Amal Wa Yutubiya
الأمل واليوتوبيا في فلسفة إرنست بلوخ
Géneros
18
وهكذا لمس فرويد حقيقة الإبداع اليوتوبي في هذه المسألة، أي حقيقة اتجاه الوعي إلى الجديد الخير
The good new .
ويؤكد بلوخ أن حلم اليقظة يجمع بين نقيضين، ويؤلف على حد تعبيره بين السطح والعمق، بين الامتداد
Expanse
في القبة الزرقاء (ويقصد بها التحليق بالخيال إلى عنان السماء) وبين النظرة الأرضية أو النظرة العينية إلى الواقع الأرضي. إن حلم اليقظة يفترض كل أشكال المغامرة «إلى الماوراء»، فهو حلم متحرر من كل القيود، ينتهي في أحيان كثيرة إلى أعمال فنية، ويجعل الممكن الموضوعي مرئيا، ويربط الخيال بالواقع بشكل عيني، حيث يمتد الخيال إلى خارج الذات ويتعلق بالواقع بطبيعة الحال، فينظر إلى الأمام ويستشرف المستقبل، ويظهر هذا في العمل الفني كتجربة خيالية لتحقيق الممكن الموضوعي في أكمل شكل. وهو لا يصدق على العمل الفني وحده، إذ يذهب العلم أيضا إلى أبعد من العلة الظاهرية خلال عملية التوقع. لقد حلم كيلر (1571-1630م) بكمال العالم، واكتشف القوانين الثلاثة لحركة الكواكب السيارة. وبذلك تقدم حلمه إلى الأمام، وتخيل صورة العالم في المستقبل، فاستنبط صورة العالم المنظم الشامل بطريقة منسجمة.
19 (د)
الرحلة إلى النهاية، إن حلم اليقظة يرفض أن يكون مجرد حلم مفعم بالخيال وفانتازيا النهار، مثل حلم الليل، تبدأ بالرغبات، ولكنها تذهب بها إلى مكان إشباعها وتحقيقها، أي إلى المستقبل، وإرادة السفر إلى النهاية، يتخللها دائما وعي يوتوبي يظهر في الحلم بحياة أفضل ويتجلى في أعمال فنية. إن الخيال الذي يهدف إلى إصلاح العالم نجده في معظم الأعمال الأدبية والفنية. فالأعمال الكبرى في كل عصر تحتوي على شيء جديد حقا، ومن الأمثلة على ذلك أوبرا «الناي السحري» لموتسارت و«الكوميديا الإلهية» لدانتي وغيرهما من الأعمال الكثيرة التي تحتفظ بشبابها الأبدي. والمهم كما يقول جوته هو «الإشعاع البعيد
Far radiating » لنوعية هذه الإبداعات الخيالية التي أبقت الوجود مفتوحا على الواقع المعطى وظلت نافذة مفتوحة على المطلق. وكمون المطلق في الأعمال الأدبية العظيمة لم يجعلها أقل واقعية، بل على العكس جعلها أكثر واقعية، من خلال مزج كل شيء واقعي بال «ليس-بعد»، أي بالتطلع إلى ما لم يتحقق بعد، ومعنى هذا أن الإبداعات الخيالية لأحلام اليقظة تفتح نوافذ على إمكانيات العالم التي يمكن أن تتخذ شكلا معينا في المستقبل.
20
Página desconocida