التفسير الحديث
التفسير الحديث
Editorial
دار إحياء الكتب العربية
Número de edición
١٣٨٣ هـ
Ubicación del editor
القاهرة
Géneros
ويتداولون الكتب، وحركتها التجارية قوية واسعة، وقد احتوى القرآن من أوصاف حياتها ومعايشها وحضارتها ووسائلها ما فيه الدلالة الوافية على أنها هي أيضا كانت على درجة غير يسيرة من الحضارة ووسائلها، والكتابة والقراءة فيها منتشرتان بمقياس غير ضيق لا يعقل في حال أن لا يكون فيها وسائل مدنية للكتابة وأن لا يوجد ما يدون عليه القرآن إلا ألواح العظام ورقائق الحجارة وأضلاع النخيل وقطع الخشب. هذا بالإضافة إلى أن القرآن قد احتوى كلمة القرطاس أكثر من مرة مما يصح أن يكون دليلا على أنه كان معروفا ومألوفا كوسيلة للتدوين والكتابة بل إن هذه الكلمة مفردة وجمعا قد جاءت في سورة الأنعام في سياق الكلام عن كتب الله كما ترى:
١- وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتابًا فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ الأنعام: [٧] .
٢- قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُورًا وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيرًا.. الأنعام: [٩١] .
فهذا النص القرآني يلهم أن الكتابة على القرطاس وكون الكتب مؤلفة من قراطيس هو الشيء المألوف الذي لم يكن ليتصور غيره.
كذلك فإن القرآن احتوى كلمة «الصحف» أكثر من مرة في معرض الإشارة إلى القرآن والكتب السماوية كما ترى:
١- فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ عبس: [١٣- ١٤] .
٢- إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٨) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى.. الأعلى: [١٨- ١٩] .
٣- بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفًا مُنَشَّرَةً المدثر: [٥٢] .
ولم يذكر أحد أن كلمة الصحيفة كانت تطلق على تلك الوسائل البدائية وإنما كانت تطلق على ما كان معروفا من وسائل الكتابة التي تحمل بسهولة وتطوى بسهولة ويجمع بعضها إلى بعض بسهولة ولعل في آية القيامة قرينة على أن الصحف
1 / 88