كان وجدي على وشك النوم حين أعلنه الخادم بقدوم أبي سريع، الأمر الذي أدهشه فلم يكن الوقت صالحا لزيارة.
بدأ وجدي الحديث: هل أنهيت إجراءات التسجيل يا أبو سريع؟ - على وشك، ولكني جئتك في مصيبة كبرى. - فعلا لونك مخطوف، مالك؟
وقص أبو سريع كل ما سمعه من عيدروس وعصابته على وجدي الذي لم تأخذه الدهشة قدر ما أخذه الاهتمام، وقال أبو سريع: أنا تركت الأمر بين يديك، وأنا كأني ما سمعت شيئا. - طبعا كأنك ما سمعت شيئا.
وانصرف أبو سريع، وعاجل وجدي التليفون، وصاح: يا تامر إلى هنا غدا في الفجر.
وقال له تامر: عندي قضية هامة غدا. - اترك نوتة بها وتعال، بل إذا استطعت أن تجيء الآن يكون أحسن. - خيرا؟ - ليس خيرا، ولكنه مهم جدا جدا. - ماما صحتها حسنة؟ - والدتك بخير، وليس الأمر متعلقا بنا، ولكنه غاية في الأهمية. - أمرك.
وقبل أن يصحو وجدي كان تامر عنده، وعرض الوالد الأمر على ولده، وقال تامر: البس ملابسك، وهيا بنا. - نعم أعرف ما تريد، وأنا رأيي مثل رأيك، ولكنني لم أحب أن أذهب وحدي في مسألة قانونية كهذه. وذهب وجدي وتامر إلى مدير الأمن، وأبلغاه بكل الذي عرفاه، واهتم الرجل اهتماما كبيرا.
في اليوم التالي لهذه الواقعة ذهب أبو سريع إلى الشهر العقاري، ولم يقم إلا على موعد في الغد أن ينتقل معه الموثق برسم انتقال إلى وجدي ليتم الصفقة.
وفعلا تمت الصفقة، وقبض أبو سريع شيكا بالمبلغ، ولم يكن قد أخبر سلمى بنيته، وكان قد انتوى السفر في باكر الصباح، فإذا به يبده سلمى بقوله: ما رأيك نسافر غدا إلى مصر؟ - هكذا بلا ترتيب؟ - أي ترتيب؟ ستأخذين ملابسك، وآخذ ملابسي، وسنأجر سيارة تصل بنا إلى بيت لطفي. - وأذهب بيدي فاضية؟! - يا ستي نشتري من حلويات مصر ما نريد. - وهل هناك مثل صنع يدي؟ - اسمعي، لا مناقشة، إننا سنسافر غدا إلى مصر، وسنبقى بها مدة طويلة، والسيارة آتية قبل صلاة الفجر.
وتم له ما أراد، واستولى على الأمانات التي كانت عنده، والتي كانت تزيد على مائة ألف جنيه، وذهب إلى القاهرة، ولكنه لم يذهب مباشرة إلى بيت لطفي، وإنما قصد البنك مباشرة ليصرف شيك وجدي، ولم يودع المبلغ في نفس البنك، فقد كان ابنه لطفي يعمل به، وقد حرص ألا يلقاه في يومه هذا.
أخذ المبلغ، وذهب إلى بنك الشرق، وأودع المبلغ، وسلمى في السيارة طوال هذه المدة غير مدركة شيئا إلا أن زوجها دخل إلى البناء الأول بحقيبة في يده ، ولم تكن تعلم أن هذا هو البنك الذي يعمل به ولدها، فما دام أبو سريع لم يخبرها، فمن أين لها أن تعلم؟ وانتظرت وقتا أحست أنه طويل، إلا أن الزمن لم يكن ذا أهمية عند سلمى، وخرج زوجها إلى مبنى آخر لا تعرف من شأنه شيئا هو الآخر، وبعد الزيارتين اللتين قام بهما زوجها ذهبا معا إلى بيت لطفي الذي كان ما يزال في عمله.
Página desconocida