فلو قد زُرتنا بين ... سماعٍ وقواقيزِ
شربنا أبدًا صِرفًا ... على وجهكَ بالكوزِ
أُفٍّ لكم! قلت: أبا عبد الله أن في الحسن دُعابَة، وهو الذي يقول " من الطويل ":
فقلتُ لها واستعجلتها بوادرٌ ... جرى فجرت في جريهنَّ عبيرُ
ذريني أُكثِّر حاسديكِ برحلةٍ ... إلى بلدٍ فيه الخصيبُ أميرُ
فقال لي: خير هذا بشرِّ ذاك.
" العبَّاس بن الأحنف "
أخبرني محمد بن يحيى، قال: حدثنا يموت بن المزرَّع، قال: سمعتُ خالي " يعني الجاحظ " يقول: لولا أن العبَّاس بن الأحنف أحذق الناس، وأشعرهم وأوسعهم كلامًا وخاطرًا، ما قدر أن يكثر شعره في مذهب واحد لا يجاوزه، لأنه لا يهجو ولا يمدح، ولا يتكسَّب، ولا يتصرَّف، وما نعلم شاعرًا لزم فنًّا واحدًا لزومه، فأحسن فيه وأكثر.
" العرجي "
أخبرنا أبو محمد، هبة الله بن أحمد، وعبد الله بن أحمد، في كتابيهما، قالا: قال لنا أبو بكر الخطيب: أخبرني أبو الحسن علي بن أيوب القمِّي، أنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني، أنا محمد بن يحيى، نا يموت ابن المزرَّع، قال: سمعت الجاحظ يُنشد " من الطويل ":
تشرَّبَ قلبي حبَّها فمشى به ... تمشِّي حُميِّما الكأسِ في جسم شاربِ
ِ " ودَ؟ هواها في عظامي كلِّها ... كما دبَّ في الملسوعِ سُمُّ العقارب
قال المرزباني: وأخبرني الحسن بن علي، عن الزيدي، عن محمد بن حبيب، أنهما للعرجي.
" عبد الله بن الزَّبير الأسدي "
أخبرنا خالي القاضي أبو المعالي محمد بن يحيى، أنا أبو الفرج سهل بن بشر، أنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن أحمد بن السري النيسابوري، أنا أبو محمد الحسن بن رشيق، نا يموت بن المزرَّع، نا محمد بن حميد، نا أبو عبيدة، قال: جاء عبد الله بن الزَّبير الأسدي إلى عبد اله بن الزبير بن العوَّام، فقال: يا أمير المؤمنين، إن بيني وبينك رحمًا من قِبَل فلانة؛ وهي أختنا وقد ولدتكم، وأنا ابن فلان ابن فلان، ففلانة عمتي. فقال ابن الزُّبير: نعم، هذا ما ذكرت، وإن فكَّرت في هذا أصبت الناس بأسرهم يرجعون إلى أب واحد وإلى أُمٍّ واحدة. فقال: يا أمير المؤمنين؛ إنّ نَفَقَتي قد نفذت. فقال: ما كنت ضمنت لأهلك أنها تكفيك إلى أن ترجع إليهم. قال: يا أمير المؤمنين؛ فإن ناقتي قد نَقِبَتْ. قال: أنجِد بها يبرد خُفَّها، وأرقعها بِسِبْت، واختصِفها بهُلب، وسِر عليها البردَين. قال: يا أمير المؤمنين؛ إنما جئتك مُستحملًا، ولم آتِكَ مُستوصفًا؛ لعن الله ناقة حملتني إليك. فقال ابن الزُّبير: إنَّ وراكبها. ثم خرج ونشأ يقول " من الوافر ":
أرى الحاجات عند أبي خُبيبٍ ... بَعُدْنَ ولا أُمَيَّةَ في البلادِ
من الأعياصِ أو من آلِ حربٍ ... أغرَّ كغُرَّة الفرسِ الجوادِ
وقلتُ لصحبتي: أدنُوا ركابي ... أفارقْ بطنَ مكةَ في سوادِ
وما لي حين أقطعُ ذاتَ عِرقٍ ... إلى ابن الكاهليةِ من معادِ
فبلغ شعره هذا عبد الله بن الزُّبير، فقال: لو علم أنَّ لي أُمًّا أخسَّ من عمَّته الكاهليَّة لنسبني إليها. الكاهليَّة هي: زُهرة بنت عمرو بن خنثر، أُمُّ خويلد ابن أسد، جدِّ ابن الزُّبير.
" قطري بن الفُجاءة "
1 / 4