بالذين من بعدي أبي بكر وعمر (^١) فأمر بإتباعهما فاقتضى هذا وجوب إتباع التابعين لهما، وقال أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم (^٢) وهذا يوجب على غيرهم إتباعهم ويمنع المساواة لهم، ولأن الصحابة لما كان لهم فضل مشاهدة النبي ﷺ والعلم بقصده ومخارج كلامه، ومصادره، ولم تحصل هذه المنزلة للتابعين، لم يجز أن يزاحمهم على ما يقولون، ولا يخالفهم فيما يحكمون، ولأنه لو كان خلافه خلافًا أفضى إلى أن لا ينعقد إجماع أبدًا، لأنه ما من عصر إلا ويلحق بهم من العصر الثاني من هو من أهل الإجتهاد، فإذا كان خلافه له خلافًا تسلسل هذا إلى أن لا يتصور إجماع عصر على قول، وما أفضى إلى هذا سقط في نفسه.
ووجه الثانية، أن الصحابة قد سوغت للتابعين الإجتهاد معها والمخالفة لها، ألا ترى أن عمر وعليًا ﵄ وليّا شريحا القضاء (^٣) ولم يتعقبا أحكامه بالفسخ مع إظهار الخلاف عليهما في كثير من المسائل، وكتب عمر ﵁ إليه فإن لم تجد في السنة فاجتهد رأيك (^٤) ولم يأمره بالرجوع إليه ولا الحكم بقوله، وخاصم علي إلى شريح ورضي بحكمه حين