*من المسائل المهمة التي ينبغي التنبيه عليها:
أنه لا يحتج بالراوي إلا إذا كان عدلًا ضابطًا. والضبط إما أن يكون ضبطًا تامًا، أو ضبطًا خفيفًا في حيّز القبول. والعدل: "هو المسلم العاقل البالغ السالم من أسباب الفسق وخوارم المروءة"، وهذه هي العدالة الباطنة، وهي التي لا تُعرف إلا من خلال طول المعاشرة والمخالطة، وليس المقصود بالباطنة مافي قلبه؛ لأنه ليس من قدرة البشرِ العلمُ بها، أما العدالة الظاهرة فهي ما تعرف بظاهر الأمر، ويمكن التفريق بين العدالة الباطنة والعدالة الظاهرة بأن نقول: أن العدالة الباطنة: هي العلم بعدم المُفسّق، والعدالة الظاهرة: هي عدم العلم بالمُفسّق فالأولى: نعلم ونتيقن بعدم وجود أمر يفسق الراوي به، أما الثانية: فلا نعلم عن الراوي شيئًا يفسق به.
وشرط البلوغ يشترطه العلماء حين الأداء لا حين التحمل، فقد يتحمل الراوي صغيرًا، لكن يشترط أن لا يقبل حديثه إلا إذا رواه كبيرًا.
وكذلك شرط الإسلام، فالكافر يمكن أن يتحمل في حال كفره، لكنه لا يقبل منه إلا أن يرويه بعد إسلامه، كما حصل مع بعض الصحابة الذين سمعوا من النبي ﷺ حال كفرهم، ورووه بعد إسلامهم.
والمقصود بالمفسقات: ارتكاب الكبيرة، والإصرار على الصغيرة.
المروءة: هي موافقة أحكام الشرع والعقل السليم وأعراف المسلمين.
فكل من ارتكب أمرًا يخالف الشرع فهو من خوارم المروءة، أو ارتكب أمرًا لا يدل على العقل السليم كالمجنون، فليس عنده مروءة، وكالطفل الصغير أيضًا فليس عنده مروءة - لكن لا يقال أنهما من أهل الفسق؛ لأنهما غير مكلفين - وكذلك لا يرتكب أمرٌ يخالف أعراف المسلمين والصالحين.
1 / 79