اللَّيْلَة الماطره
1 / 45