التوسط والاقتصاد
التوسط والاقتصاد
Editorial
دار ابن القيم للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Ubicación del editor
الدمام
Géneros
وكما إذا قال: إِنَّما قذفت هذا وكذبت عليه لعبًا وعبثًا، فإن قيل لا يكونون كفارًا فهو خلاف نصِّ القرآن، وإنْ قيل يكونون كفارًا فهو تكفيرٌ بغير موجبٍ إذا لم يجعل نفس السَّبِّ مكفِّرًا، وقول القائل: أنا لا أصدِّقه في هذا لا يستقيم، فإنَّ التَّكفير لا يكون بأمرٍ محتملٍ، فإذا كان قد قال: أنا أعتقد أنَّ ذلك ذنبٌ ومعصيةٌ وأنا أفعلُه، فكيف يكفر إن لم يكن ذلك كفرًا؟
ولهذا قال ﷾: ﴿لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ ولم يقل قد كذبتم في قولكم إِنَّما كنَّا نخوض ونلعب، فلم يكذِّبهم في هذا العُذر كما كذَّبهم في سائر ما أظهروه من العذر الذي يوجب براءتهم من الكفر لو كانوا صادقين، بل بَيَّن أَنَّهم كفروا بعد إيمانهم، بهذا الخوض واللعب» (١) .
٣٤. علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري (الحنفي) . ت:٧٣٠هـ
«فإِنَّ الهَزْل بالرِّدَّة كفرٌ لا بما هَزَل به لكن بعين الهزل؛ لأَنَّ الهازل جادٌّ في نفس الهَزل مختارٌ راضٍ والهزل بكلمة الكفر استخفافٌ بالدِّين الحقِّ فصار مرتدًَّا بعينه لا بما هزل به إلاَّ أَنَّ أثرهما سواءٌ بخلاف المكره؛ لأَنَّه غير معتقدٍ لِعَيْن ما أُكْرِه عليه.
قوله: لا بما هَزَل به «جواب عما يقال إنَّ مبنى الرِّدَّة على تبدُّل الاعتقاد ولم يوجد هاهنا لوجود الهزل فإنَّه ينافي الرضاء بالحكم فينبغي أَنْ لا يكون الهزلَ بالرِّدَّة كفرًا كما في حال الإكراهِ والسُّكر فقال الهزل بالرِّدَّة كفرٌ لا بما هزل بهِ لكن بعين الهزل يعني أَنَّا لا نحكم بكفره باعتبار أَنَّه اعتقد ما هَزَل به من الكفر بل نحكم بكفره باعتبار أَنَّ نفس الهزل بالكفر كفر; لأَنَّ الهازل وإِنْ لم يكن راضيًا بحكم ما هزل به لكونه هازلًا فيه فهو جادٌّ في نفس التكلُّم به مختار للسَّبب راضٍ به فإِنَّه إذا سبَّ النبيَّ ﵇ هازلًا مثلًا أو دعا لله تعالى شريكًا هازلًا فهو راضٍ بالتكلُّم به مختارٌ لذلك وإنْ لم يكن معتقدًا لما يدلُّ عليه كلامه والتكلُّم بمثل هذه الكلمة هازلًا استخفافٌ بالدِّين الحقِّ وهو كفرٌ قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ فصار المتكلِّم بالكفرِ بطريق الهزل مرتدًَّا بعين الهزل لاستخفافه بالدِّين الحقِّ لا بما هزل به أي لا باعتقاد ما هزل به إلاَّ أَنَّ
_________
(١) "الصارم المسلول" (ص٥١٤- ٥١٧ مع حذف يسير) المكتب الإسلامي ط ١٤١٤هـ. وخلاصة كلامه أنّ سبّ النبي؟ بمجرّده كفر سواء استحلّ السابّ أو لم يستحلّ وسواء قال اعتقد ذلك أو لم يقل وسواء كان جادًّا أو مازحًا.
1 / 57