Colores y Respuestas Humanas
الألوان والاستجابات البشرية
Géneros
أما فيما يتعلق بالمستقبل، فإن الأهمية الحيوية للضوء - واللون - بالنسبة لبقاء الإنسان واضحة على نحو كاف. وبلا شك فإن الناس في الأجيال القادمة سوف يسافرون إلى الفضاء ويقضون بعض الوقت هناك، وسوف يعيشون تحت البحر وداخل مدن ذات قباب. ستكون الحياة معقدة للغاية ومصطنعة. وستكون بيئة الإنسان أبعد ما تكون عن الطبيعة، وسيكون لزاما عليه التحكم فيها وإلا قضي عليه. وحتى في وقتنا المعاصر، يقضي الناس صغارا وكبارا فترات مطولة من أوقاتهم في المدارس والمكاتب والمستشفيات والمؤسسات مع تناقص معدل تعرضهم لضوء النهار الطبيعي.
إن الإنسان يلوث بيئته الطبيعية ويدمرها؛ فالمواد الكيميائية التي يستخدمها الإنسان تخل بكثير من أشكال التوازن الموجودة في الطبيعة، كما أن جبالا من القمامة تتراكم في كل مكان، وتلقى في البحر أو تدفن في الكهوف، بل لقد بدأ الإنسان يملأ السموات بالأقمار الصناعية المستهلكة، فحول فضاء ما وراء السحب إلى ما يشبه ساحة السيارات المستعملة. لن يكون الإنسان مضطرا لتدمير نفسه في لحظة باستخدام قنبلة هيدروجينية، بل سيخنق نفسه ببطء حتى الموت.
بيد أن ذلك الحلم العتيق المتمثل في التناغم بين الإنسان والطبيعة ينتهي دائما بالتصادم بينهما. ويجب على الإنسان أن يكفر عن خطاياه في حق الطبيعة، لكن من أجل بقائه يجب أن يستقل عن العالم الطبيعي. وقد زعم أحد العلماء أن الإنسان إذا استمر في سلب الأرض من الحياة الخضراء، فإنه سوف يحرم الغلاف الجوي من الأكسجين، وسوف يختنق كل البشر. ورغم ذلك، فالإنسان يستطيع صناعة أكسجين لنفسه. بالإضافة إلى ذلك، يستطيع الإنسان صناعة طعامه في ظل ضوء صناعي، وباستخدام أسمدة من تصنيعه.
يبدو أن النشاط البشري كله تقريبا يتجه صوب البيئة المحكومة، ولا يمكن تصور إمكانية تغيير أو إيقاف هذا التوجه؛ فالإنسان ترك الطبيعة في الريف لأنه ظن أن هذا هو مكانها الطبيعي في الأساس. ولم تعد الجبال وشواطئ البحار أماكن سكنى للإنسان، بل مجرد أماكن يزورها في العطلات الأسبوعية والإجازات؛ فالإنسان يعتقد أنه مشغول لدرجة لا تسمح للطبيعة بإزعاجه؛ فهو لديه أمور يريد إنجازها في عجلة، ولا يمكنه الاستسلام لأي شيء متقلب، سواء كان طبيعيا أم غير ذلك. ومن الممكن تماما خلال عقود معدودة أن يخرج الإنسان من مسكنه المصطنع إلى آفاق الطبيعة الرحبة، ويشير من وراء الغطاء البلاستيكي الشفاف للمركبة التي يقطنها ويقول لأطفاله: «قد يكون من الصعب تصديق ذلك، لكن أسلافكم اعتادوا العيش في الخارج!»
الفصل الثالث
الاستجابة البصرية
يوجد قدر كبير من الصوفية والرمزية مرتبط بالعين البشرية. الشمس، على سبيل المثال، كانت عين الإله؛ فالإله رع في مصر القديمة، عندما أجبره الأشرار على ترك الأرض، التجأ إلى هيئة الشمس، وبعد ذلك أخذ يراقب عادات البشر وهفواتهم. وأصبحت عين حورس الشهيرة - حيث كان حورس ابن إيزيس وأوزوريس - رمزا في تميمة ما زال الناس يرتدونها كقطعة مجوهرات نفيسة. وكانت ترسم العيون على مقدمات السفن والطائرات. وواجه الناس لعنة العين الشريرة بالأحجار النفيسة ورسم نقطة حمراء على الجبين.
أما إذا تناولنا العين من الناحية الفسيولوجية بدلا من الناحية الصوفية، فسنجد أن العين باعتبارها عضوا حسيا لها تاريخ مثير؛ فالنظرية الفيثاغورثية الإغريقية القديمة (في القرن السادس قبل الميلاد) كانت تقول إن الأشعة المرئية تصدر عن العين وتصطدم بالشيء ثم تنعكس إلى العين مرة أخرى. كانوا يفترضون أن «النار» توجد داخل العين، ويمكن ملاحظة ذلك عند الضغط على العين؛ لأن هذا الضغط يجعل النار تومض أمام العين، وهذه النار، مثل نار المشعل أو الفنار أو المصباح، كانت قوة الرؤية النشطة. ولم تغفل تلك النظرية حقيقة أن ضوء الشمس ينير الأرض خلال النهار، بينما يغطيها الليل في الظلام. وكانوا يرون أن نار العين تكمل ببساطة الضوء الطبيعي وتلقي أشعة معينة حيثما كانت الرؤية مركزة.
لم يكن أفلاطون متأكدا تماما من هذه النظرية وتحدث عن ظاهرة مزدوجة فقال: «دعونا نطبق المبدأ القائل ... أن لا شيء ذاتي الوجود، وسنرى أن كل لون، أبيض وأسود وكل الألوان الأخرى، ينشأ نتيجة مقابلة العين للحركة الملائمة، وأن ما نطلق عليه جوهر كل لون ليس عنصرا فعالا ولا هو خامل، وإنما شيء بينهما، ويكون خاصا بكل متبصر.»
ونفى أرسطو فكرة احتواء العين على النار، ورغم ذلك بدا أن خليفته ثاوفرسطس (القرن الرابع قبل الميلاد) يشير إلى أفكار أفلاطون وفيثاغورس، لكن مع بعض التحفظات؛ فقال إنه من المحتمل وجود انبعاثات صادرة عن العين. وعند الحديث عن الدوار قال ثاوفرسطس إن الشخص قد يرتعش ويرتجف عند النظر لأسفل أثناء وجوده على مرتفعات شاهقة. وما حدث في هذا المثال هو أن الرؤية وضعت في وضعية مزعجة، وتلك الوضعية بدورها أزعجت أعضاء الجسم الداخلية، إلا أنه عند النظر إلى السماء فإن هذا التعب لا يحدث؛ لأن المسافة الخالية امتصت ببساطة الأشعة الصادرة من العين؛ «فالضوء القوي يطفئ الضوء الأضعف.»
Página desconocida