الرد الأمين
على كُتب
١ - عُمر أُمّة الإسلام
٢ - ردّ السهام
٣ - القول المبين
ردود وتعقيبات وآراء الأئمة والعلماء:
البيهقى وابن حزم وابن كثير وأبو بكر بن العربى والسهيلى وابن حجر والألوسى والصنعانى وصدّيق حسن خان ومحمد رشيد رضا وناصر الدين الألبانى وصفوت نور الدين والقرضاوى وغيرهم..
تقديم الشيخ / أبى حاتم أسامة القوصى
تأليف / أبى عمرو شريف مراد
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الشيخ أبى حاتم أسامة القوصى
الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا، والصلاة والسلام على من جعله الله فرقًا بين الناس ليميز به الخبيث من الطيب، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فقد اطلعت على ما كتبه أخونا الفاضل / أبو عمرو شريف بن مراد حفظه الله فى الرد على كُتُبِ عمر أمة الإسلام، والقول المبين، ورد السهام، وثلاثتها لأمين محمد جمال الدين هدانا الله وإياه وردنا جميعًا إلى الحق ردًا جميلًا.
فوجدته قد تتبع الأخطاء التى وقع فيها مؤلف هذه الكتب هداه الله والذى قد أثار بكتبه هذه بلبلة لا داعى لها ولا فائدة تجنى من ورائها بل وزاد الطين بلة بالتشنيع على كل من سولت له نفسه أن يبين خطأه فضلًا عن أن يرد فعلًا على ما وقع فى كتبه من أخطاء.
وقد شرفنى ربى ووفقنى بأن كنت أول الرادين عليه عندما خرج كتابه الأول عمر أمة الإسلام والذى أرسل إلى مؤلفهُ نسخةً هديةً وكتب عليها اهداء من المؤلف إلى الشيخ الفاضل أسامة القوصى.. أما بعد ما رددتُ عليه وبينتُ أخطاءه الواضحة فى كتابه المذكور فقد وصفنى بضد هذه الأوصاف بل شنع على وبهتنى هداه الله لا لشئ إلا لأننى بينت خطأه الواضح والذى لا يمكن لعالم أن يقره عليه إذا أطلع عليه وعرفه وإلا فكثير ممن رأو الكتاب لأول وهله أحسنوا بمؤلفه الظن وكذا بالكتاب (١» بل كان البعض يثنى عليه فلما عرفوا ما فيه حذروا منه ونبهوا الناس على ما فيه من أخطاء.
ولذلك لا ينفع المؤلف (أمين) انه سبقه إلى مثل خطئه علماء سابقون فانه قد تبين خطؤهم بجلاء لمن عاصرهم أو جاء بعدهم فإذا تبين الخطأ لا يحل لأحد أن يتابعهم عليه مهما كان قدرهم أو فضلهم وما أظن المؤلف (أمين) يُجَوزُ لأحد الآن أن يَمُص البَرَدَ وهو صائم لمجرد أنه قد سبقه صحابى جليل كأبى طلحة الأنصارى إلى جواز ذلك ورد على من أنكر عليه بأنه - أى البَرَد ليس بأكل ولا شرب. وكذلك ما أظنه يجوز الخروج على أئمة المسلمين وحكامهم لمجرد أن عبد الله بن الزبير قد خرج على بنى أمية وقاتلهم بالسلاح وكذلك ما أظنه يجوز تحريف صفات الله الثابتة بنصوص الكتاب والسنة واثبات سلف الأمة لمجرد أن بعض الائمة والعلماء السابقين حرفوا صفات البارى ﷾ فقالوا بأن يد الله هى قدرته وأن وجهه رحمته مما هو معلوم لأهل العلم وطلبته. ونسأل الله السلامة والبصيرة فى الدين ونعوذ به من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
ومازلت مُصرًا على أن الكتاب وراءه غير المؤلف وقد كنت أقول هذا فى بداية الأمر توقعًا حتى تيقنت ذلك من نفس الشخص الذى كنت أتوقع انه وراء فكرة الكتاب بل جاءنى ذلك الشخص بنفسه وعرض على بأن يأتى بمؤلف الكتاب ليعتذر إلى عما بدر منه فى حقى وأن يَقْرَءَا على الكتاب لأبين ما فيه من أخطاء فلما اشترطت أن يكون ذلك على الملأ ويسجل المجلس رفض ذلك الشخص شرطى وقد اعترف لى بأنه وراء فكرة الكتاب (٢) وأن مؤلف الكتاب استفاد منه ومن كثير من المعلومات التى جمعها هذا الشخص، ولا منافاة بين هذا وبين كون المؤلف (أمين) هو كاتب حروف الكتاب وعباراته وانه لم يطلع عليه أحد (٣) (**) إلا بعد طبعه والله المستعان.
وقد كان أخونا / شريف حفظه الله قد أطلعنى سابقًا على وريقات له يرد فيها على بعض أخطاء المؤلف (أمين) فى كتابه عمر أمة الإسلام وكنت وقتها قد علقت عليها بعض التعليقات بحسب ما تيسر. ثم بدا لأخينا شريف حفظه الله أن يتتبع أخطاء المؤلف (أمين) مستقصيًا ذلك لما رأى أن كثيرًا من العوام انخدعوا بالكتاب واغتروا بما فيه فعرض على ردًا مستوفيًا على كتابى عمر أمة الإسلام والقول المبين فتأخرت عليه فى النظر فى رده فما لبث أن خرج الكتاب الثالث وهو رد السهام فكان التأخير خيرًا فأعطيت الكتاب الثالث لأخى شريف فأتم الرد على الكتب الثلاثة والحمد لله.
وقد أجاد وأفاد ورد ردودًا علمية محضة بعيدًا عن ساقط القول وفاحش الكلام وكل إناء ينضح بما فيه والله المستعان.
_________
(١) ومنهم اخوانى القائمون على المطبعة التى كنت شريكًا فيها بدار الحرمين فطبعوا الكتاب واحسنوا الظن به وبمؤلفه واغتروا بمن جاءهم بالكتاب وهو المشرف على طبعه حيث اثنى على الكتاب خيرًا ويعلم الله ما رأيت الكتاب ولا علمت أنه طبع بدار الحرمين إلا بعد طبعه والله المستعان. (أبو حاتم)
(٢) ومن أعجب العجب أن ذلك الشخص أقر أمامى بأن كل الأئمة والعلماء الذى سبقوا إلى الخوض فى مسألة الحساب أخطأوا فى الحساب. ومع ذلك هو والمؤلف (أمين) مصران على المضى فى سبيلٍ أخطأ فيه كل من سبقهم. والله المستعان. (أبو حاتم)
(٣) وأنا من جملة الداخلين فى هذا العموم ففعلًا لم أطلع على الكتاب إلا بعد طبعه. (أبو حاتم)
1 / 2
والحق أن هذا الاتجاه الانهزامى (١) هو اتجاه عام موجود فى بلاد المسلمين عمومًا ويقابله اتجاه اندفاعى متهور يسعى لإصلاح الفساد الذى انتشر بقوة السلاح وإثارة الفتن فى بلاد الإسلام كما هو الحال فى الجزائر فى هذه الأيام أصلحها الله وأصلح أهلها وسائر بلاد المسلمين.
فنسأل الله أن يرد المسلمين إلى الحق والصواب وأن يوفقهم إلى منهج الأنبياء والرسل جميعًا ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِيَ أَدْعُو إِلَىَ اللهِ عَلَىَ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ .
﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ﴾ .
فالساعة قريبة منذ نزل قول الله تعالى ﴿اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانشَقّ الْقَمَرُ﴾ وهذه الأمة هى آخر الأمم قطعًافما هو المراد من هذه الكتب إلا التيئيس وانتظار الغيب المجهول الذى لا يعلمه إلا الله ولا يترتب على انتظاره أى عمل بل " إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها قبل أن تقوم الساعة فليغرسها " أو كما قال صلوات الله وسلامه عليه.
فالحق ثابت لا يتغير ولا يتبدل بتغير الأحوال والأوضاع ونسأل الله ﷿ أن يجعلنا ممن قال فيهم النبى ﷺ: " لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتى أمر الله وهم كذلك " أو كما قال صلوات الله وسلامه عليه.
ولا شك أن هذه الطائفة هى الفرقة الناجية والطائفة المنصورة وهم الذابون عن دين الله الناصرون لسنة رسول الله ﷺ الرادون على أهل البدع والهواء المبينون لأخطاء المخطئين من هذه الأمة نصحًا بهذه الأمة فالدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
ولا يمكن أن يكونوا هؤلاء الذين يدافعون عن الشركيات ويفتتحون الموالد البدعية بمظاهرها الشركية بل ويباركون ذلك ويذبون عن البدع وأهلها يهاجمون السنة وأهلها يعتبرون الكلام فى التوحيد والسنة كلامًا منفرًا للأمة مفرقًا لها ويعدون الكلام فى اتباع الرسول ﷺ كلامًا فى قضايا فرعية يضاع الوقت فى الكلام عنها ويعدون حث الناس على التمسك بالسنة كلامًا فى القشور لا فى اللباب. فالله المستعان.
فنسأل الله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه أبو حاتم
أسامة بن عبد اللطيف القوصى
فى يوم الخميس ١٧ من رمضان سنة ١٤١٨ هـ
الموافق ١٥ / ١ / ١٩٩٨ م
_________
(١) وهذا لأنهم يئسوا من الإصلاح بطريقة الأنبياء والرسل ألا وهى الدعوة لاصلاح العقائد والأعمال والصبر على ذلك وما رأوا حلًا إلا انتظار خروج المهدى فشابهوا فى ذلك الفرق الضالة كالشيعة والله المستعان. (أبو حاتم)
1 / 3
مقدمة
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون "
"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساءً واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام، إنّ الله كان عليكم رقيبًا "
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا،يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا ".
أمّا بعد ...
لقد ظهر فى عصرنا من يدعى انه يحدد عمر أمّة الإسلام، وقد خط ذلك فى كتاب أسماه (عمر أمّة الإسلام وقرب ظهور المهدى ﵇، ثم أتبعه بكتاب آخر عن علامات الساعة واسماه (القول المبين فى الأشراط الصغرى ليوم الدين استقصاءً وشرحًا وبيانًا لوقوعها)، ثم بكتاب ثالث سماه (رد السهام عن كتاب عمر أمة الإسلام)، وأخطأ فى ذلك أخطاءً عديدة بلغ عددها ما يقرب من مائة خطأ (عدد ٣٠ خطأ فى كتاب عمر أمة الإسلام، ٤٤ خطأ فى كتاب رد السهام، ٢١ خطأ فى كتاب القول المبين)، وما كنت أنوى أن أردّ عليه لولا انتشار الكتاب -وتباهى كاتبه بذلك -، وقد دخل على الناس كلامه مع ما فيه من أخطاء، ولما كان الدين النصيحة فأحببت أن أنصح للمؤلف ولإخوانى المسلمين وأن أحذرهم من هذه الأخطاء، مستندًا فى ذلك إلى كلام السلف الصالح والأئمة والعلماء.
وإنّى لم أحص كل الأخطاء، وإنّما اكتفيت ببيان بعضها، ولا أزعم أنّ جميع ما فى الكتابين خطأ كله، ولم يدفعنى لكتابة هذا الرد إلا وجود أخطاء خطيرة، وهى:
١ - الإشارة إلى انتهاء عمر أمة الإسلام وتحديد ذلك بالسنين.
٢ - الإشارة إلى تحديد زمن ظهور المهدى والمسيح عيسى بن مريم والمسيح الدجال.
٤ - ادعاء المؤلف أن الأمة الإسلامية لن تستطيع تحرير الأراضى المقدسة فى فلسطين المحتلة إلا بعد ظهور المهدى.
٥ - وضع بعض الأحاديث فى غير مكانها الصحيح ومحاولة تفسيرها فى ضوء واقع أو نظرية معينة قد تثبت الأيام خطأ هذه التفسيرات البعيدة عن الحقيقة.
٦ - ادعاء المؤلف بانه لن يذكر إلا الأحاديث الصحيحة فقط وانه إن ذكر غير ذلك فسوف يذكر أن الحديث ضعيف، ولكنه لم يلتزم بذلك، كما سنوضح فى ردنا عليه.
٧ - كثرة نقله عن أهل الكتاب بما لا أصل له عندنا، وتصديقه على ذلك حتى أنه نقل فى ص ١٢٥ الطبعة الثانية (ص ١٢٢ الطبعة الأولى) من كتابه (عمر أمة الإسلام) أن زمن ظهور المسيح الكذاب فى عيد فصح اليهود من ١٠ - ١٧ أبريل ١٩٩٨ وقبل ظهوره لابد من بناء هيكل سليمان ومذبح المحرقة فى أورشليم.ووضع المؤلف (أمين) هذا التاريخ فى برواز كبير وكتبه بالخط العريض.
فأقول: اننى الآن أكتب هذه المقدمة فى مايو ١٩٩٨ أى بعد التاريخ المزعوم ولم يحدث شئ مما نقله لنا هؤلاء، وقد كنت كتبت هذا الرد الذى بين يديكم بعدة شهور، ولكن تأخرنا فى كتابة هذه المقدمة لما قبل الطباعة.
ولمّا كنّا لا نحب أن يُكذّب اللهُ ورسولُه؛ كتبنا هذا الردّ، ونرجو أن يتقبله المؤلف وباقى إخواننا المسلمين المعارضين والمؤيدين على حد سواء بصدر رحب وبتأنى فى الفهم وفى الحكم. ولننظر إلى ردنا هذا فى ضوء أدب الاختلاف فى الإسلام.
وقد تعمّدت فى نقلى أن أذكر آراء الأئمة المتقدمين، ثم أذكر أيضًا آراء بعض العلماء المعاصرين، ولما كان المؤلف (أمين محمد جمال الدين) قد ذكر فى كتابه (القول المبين) أن العلماء المجتهدين فى عصرنا هذا قليل عددهم، وذكر منهم أربعة علماء - تحديدًا - بأسمائهم، فأحببت أن يكون ردى هذا معتمدًا على كلام اثنين منهم - لانهم الأكثر تصنيفًا من غيرهما - وهما:
١ - فضيلة الشيخ العلاّمة مُحدث العصر / محمد ناصر الدين الألبانى - حفظه الله وبارك فى عمره ونفعنا بعلمه -،
٢ - والأستاذ الدكتور / يوسف القرضاوى (١) .
ولعل ذلك أدعى للمؤلف (أمين) - فضلًا عن غيره - فى قبول نصيحتنا هذه.
_________
(١) وإن كان القرضاوى نفسه له مخالفات وتعديات لعل بعضها أشد مما وقع فيه مؤلف هذا الكتاب وبخاصة فى كتبه الأخيرة والتى بدأ ينحى فيها منحى المعتزلة القدامى من رد أحاديث الاحاد وعدم اعتقاد ما فيها، بحجة انها لا تفيد إلا الظن (بمعنى المشكوك فيه عندهم) ولو كانت فى الصحيحين، فيردونها بزعم أنها تخالف القرآن أو العقل. ويمكن القول بأن نقل كلامه ههنا إنما هو من باب الاحتجاج على المخالف بقول من يعتمدهم ويرضاهم والله المستعان (أبو حاتم)
1 / 4
٣ - وأما ثالث هؤلاء العلماء فهو شيخ يسكن فى القاهرة - حفظه الله، فقد سألته عن رأيه فى كتابات الأخ (أمين) وهل يوافقه عليها؟ فأجاب بانه لا يوافقه على شئ من ذلك (١) .
٤ - وأما الرابع، فلم أستطع أن أسأله عن رأيه حتى الآن، وإن كنت أظن أن الأمر واضح جدًا.
وبذلك ترى أن ثلاثة من الأربعة المجتهدين - الذين سماهم الأخ (أمين) - لا يوافقونه على ما يكتب، والرابع ننتظر رأيه إن شاء الله تعالى (٢) .
ولمّا كنت أُكثر النقل عن كثير من المؤلفين، وخوفًا من حدوث لبس على القارئ؛ فميّزت كلام المؤلف الذى أريد الرد عليه بقولى: قال المؤلف (أمين)، وحتى لا يختلط فى أعين القرّاء بغيره من المؤلفين. وإذا كان فى ردّى شئٌ من الحدة أو نحو ذلك فأرجو من إخوانى أن يلتمسوا لى العذر، فإنّى لا أقصد تجريح أحد ولا انتقاصه، ولكنّى أغار - كما يغار إخوانى فى الله - على دينه ﷿، وأن يقال فيه غير الحق، ونحب أن تكون أعمالنا على هدى نبينا محمد ﷺ
وإنّى لا أعرف المؤلف معرفة شخصية، ولم ألتق به من قبل أبدًا، ولا يوجد بينى وبينه أى شئ يدعونى إلى مهاجمته أو معارضته، ولكنّى أردّ عليه إحقاقًا للحق، ونُصحًا لإخوانى المسلمين. ثمّ إنّى عرضت كلامى هذا على بعض أهل العلم، فلمّا رأيتهم يؤيدونه؛ انشرح صدرى - بعد استخارة الله تعالى - لنشره ليعُمّ النفع (٣) .
وليس معنى ردّنا هذا أنّ الساعة وعلاماتها بعيدة عنّا، لا والله هى قريبة، كيف لا وقد قال الله ﷿ فى كتابه الكريم: " اقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون " (الأنبياء - ١)، وقال سبحانه " اقتربت الساعة وانشق القمر " (القمر - ١) . وقال الرسول ﷺ: " بعثت بين يدى الساعة " وقال: " بعثت فى نَسَم الساعة "، وغير ذلك كثير؛ فعلينا جميعًا أن نستعد لها بالعلم النافع والعمل الصالح، وأن نستعد كذلك لحربنا المنتظرة مع اليهود كما أخبرنا النبى ﷺ.
اللهمّ اجعلنا ممن يرون الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، واحشرنا جميعًا إخواننًا على سررٍ متقابلين.. آمين. الفقير إلى الله ﷿
أبو عمرو / شريف مراد
محرم ١٤١٩ هـ
_________
(١) ولم أذكر اسم الشيخ لأنى لم أعلمه بأن اجابته ستنشر فى كتاب، وقد سألته عن ذلك فى مسجده أثناء صلاة التراويح فى رمضان ١٤١٨ هـ. (أبو عمرو)
(٢) هذا وليُعلم أنه ليس معنى نقلى عن أحد من أهل العلم أنى أوافقه فى كل ما كتب، ولكنى أوافقه فيما أنقله عنه فى كتابى هذا، وأقول هذا لمن يقرأ أسماء من أنقل عنهم فيجدهم ينتمون لأفكار ومذاهب مختلفة، ولعل ذلك سببه أنى أردت أن أوضح للمؤلف ولمن وافقه ولمن اغتر بقوله أن العلماء على سائر مذاهبهم وأفكارهم لا يرتضون أقوال المؤلف (أمين)، سواء كانوا علماء سلفيين أو غيرهم، بل حتى مدرسة العقلانيين ترفض أقواله!!! (أبو عمرو)
(٣) تنبيه: التعليقات التى كتبها الشيخ أسامة القوصى أثبتها فى الحواشى وأعقبتها بـ (أبى حاتم) مع وضع علامة (*)، (**)، ... أما ما كتبته أنا فوضعت له أرقامًا فى الحواشى هكذا (١)، (٢) .....
1 / 5
الردّ على كتاب عُمْر أمّة الإسلام
1 / 6
الفصل الأول: أخطاء المؤلف فى المقدمة:
١ - قول المؤلف فى مقدمة الطبعة الثانية: ص ١٠
السابق إلى الكلام فى مسألة حساب عمر الأمة أئمة أعلام ذكرت أقوال بعضهم كابن حجر والطبرى والسهيلى والسيوطى وغيرهم كالبيهقى والعسكرى، فما فعلناه فى كتابنا ما هو إلا إيراد لأقوال هؤلاء الأئمة المعتمدة على ما فهموه من أحاديث الرسول ﷺ ...
الرد:
سنستعرض معًا أقوال الأئمة الذين ذكرهم المؤلف (أمين):
١ - ابن حجر:
قال الحافظ فى الفتح (٢ / ٤٨) (وعلى التنزيل لا يلزم من التمثيل والتشبيه التسوية من كل جهة وبأن الخبر إذا ورد فى معنى مقصود لا تؤخذ منه المعارضة لما ورد فى ذلك المعنى بعينه مقصودًا فى أمر آخر) . اهـ.
وقال أيضًا فى الفتح (١١ / ٣٥٨): (قال عياض: حاول بعضهم فى تأويله أن نسبة ما بين الاصبعين كنسبة ما بقى من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى وأن جملتها سبعة آلاف سنة واستند إلى أخبار لا تصح ...وذكر ما أخرجه أبو داود فى تأخير هذه الأمة نصف يوم وفسره بخمسمائة سنة ...وقال: وقد ظهر عدم صحة ذلك لوقوع خلافه ومجاوزه هذا المقدار ولو كان ذلك ثابتًا لم يقع خلافه. قلت: - القائل ابن حجر - وقد انضاف إلى ذلك منذ عهد عياض إلى هذا الحين ثلاثمائة سنة) .
كما قال (١١ / ٣٥٨، ٣٥٩): حديث ابن زمل رفعه: " الدنيا سبعة آلاف سنة بعثت فى آخرها ". قلت (القائل ابن حجر): وهذا الحديث إنما هو عن ابن زمل وإسناده ضعيف جدًا أخرجه ابن السكن فى الصحابة وقال إسناده مجهول وليس بمعروف فى الصحابة وابن قتيبة فى غريب الحديث وذكره فى الصحابة أيضًا ابن مند وغيره، وسمّاه بعضهم عبد الله وبعضهم الضحاك، وقد أورده ابن الجوزى فى الموضوعات، وقال ابن الأثير ألفاظه موضوعة..) . أهـ.
فهل بعد هذا الكلام الواضح وضوح الشمس فى رابعة النهار مازال المؤلف (أمين) يقول ان الحافظ ابن حجر من الموافقين له على كلامه؟ كما علينا أن نلاحظ أن الحافظ فى فتح البارى ينقل ويحكى المذاهب المختلفة سواء التى يوافق عليها أو لا، ثم بعد ذلك يبين رأيه سواء فى نفس الموضع أو فى موضع آخر، وبسبب هذا التوسع العلمى فى هذا الكتاب الكبير فقد سماه بعض أهل العلم: موسوعة العلماء.
٢ - السهيلى:
قال بأن حديث ابن زمل فى عمر الدنيا: ضعيف (كما نقله عنه الحافظ فى الفتح) وقال الحافظ ابن حجر فى الفتح أيضًا ١١ / ٣٥٩: (بيّن السهيلى انه ليس فى حديث نصف يوم ما ينفى الزيادة على الخمسمائة) .
٣ - أما البيهقى: فقد قال فى دلائل النبوة (٧ / ٣٦ ط. الريان):
(باب ما روى فى رؤية ابن زمل الجهنى وفى إسناده ضعف) . هذا كلام البيهقى، ثم ساق الحديث بسنده الضعيف بعد أن نبه على ضعفه. وقال محقق الكتاب د. عبد المعطى قلعجى: الحديث موضوع.
أقول: لو قارنت بين السند فى رسالة الكشف للسيوطى وعزاه إلى الطبرانى فى الكبير وبين السند فى الدلائل للبيهقى لوجدت العجب العجاب، فإن رسالة الكشف بها العديد من التصحيفات والأخطاء وبالرغم من ذلك فقد نقل منها المؤلف (أمين) ولم ينتبه أو ينبه على ذلك، فمثلًا:
السند فى دلائل النبوة للبيهقى
السند فى رسالة الكشف للسيوطى المطبوعة ضمن الحاوى للفتاوى
السند فى رسالة الكشف للسيوطى المطبوعة مع معجم الطبرانى الصغير
الوليد بن عبد الملك بن عبد الله بن مسرج الحرانى
الوليد بن عبد الملك بن عبد الله بن سرج الحرانى
الوليد بن عبد الملك بن مسرج الحرانى بن عطاء القرشى الحرانى
حدثنا سليمان بن عطاء القرشى الحرانى
حدثنا سليمان بن عطاء القريشى الحربى
عن
عن مسلمة بن عبد الله الجهنى
عن سلمة بن عبد الله الجهنى
سلمة بن عبد الله الجهنى
عن عمه أبى مشجعة بن ربعى
عن عمر بن أبى شجعة بن ربيع الجهنى
عن عمر بن مشجعة بن ربيع الجهنى
عن ابن زمل الجهنى
عن الضحاك بن زمل الجهنى
عن الضحاك بن رمل الجهنى
كما أن هذا الحديث رواه أيضًا ابن السنى بسنده فى عمل اليوم والليلة ح ١٤٠ وإسناده يتوافق مع سند البيهقى (عدا انه فى ط. مؤسسة الكتب الثقافية ط. ١ ابن مسرح بدلًا من ابن مسرج)
وإذا انتقلنا إلى تراجم رجال السند نجد الآتى:
- عبد الله بن زمل الجهنى:
1 / 7
قال الحافظ فى الإصابة ٢ / ٣١١: " ذكره ابن السكن وقال روى عنه حديث " الدنيا سبعة آلاف سنة " بإسناد مجهول وليس بمعروف فى الصحابة ثم ساق الحديث وفى إسناده ضعف قال وروى عنه بهذا الإسناد أحاديث مناكير، قلت - القائل ابن حجر - وجميعها جاء عنه ضمن حديث واحد أخرجه بطوله الطبرانى فى المعجم الكبير وأخرج بعضه ابن السنى فى عمل اليوم والليلة - يقصد حديثنا هذا المتقدم آنفا - ولم أره مسمى فى أكثر الكتب ...ثم قال: وقال ابن حبان: عبد الله بن زمل له صحبة لكن لا أعتمد على إسناد خبره، قلت - القائل ابن حجر - تفرد برواية حديثه سليمان بن عطاء القرشى الحرانى عن مسلمة بن عبد الله الجهنى ".
- سليمان بن عطاء القرشى الحرانى:
قال الحافظ فى التقريب: منكر الحديث، وقال فى التهذيب: قال البخارى حديثه منكر، وقال أبو زرعة منكر الحديث، وقال ذكره ابن حبان فى الضعفاء فقال شيخ يروى عن مسلمة بن عبد الله الجهنى عن عمه أبى مشجعة بن ربعى أشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقات. وقال أبو حاتم منكر الحديث يكتب حديثه) انتهى ملخصًا من كلام الحافظ.
ولاحظ أن ما نقلناه هنا من كلام الحافظ يثبت صحة السند فى الدلائل للبيهقى ويثبت التصحيف فى السند فى نسخة السيوطى.
والحديث أورده أيضًا الهيثمى فى مجمع الزوائد ٧ /١٨٧ وقال رواه الطبرانى وفيه سليمان بن عطاء القرشى وهو ضعيف.
فهذا هو حال الحديث الذى يتمسك به المؤلف (أمين) وهو القائل انه يعتمد على ما رواه الأئمة من صحيح السنة.
٤ - وأما الطبرى:
فنترك الرد للدكتور / يوسف القرضاوى، حيث قال فى كتابه (ثقافة الداعية) ص ١٠٨ (ط. دار الرسالة):
" ليس كل ما تحويه كتب التاريخ صحيحة مائة فى المائة، فكم حوت مراجع التاريخ من مبالغات وتشويهات وتحريفات تكذبها الحقائق الثابتة بالاستقراء أو بالموازنة بالأدلة الناصعة فى مصادر أخرى. ثم قال ... يجئ المعاصرون ليأخذوا من تلك الكتب بعجرها وبجرها ويقولون نحن لم نحد عن الطريقة العلمية فمصدرنا الواقدى أو الطبرى أو ابن الأثير..الخ جزء كذا صفحة كذا طبعة كذا، هكذا يصنع المستشرقون، وهكذا يفعل أساتذة التاريخ فى الجامعات وهكذا يسير الذين يكتبون عن التاريخ فى المجلات وفى غير المجلات. ولم يكلف هؤلاء أنفسهم أن يدرسوا كيف كتب تاريخ تلك العصور؟ لنأخذ أهم هذه المصادر القديمة وأشهرها وهو تاريخ الطبرى، لقد كانت الفكرة المهيمنة على الطبرى عند كتابة تاريخه هو التجميع والتسجيل دون الانتقاء أو التمحيص للأسانيد أو الوقائع المروية فمن كان عنده خبر ذو بال نقله عنه ودونه منسوبًا إليه وإن كان راوى الخبر من الضعفاء أو المتهمين أو المتروكين وإنما دفعه إلى ذلك حب الاستقصاء، والخوف من أن يفوته ... ثم قال: هذا عذر الطبرى وأمثاله فى روايته عن المجروحين، وله عذران آخران أولهما انه يروى الحوادث بسندها إلى من رواها ويرى انه إذا ذكر السند فقد برئ من العهدة ووضعها على عاتق رواته، وقد قيل من أسند فقد حمّل، أى حمّلك البحث فى سنده، وكان هذا مقبولًا فى زمنه حيث يستطيع العلماء أن يعرفوا رجال السند ويحكموا لهم أو عليهم. ومن هنا قال الطبرى فى مقدمة تاريخه:
" فما كان فى كتابى هذا مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه، من أجل انه لا يعرف له وجهًا فى الصحة ولا معنى فى الحقيقة، فليعلم انه لم يؤت ذلك من قبلنا، وإنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنما أدينا ذلك على نحو ما أودى إلينا ".
وبهذا حمّل رواته التبعة وحمّل بالتالى دارس كتابه أن يفتش عنهم فى كتب الرجال ومصادر الجرح والتعديل، وسيجد حينئذ عددًا منهم ساقطًا بالمرة وعددًا آخر مختلفًا فى توثيقه وتضعيفه وعددًا آخر من الثقات المقبولين. ثم ضرب لنا د. القرضاوى أمثلة على ذلك، ثمّ قال:
وغير هؤلاء كثير من المجروحين المتروكين عند أئمة الجرح والتعديل من علماء الحديث وإن كان رجال التاريخ والأخبار يروون عنهم ويستندون إليهم.
ومن أجل هذا لا يقيم المحققون وزنًا لروايات " الإخباريين " ولا يعتمدون عليها ويعيبون من ينقل عنها فى الكتب المعتبرة...
والعذر الثانى للطبرى فى عدم تمحيص ما رواه فى تاريخه: أن الموضوع لا يترتب عليه حكم شرعى من تحليل أو تحريم أو إيجاب أو غير ذلك مما يتعلق به علم الفقه (١) .
ثم يقول ان الطبرى يترخص ويتساهل فى أمر التاريخ قائلًا فى تسويغ ذلك: " إذ لم نقصد بكتابنا هذا قصد الاحتجاج ".
ثم يقول د. القرضاوى وهو يتحدث عن العلم والقرآن فى ص ١٣٧:
_________
(١) * ولا تنافى ولا تعرض بين كلامى السابق عن القرضاوى وبين الإقرار بصحة كلامه فى هذا الموضوع إجمالًا والله المستعان. (أبو حاتم)
1 / 8
وقد عنى كثيرون فى عصرنا بهذا الميدان إلى حد الإفراط والتجاوز فى بعض الأحيان، وجل هؤلاء من رجال العلم المتحمسين للدين كما رفضه آخرون بالكلية واستخدمه آخرون بتحفظ واعتدال وهذا ما أراه، وأعنى بالاعتدال ألا نتعسف فى التأويل ولا نخرج الألفاظ والتراكيب عن مدلولاتها اللغوية، ولا نحمل النصوص على فروض ونظريات لم تصبح حقائق علمية.
قد يسأل سائل فيقول: هل لو صح إسناد الطبرى أو غيره إلى ابن عباس فى تحديد عمر الأمة فهل يعتبر ذلك سندًا شرعيًا نقبله بدون نزاع أو جدال؟
الجواب: سنترك الجواب أيضًا للدكتور يوسف القرضاوى إذ يقول فى ذات الكتاب السابق ص٥٠:
" مما ينبغى أن يحذر منه قارئ التفسير الأقوال الضعيفة بل الفاسدة فى بعض الأحيان وهى أقوال صحيحة النسبة إلى قائليها من جهة الرواية، ولكنها سقيمة أو مردودة من جهة الدراية، وليس هذا بمستغرب ما دامت صادرة عن غير معصوم. فكل بشر يصيب ويخطئ وهو معذور فى خطئه بل مأجور أجرًا واحدًا وإذا كان بعد تحر واجتهاد واستفراغ الوسع فى الطلب.
وإذا كان ابن عباس رضى الله عنهما وهو ترجمان القرآن وحبر الأمة قد ثبتت عنه آراء فى التفسير اعتبرها جمهور علماء الأمة ضعيفة أو شاذة وخالفه فيها عامة الصحابة مثل أقواله فى المواريث ونحوها، فكيف بمن دون ابن عباس ومن دون تلاميذ تلاميذه؟!
ولقد رأينا شيخ المفسرين الإمام أبا جعفر بن جرير الطبرى - على جلالة قدره ومنزلة كتابه فى التفسير - يختار أحيانًا تأويلات ضعيفة بل هى غاية فى الضعف.
ثم قال: والمقصود هو اتقاء الضعيف من الأقوال والتأويلات مهما تكن مكانة قائلها. وقد قال على كرّم الله وجهه: لا تعرف الحق بالرجال اعرف الحق تعرف أهله. "
ثم قال فى ص ٦٤: " على الداعية كذلك أن يحذر من سوء الفهم للأحاديث الصحاح والحسان التى وردت بها كتب السنة وتلقاها علماء الأمة بالقبول فحرفها بعض الناس عن مواضعها، وتأولوها على غير تأويلها وبعدوا بها عما أراد الله ورسوله ﷺ ... ومن ذلك أحاديث التى وردت فيما سمّاه العلماء " الفتن " وفساد آخر الزمان فبعضهم يفهم منها أو يضعها موضعًا يفهم منه أن الشر قد عمّ وأن السيل قد طمّ وأن لا سبيل إلى الخلاص ولا أمل فى الإصلاح ....الخ
ثمّ تعرض د. القرضاوى فى ص ٦٧ لحديث النبى ﷺ: " تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ... إلى آخر الحديث وآخره: "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة "، يقول د. القرضاوى: وهى الخلافة على منهاج النبوة التى لم تتحقق بعد، ولابد أن تتحقق إن شاء الله، ولكن يجب أن نعمل لتحقيقها وإيجادها، وإنّما توجد وفقًا لسنة الله بعمل العاملين وجهود المؤمنين " (١) .
هذا هو ما كتبه د. القرضاوى فى هذا الموضوع الخطير، فانظر رحمك الله كيف قال عن الخلافة يجب أن نعمل لتحقيقها وإيجادها، وإنّما توجد وفقًا لسنة الله بعمل العاملين وجهود المؤمنين ولم يقل لن تقوم الخلافة إلا على يد المهدى فلا داعى إذا أن نحاول إيجادها وأن من يحاول
ذلك إنما يحاول فى أمر مستحيل وأن علمه ناقص ...إلى آخر ما يقول به المؤلف (أمين) تصريحًا وتلميحًا.
- رأى العلامة الحافظ ابن قيم الجوزية:
قال ابن القيم فى كتابه " المنار المنيف ": (ونحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعًا: فمنها:..............
ومنها: مخالفة الحديث صريح القرآن: كحديث مقدار الدنيا وانها سبعة الآف سنة ونحن فى الألف السابعة. وهذا الحديث من أبين الكذب، لانه لو كان صحيحًا لكان كل أحد عالمًا انه قد بقى للقيامة من وقتنا هذا مئتان واحدى وخمسون سنة (أى فى زمن الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى) . " يسألونك عن الساعة أيّان مرساها؟ قل إنّما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت فى السموات والأرض لا تأتيكم إلابغتة يسألونك كأنّك حفىّ عنها قل إنما علمها عند الله " (١٨٧ الأعراف)، وقال الله تعالى: " إن الله عنده علم الساعة " (٣٤ لقمان)،وقال النبى ﷺ: "لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ") . انتهى كلام ابن القيم من المنار المنيف
٢ - قال المؤلف (أمين) فى مقدمة الطبعة الثانية ص ١٤:
الخلافة الراشدة الأخيرة التى هى على منهاج النبوة والتى ننتظرها هى خلافة المهدى ﵇، ثم
علل ذلك بالحديث: " لتملأن الأرض جورًا وظلمًا يبعث الله رجلًا منّى اسمه أسمى واسم أبيه اسم أبى فيملؤها عدلًا وقسطًا كما ملئت جورًا وظلمًا ".
_________
(١) * لم يتيسر لى الاطلاع على كتاب القرضاوى الذى ذكره أخونا أبو عمرو، وإن كنت لا أحسن الظن بالحركيين عمومًا. ولكن كلامه المنقول ههنا حق فى نفسه، وأما ما يريده القرضاوى من كلامه هذا لا يتضح إلا بقراءة الكتاب كله بتمعن والله المستعان. (أبو حاتم)
1 / 9
وقال ان هذا هو الذى يحثو المال حثوا ولا يعده عدًا
ثم قال: فتنبه أيها الأخ الكريم لهذه النكتة فانها فريدة لمن تدبر وتعقل، ولعلك لا تظفر بها فى مكان آخر، فعض عليها بالنواجذ.
الرد: ١ - لا ندرى كيف جزم المصنف بأن الخليفة الذى يحثو المال حثوًا هو المهدى؟ فانه لا يوجد ما يدل على ذلك من كتاب أو سنة.
٢ - أما قوله بأن الخلافة الراشدة هى خلافة المهدى فإن المؤلف (أمين) هو أول من يقول بذلك فيما أعلم!! وانه يعترف بذلك، ويقول لعلك لا تظفر بهذا الكلام فى مكان آخر. وعلى ما يبدو انه قرأ هذه الجملة فى كتب بعض أهل العلم فأحب أن يقلدهم، ولكن...!! للأسف انه يتكلم فى العقيدة ويعترف ويقول بأن هذا الكلام لم يقله أحد قبلى ولم يكن لىّ فيه سلف!!!
إن مثل هذا الكلام قد يقبل فى الفقه الذى يحتاج إلى اجتهاد أو فى الفوائد الحديثية، أما فى العقيدة فليس لنا إلا الاتباع أو الابتداع.
٣ - قال المؤلف (أمين) فى المقدمة ص ١٤ ط ٢ أيضًا، بعد الكلام السابق نقله مباشرة:
ظفرت بنص حديث ذكره الإمام الحافظ العلامة ابن حجر فى كتابه الجليل فتح البارى يؤيد ما ذهبنا إليه، قال ابن حجر: وأخرج الطبرانى من طريق قيس بن جابر الصدفى عن أبيه عن جده رفعه: "سيكون من بعدى خلفاء ثم من بعد الخلفاء أمراء ومن بعد الأمراء ملوك ومن بعد الملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل بيتى يملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا ثم يؤمر القحطانى فوالذى بعثنى بالحق ما هو دونه ". (كتاب الاحكام ج ١٣ ص ٢١٤) . فالذى يكون بعد مرحلة الملك الجبرى التى نعيشها إنما هى خلافة المهدى ثم القحطانى المذكور فى حديث البخارى فى كتاب الفتن.
الرد:
١ - الحديث الذى ظفر به المؤلف فى الفتح لا يفرح بمثله وقد أشار إلى ذلك الحافظ إشارةً وذلك بقوله: (من طريق قيس بن جابر الصدفى عن أبيه عن جده) . وقد قال الحافظ نور الدين الهيثمى فى مجمع الزوائد ٥ / ١٩٠ فيه جماعة لم أعرفهم. فالحديث - على قول الهيثمى -سنده ضعيف فيه مجهولون.
1 / 10
الفصل الثانى: أخطاء المؤلف فى الباب الأول: علامات الساعة الصغرى
* الفصل الثانى:
٤ - قال المؤلف (أمين): جمعنا فى هذا الفصل أهم علامات الساعة الصغرى
...مشيرين إلى دليل كل علامة من صحيح السنة المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام. ثم ذكر بعد ذلك عدد ٦٥ علامة.
الرد:
لاحظ أن المؤلف قال انه سوف يشير إلى دليل كل علامة، ولكن أكثر من نصف العلامات التى ذكرها لم يذكر لها دليلًا، كما انه قال: " من صحيح السنة "، فى حين أن كثير من العلامات التى ذكرها المؤلف دليلها ضعيف، بل إن بعض الأحاديث التى سردها ضعيفة أيضًا، ونذكر من ذلك على سبيل المثال ما يلى:
٥ - قال المؤلف (أمين): العلامة رقم ٢٩
حديث: " تكون إبل للشياطين وبيوت للشياطين ". قال: حديث صحيح رواه أبو داود عن أبى هريرة، فى الصحيحة برقم ٩٣.
الرد:
ولكن هذا الحديث فيه انقطاع بين سعيد بن أبى هند وأبى هريرة، ولذلك فإن الشيخ الألبانى نقله من السلسة الصحيحة إلى السلسلة الضعيفة برقم (٢٣٠٣)؛ ولذا جاءت الطبعة الجديدة من السلسلة الصحيحة (ط. عام ١٤١٥ هـ دار المعارف) خالية من هذا الحديث الضعيف، كما أن الشيخ الألبانى ضعف الحديث فى ضعيف سنن أبى داود برقم ٥٥٣ (ط. ١٤١٢ هـ)
(ملحوظة: عندما صدر كتاب ضعيف سنن أبى داود أشار الأستاذ زهير شاويش إلى أن الشيخ قد صحح الحديث فى الصحيحة، وكانه يتعجب من ذلك، ولكن الشيخ - حفظه الله - قد بين سبب ذلك فيما بعد فى المجلد الخامس من الضعيفة ٢٣٠٣ ط. عام ١٤١٧ هـ)
٦،٧،٨،٩،١٠ - العلامات أرقام ٣٩، ٤٠،٤١،٤٢،٤٣:
ذكر حديث الترمذى عن على وأبى هريرة مرفوعًا: " إذا كان المغنم دولًا والأمانة مغنمًا والزكاة مغرمًا وأطاع الرجل زوجته وعق أمه وبر صديقه وجفا أباه وارتفعت الأصوات فى المساجد وكان زعيم القوم أرذلهم وساد القبيلة فاسقهم وأكرم الرجل مخافة شره وشربت الخمور ولبس الحرير واتخذت القينات والمعازف ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء أو خسفًا أو مسخًا وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع ". ثم أشار فى الهامش أن الحديث رواه الترمذى عن على وعن أبى هريرة وقال حديث غريب.
الرد:
لقد أتى المؤلف بمثل هذا الحديث الضعيف بالرغم من سابق قوله (مشيرين إلى دليل كل علامة من صحيح السنة المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام)، والعجيب انه ينقل قول الترمذى حديث غريب، فهل لا يعلم المؤلف أن قول الترمذى هذا معناه (١) تضعيفه للحديث؟! أم نسى المؤلف ما اشترطه على نفسه بإيراد صحيح السنة فقط؟!
أما الحديث المشار إليه فهو: من حديث على: قال الترمذى هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث على إلا من هذا الوجه ولا نعلم أحدًا روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد الأنصارى غير فرج بن فضالة وقد تكلم فيه بعض العلماء من قبل حفظه.
أما حديث أبى هريرة: فقال الترمذى حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
١١،١٢: العلامتين ٥٨، ٥٩:
قال: تحاصر العراق ويمنع عنها الطعام والمساعدات ثم تحاصر الشام كذلك فيمنع عنها الطعام والمساعدات وذكر الحديث الصحيح: " يوشك أهل العراق أن لا يجئ إليهم قفيز ولا درهم قلنا من أين ذاك، قال من قبل العجم يمنعون ذلك. ثم قال: يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار ولا مدى قلنا من أين ذلك قال من قبل الروم.. "
وقال: قد وقع هذا قريبًا جدًا، حوصرت العراق ثم حوصرت فلسطين
الرد:
نعم إن هذا يحدث الآن، ولكنه قد حدث من قبل ذلك أيضًا منذ عدة قرون. قال الإمام النووى فى شرحه على صحيح مسلم ١٨ / ٢٠ " معناه أن العجم والروم يستولون على البلاد فى آخر الزمان فيمنعون حصول ذلك للمسلمين، وقد روى مسلم هذا بعد هذا بورقات عن جابر قال: يوشك أن لا يجئ إليهم قفيز ولا درهم، قلنا من أين ذلك قال: من قبل العجم يمنعون ذاك، وذكر فى منع الروم ذلك بالشام مثله. وهذا قد وجد فى زماننا فى العراق وهو الآن موجود ". انتهى كلام النووى. كما أن الناظر إلى ما حدث فى الحروب الصليبية من قبل يعلم ذلك.
_________
(١) *) فى الغالب. (أبو حاتم)
1 / 11
الفصل الثالث: أخطاء المؤلف فى الباب الثانى
* الفصلان الثانى والثالث:
وهما من أخطر الأخطاء التى جاءت فى الكتاب، وبيان ذلك:
ماذا قال المؤلف (أمين)؟
قال: روى البخارى فى صحيحه بسنده عن عبد الله بن عمر انه سمع رسول الله ﷺ يقول:
(إنّما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أوتى أهل التوراة التوراة فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطًا قيراطًا، ثم أوتى أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا إلى صلاة العصر ثم عجزوا فأعطوا قيراطًا قيراطًا، ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين فقال أهل الكتابين: أى ربنا أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطًا قيراطًا ونحن كنا أكثر عملًا. قال: قال الله ﷿: هل ظلمتكم من أجركم من شئ؟ قالوا: لا. قال: فهو فضلى أوتيه من أشاء) .
وقال المؤلف (أمين) فى ص ٧ ط ٢: عمر أمة الإسلام هو من بعثة النبى ﷺ وإلى أن تأتى ريح لينة من جهة اليمن فتقبض أرواح المؤمنين كلهم ويكون ذلك بعد ظهور ست علامات كبرى للساعة بدءًا من الدجال وانتهاءً بالدخان وهنا ينتهى عمر أمّة الإسلام.
وقال (فى ص ٤٩ الطبعة الثانية أو ٣٥ ط ١):
" مدة عمر أمّة المسلمين = مدة عمر اليهود مطروحًا منه مدة عمر النصارى،وحيث أن مدة عمر اليهود والنصارى تزيد على ألفي سنة ومدة عمر النصارى هى ستمائة سنة، إذن بالطرح الجبرى يكون:
عمر أمّة اليهود = ٢٠٠٠ - ٦٠٠ = ١٤٠٠ سنة تزيد قليلًا
وذكر أهل النقل وكتب التاريخ العام أن هذه الزيادة تزيد عن المائة سنة قليلاّ
إذًا عمر أمّة اليهود = ١٥٠٠ سنة تزيد قليلًا
وحيث أن عمر أمّة الإسلام = عمر أمّة اليهود - عمر النصارى
إذًا عمر أمّة الإسلام = ١٥٠٠ - ٦٠٠ = ٩٠٠ سنة تزيد قليلًا
+ ٥٠٠ سنة
----------------
إذًا عمر أمّة الإسلام = ١٤٠٠ سنة تزيد قليلًا
وقد بين المؤلف (أمين) سبب الـ ٥٠٠ سنة التى أضافها فى المعادلة، ونجد أن الحساب يختلف باختلاف الطبعات:
ففى الطبعة الأولى أوضح أن:
مدة عمر اليهود تزيد على ٢٠٠٠سنة، ومدة عمر النصارى ٦٠٠ سنة وبذلك يكون:
عمر أمة الإسلام = ١٤٠٠ سنة تزيد قليلًا (٢٠٠٠ - ٦٠٠)
وهكذا تجده مرة يقول أن عمر أمة اليهود ١٥٠٠ سنة، ومرة أخرى يقول ٢٠٠٠ سنة!!!!
ولكن كل ما كان يهمه أن يجعل عمر أمة الإسلام فى جميع الأحوال = ١٤٠٠ سنة تزيد قليلًا.
ثم انه عدّل بعض نسخ الطبعة الأولى وذلك بلصق ورقة أخرى فوق ص ٣٥ من هذه الطبعة.
أمّا فى الطبعة الثانية فلما وجد حساباته قد أدت إلى أن عمر الأمة ٩٠٠ سنة،فجاء بحديث ضعيف وقال عنه انه صحيح ليكمل حساباته الخاطئة، حيث انه أوضح فى الهامش أنّ السبب ما يلى:
قال: " جاء ذلك فى حديث سعد بن أبى وقاص يرفعه إلى النبي ﷺ قال:
﴿إنّى لأرجو أن لا تعجز أمتى عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم. قيل لسعد: كم نصف يوم؟ قال: خمسمائة سنة﴾ . حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والحاكم وأبو نعيم فى الحلية وصححه العلامة الألبانى فى "الصحيحة " برقم ١٦٤٣ وفى صحيح الجامع فى عدة مواضع ". أنتهى كلام المؤلف.
الرد:
١٣ - ولكن! ما نقله المؤلف هنا واعتمد عليه بعد ذلك فى حساباته نقل غير سليم
بل انه قال إن الحديث صححه العلامة الألبانى، ولكن الألبانى لم يصححه!! وارجع إلى السلسلة الصحيحة حديث رقم ١٦٤٣ بالمجلد الرابع، ستجد أن فضيلة الشيخ الألبانى صحح الحديث باللفظ الآتى: ﴿لن يُعجَز اللهُ هذه الأمّة من نصف يوم﴾ من حديث أبى ثعلبة الخشنى مرفوعًا إلى النبي ﷺ رواه أبو داود ٤٣٤٩ والحاكم ٤ / ٤٢٤ وغيرهما.
أمّا حديث سعد بن أبى وقاص فقد ضعّفه الألبانى فى نفس المصدر السابق وفى ذات الصفحات، فعجبًا للمؤلف كيف ينقل عن الألبانى تصحيح حديث فى حين أن الألبانى ضعفه!!! حيث قال الشيخ الألبانى:
(حديث سعد بن أبى وقاص مرفوعًا، وله عنه طريقان:
الأول: عن شريح بن عبيد عنه د ٤٣٥٠ ورجاله ثقات لكن شريح بن عبيدلم يدرك سعدًا، ولفظه: ﴿إني لأرجو أن لا تعجز أمتى عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم﴾
قيل لسعد: كم نصف ذلك اليوم؟
قال: خمسمائة سنة.
الثانى: عن بكر بن أبى مريم عن راشد بن سعد عنه حم ١ / ١٧٠ والحلية ٦ / ١١٧، والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ورده الذهبي فقال: لا والله! ابن أبى مريم ضعيف ولم يرويا له شيئًا.
قال الألباني: وفى رواية الحلية والحاكم زيادة: (قيل وما نصف يوم؟ قال خمسمائة سنة)
وهى عند أحمد من قول سعد كما فى الطريق الأولى وفى رواية لأبى نعيم من قول راشد.) انتهى كلام العلامة الألبانى.
1 / 12
ومما سبق يتضح أن حديث سعد ورد مرة بطريق فيه انقطاع بين شريح بن عبيد وبين سعد وورد مرة أخرى بطريق فيه رجل ضعيف، وأن زيادة الـ ٥٠٠ سنة وردت من طريق منقطع أيضًا كما سبق، ومن طريق آخر ليس من قول سعد أصلًا وإنما من قول راشد.
وفى الحلية ٦ / ١١٩ نجد أن الحافظ أبا نعيم بعد أن سرد هذا الحديث وأحاديث أخر قال: (هذه الأحاديث كلها من مفاريد راشد فحديث سعد تفرد به ابن أبى مريم) .
قلت: وقد قال أبو زرعة: راشد بن سعد عن سعد بن أبى وقاص مرسل (انظر تهذيب التهذيب، وكذا فى جامع التحصيل فى أحكام المراسيل)،وترجم له الحافظ فى (التقريب) بقوله: ثقة كثير الإرسال.
فهذا هو حال الحديث الذى اعتمد عليه المؤلف، والذى نقل عن الشيخ الألبانى انه صححه مع أن هذا لم يحدث!!!!! والله المستعان.
* ثم قال المؤلف (أمين): كم تكون هذه الزيادة؟
يقول الإمام السيوطى فى رسالته المسماة (الكشف) فى بيان خروج المهدى يقول ﵀ ما نصه
" الذى دلّت عليه الآثار أن مدة الأمة تزيد على الألف ولا تبلغ الزيادة خمسمائة أصلًا ". رسالة الكشف عن مجاوزة هذه الأمّة الألف ص ٢٠٦
مضى من هذا القليل ثلاثون عامًا، فنحن الآن فى عام ١٤١٧ هـ نضيف إليها ثلاث عشرة سنة قبل بدء التقويم الهجرى وهى ما بين بعثة النبى ﷺ إلى هجرته فنحن الآن فى سنة ١٤١٧ من الهجرة ولكننا فى سنة ١٤٣٠ من البعثة.
فنحن إذًا بناءً على ما قدمنا من حسابات مستندين إلى كلام أئمتنا الأعلام المعتمد على ما صح من الآثار - نعيش والعالم فى حقبة ما قبل النهاية فى مرحلة الاستعداد للفتن والملاحم الأخيرة التى تسبق ظهور العلامات الكبرى.
الرد:
١٤ - قام المؤلف (أمين) باحتساب عمر الأمة الإسلامية بطريقة رياضية، وتوصل إلى أن عمر الأمة ١٤٠٠ سنه تزيد قليلًا، ويا ليته قام بعد ذلك باحتساب المدة المقصودة بطريقة رياضية صحيحة، - مع تحفظنا على الطرق الرياضية كما سيأتى مفصلًا - بل انه أخطأ فيها،وبيان ذلك:
١ - لكى نقوم بحل معادلة فيها مجهول يجب أن تكون باقى المعطيات معروفة لنا مسبقًا قبل الحل لكي نصل إلى تقدير ذلك المجهول فمثلًا: لكى نعرف قيمة الرمز (أ) فى المعادلة الآتية
(أ = ب - ج) فيجب أن يكون معلومًا لنا قيمة كل من ب، ج
فإذا علمنا مثلًا أن قيمة ب = ١٠، وقيمة ج = ٧ فإن قيمة أ = ١٠ - ٧ = ٣ فى مثالنا السابق.
٢ - بتطبيق ما سبق على المعادلة التى تم استنباطها من حديث البخارى، وهى أن:
عمر أمة اليهود = عمر أمة النصارى وعمر أمة الإسلام
أى أن: عمر أمة الإسلام = عمر أمة اليهود - عمر أمة النصارى
ولما كانت الفترة ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام = ٦٠٠ سنة حسب ما جاء فى صحيح البخارى موقوفًا على سلمان الفارسى ﵁.
فان المعادلة تصبح كالآتى: عمر أمة الإسلام = عمر أمة اليهود - ٦٠٠ سنة
ولكى نعرف عمر أمتنا لابد من تحديد عمر أمة اليهود، وإلى هنا نحن متفقون معه (١)، حيث يبدأ الخطأ من المؤلف باعتبار أن عمر أمة اليهود = ١٥٠٠ سنة تزيد قليلًا، وقد توصل المؤلف إلى هذه المدة كالآتى:
عمر أمة اليهود = ٢٠٠٠ - ٦٠٠ = ١٤٠٠ سنة تزيد قليلًا
ثم قال أن هذه الزيادة تزيد عن ١٠٠ سنة تقريبًا فتكون عمر أمة اليهود = ١٥٠٠ سنة تزيد قليلًا
ولنا هنا وقفة: من أين أتى المؤلف بالـ ٢٠٠٠ سنة؟؟ لقد أتى بها من كلام ينقله الحافظ فى الفتح: (بانه اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي ﷺ كانت أكثر من ألفى سنة) .
ولكن ... نقول للمؤلف إن الحافظ إنما قال (أكثر من ألفى سنة) أى قد تكون ٢٥٠٠ أو ٢٩٠٠ أو......الخ، وبالتالى تكون مدة اليهود إلى مبعث النبي ﷺ لا تساوى ٢٠٠٠ سنة كما أعتبرها المؤلف، بل = أكثر من ٢٠٠٠ سنة وبذلك تكون المعادلة:
عمر أمة اليهود = أكثر من ٢٠٠٠ سنة - ٦٠٠ سنة
فهل يستطيع أحد حل هذه المعادلة؟ بالقطع لا. والسبب هو ما بيناه سابقًا حيث سنواجه سؤالًا وهو ما معنى أكثر من ٢٠٠٠ سنة؟ هل ٢٥٠٠ أو ٢٩٠٠ أو......الخ فكل ذلك أكثر من ٢٠٠٠ سنة، ولا مرجّح عندنا لأى من ذلك. وإن زيادة المؤلف عبارة (٢٠٠٠ سنة تزيد قليلًا) هى تصّرف من عند المؤلف، أوقعه فى الخطأ، فإن عبارة الحافظ التى نقلها فى الفتح (أكثر من ٢٠٠٠ سنة)، وليس فيها (تزيد قليلًا) ولا غيره.
_________
(١) * وهذا على افتراض صحة ما قاله سلمان رضى الله عنه بمعنى مطابقته للحقيقة فإن هذا إنما قاله سلمان بناءً على علمه من الكتب السابقة ولم يرفع ذلك إلى النبى r فمثل هذا لا يُصدق ولا يُكذب إلا ببرهان آخر ولا سبيل إلى ذلك فلا يعتمد عليه. (أبو حاتم)
1 / 13
٣ - ثم إننا مع تحفظنا على هذه الطرق الرياضية - كما سيأتى من كلام السلف - نقول لو أردنا أن نطبق المعادلات، فإن معادلتنا ستكون كالآتى طبقًا للحديث الذى تم الاستشهاد به من صحيح البخارى: عمر أمة اليهود = مثل المدة من أول النهار إلى وقت الظهر
عمر أمة النصارى = مثل المدة من وقت الظهر إلى وقت العصر
عمر أمة الإسلام = مثل المدة وقت العصر إلى وقت المغرب
وعمر الأمم الثلاثة المجتمعة = النهار بأكمله من أوله إلى وقت المغرب
فإذا أردنا أن نطبق ذلك بالأرقام - مع تحفظنا كما سبق - فإننا أيضًا سنواجه مشكلة أخرى، وهى أن الوقت من أول النهار إلى الظهر، ومن الظهر إلى العصر، ومن العصر إلى المغرب سيختلف من يوم لآخر، ومن فصل لآخر، فليست المدة فى الصيف كالمدة فى الشتاء، وتختلف فى الصيف أو الشتاء مع الخريف أو الربيع، ولن تتساوى المدد إلا فى فصلى الخريف والربيع فقط. فعلى أى فصل سنعتمد وليس لك أن تقول إن الفرق بسيط ونحن لا نحدد تحديدًا دقيقًا وإنما نتكلم بالتقريب، ليس لك ذلك لأن طول النهار فى الصيف يزيد عن ١٥ ساعة فى حين انه يكون فى الشتاء حوالى ١١ ساعة، أى أن معدل التغير يصل إلى الربع تقريبًا، فإننا لو طبقنا أن عمر أمة مثل أمة النصارى مثلًا = الربع تقريبًا، فإننا لو طبقنا ما سبق الإشارة إليه فإننا قد نخطئ فى ما يساوي عمر أمة كاملة!! فأين المعادلات الرياضية؟؟ وكيف يمكن الاعتماد عليها مع وجود مثل كل هذه المتغيرات؟!
ثم بعد ذلك نجد متغيرًا آخر وهو: هل سنعتمد على المواقيت التى فى مكة أو التى فى المدينة أو التى فى أى مكان آخر فى الجزيرة العربية أو التى فى القاهرة أو....أو.....؟ وما الدليل على الاعتماد إلى أى واحد من هذه الاختيارات، ونحن نعلم أن مدة النهار ستختلف بحسب اختلاف الخطوط الجغرافية فمثلًا طول النهار يختلف فى القطب الشمالى عن طوله فى أوروبا عن طوله فى أفريقيا.....الخ كما هو معلوم. فهل عند المؤلف إجابة على ذلك؟؟
وبالرغم من ذلك فلو فرضنا جدلًا أننا سنعتمد على توقيت القاهرة - وكما سبق أن أى اختيار لا دليل عليه - فهل تعلم ما هى النتيجة؟
سأقدم لك الحلول على الفصول الأربع لتنتقى منها ما تشاء - مع عدم وجود دليل على أى اختيار منها أيضًا - ولكن هل نبدأ بأول الربيع أم أوسطه أم آخره؟ لا أدرى أيضًا؟
ولنفترض كذلك أننا نبدأ بأول كل فصل لتصبح المعادلة كلها تنجيمًا، فأول الربيع ٢١ مارس، وأول الصيف ٢١ يونيو، وأول الخريف ٢٣ سبتمبر، وأول الشتاء ٢٢ ديسمبر
(ملحوظة: تم تجاهل التوقيت الصيفى تسهيلًا للقارئ، وتم الاعتماد على نتيجة الشمرلى)
اليوم
فجر
ظهر
عصر
مغرب
طول النهار من الفجر إلى العشاء
٢١ مارس
٣٢: ٤
٠٢: ١٢
٣٠:٣
٠٧: ٦
٣٥: ١٣
٢١ يونيو
٠٨: ٣
٥٧: ١١
٣٢: ٣
٥٩:٦
١٢: ١٥
٢٣ سبتمبر
١٦: ٤
٤٦: ١١
١٤: ٣
٥١: ٥
٣٥: ١٣
٢٢ديسمبر
١٤: ٥
٥٣: ١١
٤٠: ٢
٠٠: ٥
٠٦: ١١
ولو احتسبنا المدد من الفجر إلى الظهر، ومن الظهر إلى العصر، ومن العصر إلى المغرب بالساعات ثم حولناها إلى دقائق فإننا سنحصل على النتيجة، وقد أضفت إليها حسابًا آخر وهو احتساب النسبة المئوية التى توضح نسبة كل مدة من طول النهار.
والنتيجة كالآتى:
اليوم
من الفجر إلى الظهر
مدة أمة اليهود
من الظهر إلى العصر
مدة أمة النصارى
من العصر إلى المغرب
مدة أمة الإسلام
من الفجر إلى المغرب طول النهار
٢١ مارس
٤٥٠ دقيقة
٥٥.٢ %
٢٠٨
٢٥.٥ %
١٥٧
١٩.٣ %
٨١٥
١٠٠ %
٢١ يونيو
٥٢٩
٥٥.٦٣ %
٢١٥
٢٢.٦ %
٢٠٧
٢١.٧٧ %
٩٥١
١٠٠ %
٢٣ سبتمبر
٤٥٠
٥٥.٢ %
٢٠٨
٢٥.٥ %
١٥٧
١٩.٣ %
٨١٥
١٠٠ %
٢٢ديسمبر
٣٩٩
٥٦.٥٢ %
١٦٧
٢٣.٦٥ %
١٤٠
١٩.٨٣ %
٧٠٦
١٠٠ %
ويتضح مما سبق اختلاف المدة حسب الفصول كما أشرنا، بالإضافة إلى الاختلاف فى طول النهار
... والآن: تعال نترجم هذه النسب المئوية إلى سنين - مع تحفظنا كما سبق - لنصل إلى النتيجة وستكون أكثر إثارة ودهشةً، وهى كالآتى:
الوقت
مدة اليهود
مدة النصارى
مدة المسلمين
الربيع
١٢٩٨ سنة
٦٠٠
٤٥٢.٩ سنة
الصيف
١٤٧٦.٢٨ سنة
٦٠٠
٥٧٧.٦٧ سنة
الخريف
١٢٩٨ سنة
٦٠٠
٤٥٢.٩ سنة
الشتاء
١٤٣٣.٥٣ سنة
٦٠٠
٥٠٢.٩٩ سنة
(يلاحظ أننا ثبتنا مدة النصارى لانها واردة هكذا فى صحيح البخاري من كلام سلمان الفارسى (١)، وتم احتساب باقى المدد بنظام التعويض الحسابى بعد ذلك)، وهكذا نكتشف أن الطريقة الرياضية غير سليمة فى نتيجتها.
_________
(١) * وقد اعتمدها المؤلف صاحب عمر أمة الإسلام برغم ما سبق التنبيه عليه من أن الحديث موقوف فلا يعتمد عليه وإنما يجاريه أخونا أبو عمرو من باب إقامة الحجة عليه بما اعتمده والله المستعان. (أبو حاتم)
1 / 14
وليس لك أن تقول ان معادلتك أصح من المعادلة التى قدمتها لك، ليس لك ذلك لأن المعادلة التى قدمتها لك تم الاعتماد فيها على ألفاظ واردة في أحاديث صحيحة (حيث أن ألفاظ أول النهار والظهر والعصر وآخر النهار كلها واردة فى الحديث وكذلك مدة الـ ٦٠٠ عام في البخارى عن سلمان)، أما المعادلة التى قدمتها أنت فاعتمدت فيها على نقل الحافظ ابن حجر الذى نقله هو الآخر عمن سمّاهم أهل النقل الذين اتفقوا على أن مدة أمتى اليهود والنصارى أكثر من ألفى عام، ومع كون هذه العبارة مطاطة وتحتمل احتمالات كثيرة جدًا. (١)
وقد قال د. القرضاوى - كما سيأتى تفصيلًا فيما بعد -:
(لا يقيم المحققون وزنًا لروايات " الإخباريين " ولا يعتمدون عليها ويعيبون من ينقل عنها فى الكتب المعتبرة...) .
وباختصار: بما انه ورد في صحيح البخاري أن مدة النصارى ٦٠٠ سنة، ومثّل لذلك بالمدة من الظهر إلى العصر، فى حين انه ﷺ مثّل لمدة المسلمين بالمدة من العصر إلى المغرب، إذًا فإن مدة المسلمين أقل من مدة النصارى لأن الوقت من العصر إلى المغرب أقل من الوقت من الظهر إلى العصر دائمًا. وهذا هو ما فهمه الحافظ ابن حجر أشار إليه فى الفتح حيث يتضح من كلامه رحمه الله تعالى انه قام باحتساب المدة بالطريقة التى قدمتها لك - كما سنبين بعد قليل - ثم أكد رفضه لاحتساب المدة بناءً على هذا الحديث كما سيأتى.
وحتى إننا لو أضفنا إلى هذه الحسابات مدة الـ ٥٠٠ سنة (التى هى = نصف يوم) فإن النتيجة ستكون خطأ أيضًا، لأن مدة الأمة ستكون أقل من ٦٠٠ سنة زائد ٥٠٠ سنة = أقل من ١١٠٠ سنة، ونحن الآن قد جاوزنا ١٤٠٠ سنة كما هو معلوم. ومن يدرى؟ .. ربما.. يطلع علينا من يخبرنا أن الأمة قد انتهت فعلا منذ عدة قرون معتمدًا على الطرق الرياضية، ثم بعد ذلك إما أن يقول:
١ - إننا الآن لسنا مسلمين لأن الأمة انتهت.
٢ - أو أننا الآن فى يوم القيامة وما يلاقيه الناس الآن هو العذاب والنعيم والجنة والنار!!!!!!!
ربما، ولا أستبعد أن يحدث ذلك فى زمن العجائب، فى زمن يطلع علينا فيه من ينكر نزول المسيح وظهور المهدى المنتظر، وفى ذات الوقت يظهر من يقول أن ذلك سيحدث عام كذا وكذا ...، والغريب أن كليهما يعنف تعنيفًا شديدًا ويوبخ من يعترض على كلامه بل ويستهزأ بالمعترض عليه!! والأغرب انهما يتكلمان فى بلدة واحدة، بل وفى حىّ واحد، بل وفى مسجدين متجاورين!!!
وما نقله المؤلف (أمين) عن الحافظ (بانه اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي ﷺ كانت أكثر من ألفى سنة) وأن مدة النصارى من ذلك ستمائة سنة أى أن مدة عمر اليهود تزيد عن ١٥٠٠ سنة يحتاج إلى تدقيق وتحقيق فقد كتب د. أحمد شلبى فى كتابه (اليهودية) أن خروج اليهود من مصر كان حوالى سنة ١٢١٣ ق. م، ويشير د. حسين شريف فى كتابه (المفهوم السياسى والإجتماعى لليهود عبر التاريخ) كان حوالى من عام ١٢٩٠ - ١٢٢٥ ق.م
وأما ما نقل عن سلمان الفارسى رضى الله عنه من أن الفترة ما بين عيسى ومحمد ﷺ ستمائة سنة، فإننا نقول هذا أيضًا يحتاج إلى تدقيق - مع تسليمنا بصحة السند إلى سلمان - فهل المدة ٦٠٠ سنة بالتمام أم انه قال ذلك على التقريب (٢)، فإن ميلاد النبى ﷺ كان فى عام ٥٧١ م (كما أشار إلى ذلك المباركفورى فى الرحيق المختوم)، وسيأتيك أيضًا فيما بعد قول د. القرضاوى: " مما ينبغى أن يحذر منه قارئ التفسير الأقوال الضعيفة بل الفاسدة فى بعض الأحيان وهى أقوال صحيحة النسبة إلى قائليها من جهة الرواية، ولكنها سقيمة أو مردودة من جهة الدراية، وليس هذا بمستغرب ما دامت صادرة عن غير معصوم. فكل بشر يصيب ويخطئ وهو معذور فى خطئه بل مأجور أجرًا واحدًا وإذا كان بعد تحر واجتهاد واستفراغ الوسع فى الطلب " اهـ.
وهل السنون المشار إليها بالهجرى أم بالميلادى أم أن بعضها بالهجرى وبعضها بالميلادى؟
ونلاحظ أننا إذا قلنا ان خروج اليهود من مصر كان فى عام ١٢١٣ ق.م فإن هذا سيجعل عمر أمّة اليهود ١٢٠٠ سنة فقط أو ١٢٥٠ بدلًا من ١٥٠٠ سنة، وهكذا نجد أن الأمر ليس قاطعًا وأن الفروق بمئات السنين!!!!
_________
(١) أثناء كتابة هذا الرد فإذا بكتاب فى الأسواق عن سنة ظهور المهدى ونزول عيسى ﵇، وقام مؤلفه بتحديد سنوات بناء على حساباته وهذه السنوات تختلف عن الحسابات التى حددها المؤلف (أمين)، والكارثة أن صاحب الكتاب سمى حساباته (بالحساب القرآنى)،ثم أتبع كتابه هذا بكتاب آخر، وهكذا فإن أمثال هؤلاء يسيؤن للإسلام من حيث يشعرون أو لا يشعرون، فماذا سيقول أمثال هذا عندما يتضح أن حسابه - الذى أسماه بالقرآنى- حساب غير سليم؟؟!!!
(٢) * سبق التعليق على مثل هذا وأنه لا يعتمد عليه.قاله تحديدًا أم على التقريب. (أبو حاتم)
1 / 15
ثانيًا: ما هى درجة الإمام السيوطى فى التدقيق والتحقيق:
١٥ - يقول العلاّمة الألبانى فى مقدمة صحيح الجامع ١/٢٥: (السيوطى نفسه معروف بتساهله فى التصحيح والتحسين من جهة، وبانه ليس من أهل النقد والدقة من جهة أخرى) .
- ثمّ ساق الشيخ الألبانى أمثلة للأحاديث التى رمز لها السيوطى بالصحة أو بالحسن فقال الألبانى وهى فى نقد المناوى وغيره من الأئمة النقاد ضعيفة أكثر من أن تحصر وأمّا الأحاديث التى سكت عليها وهى ضعيفة فحدث عن البحر ولا حرج، بل إنّ بعضها قد ضعّفها مخرجها الذى عزاه السيوطى إليه ولم يحك هو كلامه أصلًا.
ثمّ قال الشيخ الألبانى: لا بد أن نذكر حقيقة أخرى تؤكد ما سبق بيانه من تساهل السيوطى وقلة تحقيقه وهى تتجلى فى قوله فى أول كتابه (الجامع الصغير): "وصنته عما تفرد به وضّاع أو كذاب " فقد تبين للمحققين النقّاد انه لم يصنه عمّا زعم! انتهى كلام الشيخ الألبانى ملخصًا.
ثالثًا:
١٦ - ما هى رسالة الكشف التى أعتمد عليها المؤلف والتى بنى عليها حساباته:
هذه الرسالة وأرقام الصفحات التى يحيل عليها المؤلف ليست رسالة مطبوعة طبعة مستقلة، وقد كنت أظنّ عندما أقرأ قول المؤلف: قال السيوطى فى ص ٢٠٦- أن هذه الرسالة كبيرة الحجم، ولكن اكتشفت انها تتكون من ٤ ورقات فقط، أمّا الأرقام التى يحيل عليها المؤلف فبسبب أن الرسالة مطبوعة ملحقة بمعجم الطبرانى الصغير ط.العلمية، وبعد انتهاء ج ٢ من المعجم أورد الناشر عدة رسائل منها رسالة الكشف. كما أن هذه الرسالة مطبوعة أيضًا ضمن كتاب الحاوى للسيوطى ج ٢ رحمه الله تعالى.
وهذه الرسالة أوردها الشيخ ابن أبى علفة فى كتابه (معجم البدع) ط. دار العاصمة، محذراّ منها ضمن الكتب التى احتوت على البدع، فقال فى ص ٥٧٩: (حدد فيه عمر الدنيا وانها كم سنة ستكون وشحنها بالأحاديث الباطلة والإسرائيليات) . اهـ.
-كما أوردها الشيخ / مشهور حسن آل سلمان فى كتابه (كتب حذّر منها العلماء) - والذى قدم له فضيلة الشيخ العلاّمة / بكر عبد الله أبو زيد - ط. دار الصميعى فقال فى ص ١٤٠ ج ١: ذكر فيها عددًا من الأحاديث - ولم يصحّ منها شئ - والآثار - وأغلبها من الإسرائيليات - التى فيها تحديد عمر الدنيا وانها كم سنة تكون، قال: "الذى دلّت عليه الآثار أنّ مدة هذه الأمّة تزيد على ألف سنة، ولا تبلغ الزيادة عليها خمسمائة سنة ". وأقام رسالته هذه فى هذا الأمر الخطير على آثار بواطيل، قائمة على تواريخ وحسابات، جمعها الصنعانى (١) - كما فى كتاب "الإذاعة" (٢) ص ١٨٤ - فبلغت معه مئتى سنة وثلاثًا وستين سنة،ثمّ قال الصنعانى: ونحن الآن فى القرن الثانى عشر، ويضاف إليه مئتان وثلاث وستون سنة؛فيكون الجميع أربعة عشرة مئة وثلاثة وستين "، ثم قال متعقبًا السيوطى: " وعلى قوله: انه لا يبلغ خمسمائة سنة بعد الألف يكون منتهى بقاء الأمّة بعد الألف أربع مئة سنة وثلاثًا وستين سنة، ويتخرج منه أن خروج الدجال - أعاذنا الله من فتنه - قبل انخرام هذه المئة التى نحن فيها، وهى المئة الثانية عشرة من الهجرة النبوية ".
وعقّب على قول الصنعاني السابق - الشيخ القنوّجى؛ فقال:
" وقد مضى إلى الآن على الألف نحو من ثلاث مئة سنة، ولم يظهر المهدى! ولم ينزل عيسى! ولم يخرج الدجال،؛ فدلّ على أن هذا الحساب ليس بصحيح ".
ونقل أيضًا فى "الإذاعة" ص ١٨٧ عن الشيخ مرعى الكرمي في " بهجة الناظرين " متعقبًا السيوطى بقوله:
" وهذا مردود؛ لأنّ كل من يتكلم بشئ من ذلك؛ فهو ظنّ وحسبان، لا يقوم على برهان " وقد اعتنى السيد / محمد رشيد رضا فى تفسير المنار (٣) ٩ / ٤٧٠ - ٨٢ بنقد كتاب السيوطى هذا؛ فارجع إليه. انتهى كلام الشيخ مشهور.
وإني أسأل المؤلف (أمين) لماذا تنقل بعض كلام الصنعانى والقنوجى وتنقل من رسالة الإذاعة كما أثبت ذلك فى ثبت مراجعك ثم تترك باقى كلامهما مع أن ما تركته يهدم ما نقلته، وليس ذلك فى كلامهما فقط، وإنما فى كلام غيرهما أيضًا، حتى فى كلام الإمام السيوطى نفسه، فقد قال ﵀ فى ذات الرسالة (الكشف):
أقل ما يجوز أن يكون خروجه - يقصد الدجال - على رأس الألف إن لم يتأخر إلى مائة بعدها
وإننا إذا لخصنا كلام السيوطى نجد انه يرى الآتى:
_________
(١) هو العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعانى، وقد جمع ذلك فى كتاب (رسالة شريفة) .
(٢) كتاب (الإذاعة لما كان وما يكون بين يدى الساعة)، وهو للعلامة أبى الطيب محمد صديق خان بن حسن البخارى القنوجى. وسيكون لنا وقفات مع هذا الكتاب والذى قبله فى بحثنا هذا لأنهما من أحسن ما كتب فى الرد على ما قاله السيوطى.
(٣) *) يقول فيه شيخنا أبو عبد الحمن مقبل بن هادى الوادعى: وهو بالظلام أشبه. اهـ. وهذا لكثرة ما فيه من موافقته للمعتزلة وأدعياء العقلانية هداهم الله. (أبو حاتم)
1 / 16
١ - خروج الدجال سيكون فى عام ١٠٠٠ هـ أو ١١٠٠ هـ
٢ - أن عيسى ﵇ يمكث فى الأرض ٤٠ سنة
والناس يمكثون بعد طلوع الشمس من مغربها ١٢٠ سنة٠
وأن بين النفختين ٤٠ سنة
-------
فيكون مجموع ذلك ٢٠٠ سنة لا بد منها
٣- أن عمر الأمّة ينتهى عام ١٥٠٠ هـ على الأكثر، وهذا يعنى انه قبل هذا التاريخ تكون العلامات الست الكبرى قد ظهرت وهى: الدجال ونزول عيسى ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها والدابة والدخان. وبعد ظهور هذه العلامات تأتى ريح لينة من قبل اليمن فتقبض أرواح المؤمنين جميعًا.
وكلام السيوطى هذا يهدم نفسه، وذلك انه إذا كان خروج الدجال (أو المهدى) على رأس مائة سنة ونحن الآن فى سنة ١٤٣٠ من البعثة النبوية فهذا يعنى أن ظهور الدجال عام ١٥٠٠ مثلًا ثم نزول المسيح والذى يمكث أربعين سنة لنصبح فى عام ١٥٤٠، ثم الفترة بعد طلوع الشمس من مغربها ١٢٠ سنة فنصبح فى عام ١٦٦٠ هـ .....فإنك ترى بذلك أن المدة تتجاوز سنة ١٥٠٠ قطعًا، وأما إذا ظهر الدجال بعد ذلك فإن المدة تزيد عن ذلك.
كما أن الأيام قد أثبتت الخطأ فى كلام السيوطى حين قال فى رسالته هذه ان خروج المهدى فى عام ١٠٠٠ هـ أو ١١٠٠ هـ.
ثالثًا:
١٧ - كيف حسب السيوطى هذه الحسابات:
لقد اعتمد السيوطى على الآثار الآتية: (١)
١- " الدنيا منذ يوم خلقت إلى يوم أفنيت وذلك سبعة آلاف سنة " رواه الحكيم الترمذى فى نوادر الأصول حدثنا صالح بن محمد أنبأنا يعلى بن هلال (٢) عن ليث عن مجاهد عن أبى هريرة مرفوعًا.
٢ - " عمر الدنيا سبعة آلاف سنة " رواه ابن عساكر من طريق الحسين بن داود البلخى أنبأنا شقيق بن ابراهيم الزاهد أنبأنا أبو هاشم الأبلى عن أنس مرفوعًا.
٣ - " الدنيا سبعة آلاف سنة وأنا فى آخرها ألفًا " رواه البيهقى فى الدلائل عن الضحاك بن رمل الجهنى مرفوعًا، وقال السيوطى: وأورده السهيلى فى الروض وقال هذا الحديث وإن كان ضعيف الإسناد فقد روى موقوفًا عن ابن عباس من طرق صحاح انه قال: " الدنيا سبعة أيام كل يوم ألف سنة، وبعث رسول الله ﷺ فى آخرها ".
٤ –﴾ عمر الدنيا سبعة أيام من أيام الآخرة، وقال الله تعالى (وإن يومًا عند ربك كألف سنة مما تعدون) ﴿. أخرجه ابن عدى من طريق العلاء بن زيد عن أنس مرفوعًا.
(وهذا الحديث مروى من طريق عمر بن يحيى حدثنا العلاء بن زيد عن أنس، ولكن حدث خطأ فاحش فى طباعة رسالة السيوطى المطبوعة مع معجم الطبرانى الصغير والتى نقل منها المؤلف (أمين) وبالرغم من ذلك لم ينتبه لذلك، حيث ورد السند كما يلى: أنبأنا عمر بن يزيد عن أنس، وهذا اسناد خطأ لا وجود له!! حيث تم حذف (بن يحيى حدثنا العلاء بن) وتم استبدالها بحرف (يـ) ثم لصقت هذه الياء مع اسم (زيد) ليصبح (يزيد) !!!!! ثم يأتى بعد ذلك المؤلف (أمين) ليتهم أخوانه الذين يردون عليه أخطاءه بالضعف العلمى و..و.. كما سترى منه ذلك بعد قليل فى كتابه (رد السهام)، والله المستعان.
رابعًا: ما هو حال هذه الأحاديث من الصحة والضعف:
أما الحديث الأول وهو حديث أبى هريرة:
فى اسناده ليث بن أبى سليم (٣)
_________
(١) وفى النسخ المطبوعة من رسالة السيوطى (الكشف) تصحيفات كثيرة جدًا فى الاسانيد واسماء الرجال!!
(٢) كذا فى النسخة رسالة الكشف المطبوعة مع معجم الطبرانى الصغير، وايضا فى النسخة المطبوعة ضمن كتاب الحاوى للفتاوى، ولكن الصواب معلى بن هلال – كما سيأتى بيانه.
(٣) قال علماء الجرح والتعديل فيه ما يلى باختصار:
ضعفاء العقيلى ٤/١٤ كان ابن عيينة يضعف ليث بن أبي سليم. حدثنا عبد الله قال سمعت أبي يقول ليث بن أبي سليم مضطرب الحديث ولكن حدث عنه الناس. حدثنا عبد الله قال سمعت أبي يقول ما رأيت يحيى بن سعيد أسوأ رأيا في أحد منه في ليث ومحمد بن إسحاق وهمام لا يستطيع أحد أن يراجعه فيهم. وعن يحيى بن معين: ليث بن أبي سليم ضعيف إلا أنه يكتب حديثه
الضعفاء والمتروكين للنسائى ص ٩٠: ليث بن أبي سليم ضعيف كوفي.
الكاشف للذهبى ٢/١٥١: فيه ضعف يسير من سوء حفظه م مقرونا
تهذيب الكمال ٢٤ / ٢٧٩: عن مؤمل بن الفضل قلنا لعيسى بن يونس لم لم تسمع من ليث بن أبي سليم قال قد رأيته وكان قد اختلط وكان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن. اقال ابن أبي حاتم سمعت أبي يقول ليث بن أبي سليم أحب إلي من يزيد بن أبي زياد كان أبرأ ساحة يكتب حديثه وكان ضعيف الحديث. وقال أيضا سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ليث لا يشتغل به هو مضطرب الحديث. وقال أيضا سمعت أبا زرعة يقول ليث بن أبي سليم لين الحديث لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث.
تهذيب التهذيب ٨/٤١٧: قال ابن سعد كان رجلا صالحا عابدا وكان ضعيفا في الحديث. وقال ابن حبان اختلط في آخر عمره فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم تركه القطان وابن مهدي وابن معين وأحمد كذا قال. وقال الترمذي في العلل الكبير: قال محمد كان أحمد يقول ليث لا يفرح بحديثه، قال محمد: وليث صدوق يهم. وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم، وقال الحاكم أبو عبد الله: مجمع على سوء حفظه. وقال الجوزجاني: يضعف حديثه. وقال البزار: كان أحد العباد إلا أنه أصابه اختلاط فاضطرب حديثه وإنما تكلم فيه أهل العلم بهذا وإلا فلا نعلم أحدا ترك حديثه.
وقال يعقوب بن شيبة: هو صدوق ضعيف الحديث. وقال ابن شاهين في الثقات: قال عثمان بن أبي شيبة ليث صدوق ولكن ليس بحجة. وقال الساجي صدوق فيه ضعف كان سيء الحفظ كثير الغلط كان يحيى القطان بآخره لا يحدث عنه. وقال بن معين منكر الحديث وكان صاحب سنة روى عن الناس إلى أن قال الساجي وكان أبو داود لا يدخل حديثه في كتاب السنن.
تقريب التهذيب: صدوق اختلط أخيرًا (وفى نسخة كثيرًا كما أفاد الشيخ الألبانى حفظه الله تعالى) ولم يتميز حديثه فترك.
قال البيهقى فى السنن ٧ / ١٩٢: ليث بن أبى سليم لا يحتج به. وقال الحافظ فى فتح البارى: وليث ضعيف، وقال: وفي الإسناد ليث بن أبي سليم وهو ضعيف وأما قول عطاء فوصله بن أبي شيبة عنه بمثله ورجال إسناده ثقات. وقال ٢/ ٢٥٠: ليث ضعيف. وقال: ليث بن أبي سليم حديثه يستشهد به.
وقال الشيخ الألبانى فى السلسلة الضعيفة ٢ / ٢٩ ح ٥٣٣: ليث ضعيف لاختلاطه كما بينه ابن حبان. وقال فى الصحيحة ١ / ١٩، ٣ / ٣٦١: ليث ضعيف يمكن ان يستشهد به.
1 / 17
، وخلاصة الكلام فيه انه ضعيف وكان قد اختلط ويمكن أن يستشهد به ولكن لا يصل حديثه لدرجة الاحتجاج به. والله أعلم.
- وفى اسناده أيضًا معلى بن هلال، وهو الراوى عن الليث بن أبى سليم، ولكن اسمه قد حرف فى رسالة السيوطى إلى يعلى بن هلال، وقد اعيانى البحث عن يعلى – هذا – فلم أجده بالرغم من طول البحث، ولما كانت نسخة نوادر الأصول للحكيم الترمذى التى فى أيدينا بدون ذكر للأسانيد وهو الذى زاد الأمر صعوبة، فتوقعت أن يكون هذا الاسم محرفًا، وقد كان ما توقعته صحيحًا، فإن معلى بن هلال هو من الذين رووا عن الليث بن أبى سليم، والحمد لله على توفيقه.
ومعلى بن هلال قد اتفق النّقّاد على تكذيبه، كما قال الحافظ ابن حجر فى التقريب (١)
٢- والحديث الثانى وهو حديث أنس الذى رواه ابن عساكر
فى اسناده الحسين بن داود البلخى، وهو ضعيف (٢)
وفى اسناده أيضًا أبو هاشم الأبلى: وهو منكر الحديث (٣)
٣ – الحديث الثالث وهو الذى رواه البيهقى فى الدلائل من حديث ابن زمل فقد مضى الكلام عليه مطولًا والذى قال عنه الحافظ فى الفتح ١١ / ٣٥٨، ٣٥٩ اسناده ضعيف جدًا وقال ابن الأثير ألفاظه موضوعة، بل وضعفه البيهقى نفسه فى الدلائل وحكم عليه محقق الكتاب بأنه حديث موضوع.. فراجعه فى الفصل الأول من هذا الكتاب.
ونضيف هنا إلى ما سبق أن الحافظ ابن رجب قال فى فتح البارى له (٤ / ٣٣٦):
حديث ابن زمل مرفوعًا: (إن الدنيا سبعة الاف سنة، وأنه ﷺ فى آخرها ألفًا) وإسناده لا يصح. أهـ.
٢ – أما الحديث الرابع الذى أخرجه ابن عدى من طريق العلاء بن زيد (زيدل) عن أنس مرفوعًا، بل وادعى المؤلف أن اسناده حسن؛ ولذلك سنطيل قليلًا فى الرد عليه
أولًا: الحديث ذكره الحافظ ابن الجوزى فى الموضوعات ٢/٤٦٠ (٤) وقال:
هذا حديث موضوع على رسول الله ﷺ، والمتهم به علاء بن زيدل.
ثانيًا: نقول هذه أقوال ائمة الجرح والتعديل (٥) فى العلاء بن زيد (ويقال له ابن زيدل أيضًا):
قال البخارى (٦): عن أنس رضي الله تعالى عنه: منكر الحديث
قال ابن عدى (٧): العلاء بن زيد الثقفي ويقال له بن زيدل بصري يكنى أبا محمد ويحدث عن أنس بأحاديث عداد مناكير، وهو منكر الحديث.
_________
(١) وهذه أقوال العلماء فيه: مُعلّى بن هلال بن سُويد الطّحان الكوفي العابد، قال ابن المبارك وابن المديني: كان يضع الحديث. وقال ابن معين: هو من المعروفين بالكذب والوضع. وقال أحمد: كل أحاديثه موضوعة، قال أبو طالب عن أحمد: متروك الحديث، حديثه موضوع كذب. وقال عباس الدوري عن ابن معين: ليس بثقة، كذاب. وقال البخاري: تركوه. وقال أبو عبيد الاَجري عن أبي داود: غير ثقة، ولا مأمون، وقال النسائي: كذاب. وقال مرة: يضع الحديث. كان سفيان الثوري لا يرمي أحدًا بالكذب إلا معلى بن هلال. وقال أبو الوليد الطيالسي: رأيت معلى بن هلال يحدث بأحاديث قد وضعها. سئل أبو زرعة عن المعلى بن هلال: ما كان تنقم عليه؟ فقال: الكذب. وقال أبو أحمد بن عدي: هو في عداد من يضع الحديث.
وقال الأزدي: متروك. وقال الجوزجاني، والعجلي، وعلي بن الحسين بن الجنيد: كذاب. وقال الدراقطني: كان يضع الحديث. وقال ابن حبان: كان يروي الموضوعات عن قوم أثبات لا تحل الرواية عنه بحال. (وانظر تهذيب الكمال، تهذيب التهذيب، تقريب التهذيب، الكشف الحثيث بمن رمى بوضع الحديث)
(٢) قال علماء الحديث عنه ما يلى:
الكشف الحثيث عمن رمى بوضع الحديث لابن العجمى ص٩٨: وقال الحاكم في التاريخ روى عن جماعة لا يحتمل سنه السماع منهم كمثل بن المبارك وأبي بكر بن عياش وغيرهما وله عندنا عجائب يستدل بها على حاله.
تاريخ بغداد ٨/٤٤: ولم يكن الحسين بن داود ثقة فإنه روى نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس أكثرها موضوع. عن محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري الحافظ قال حسين بن داود بن معاذ البلخي لم ينكر تقدمه في الأدب والزهد الا أنه روى عن إبراهيم بن هدبة عن أنس بن مالك عن جماعة لا يحتمل سنه السماع منهم مثل بن المبارك والنضر بن شميل والفضيل بن عياض وأبي بكر بن عياش وشقيق البلخي وأكثر من المناكير في رواياته.
(٣) ضعفاء العقيلى ٤/٨ لا يتابعه إلا نحوه في الضعف.
الضعفاء الكبير للبخارى ص ٩٧ كثير بن عبد الله أبو هاشم أراه الإبلي عن أنس منكر الحديث
الضعفاء والمتروكين النسائى ص ٩٠ كثير أبو هاشم يروي عن أنس متروك الحديث.
(٤) الموضوعات ط. دار الكتب العلمية.
(٥) تم الاستعانة فى ترجمة العلاء باسطوانة (الموسوعة الذهبية للحديث النبوى الشريف وعلومه) اصدار مركز التراث لأبحاث
الحاسب الآلى بالأردن الاصدار الأول.
(٦) التاريخ الكبير للبخارى ٦ / ٥٢٠
(٧) الكامل فى الضعفاء لابن عدى ٥ / ٢٢٠
1 / 18
وقال ابن أبى حاتم: سألت أبى عنه فقال منكر الحديث متروك الحديث.. كان أحمد بن حنبل يتكلم فيه
وقال ابن حبان (١): يروي عن أنس بن مالك بنسخة موضوعة لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل التعجب..روى عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ﷺ: (ثم ذكر عدة أحاديث منها): عن أنس بن مالك عن النبي ﷺ قال: (الدنيا كلها سبعة أيام من الآخرة وذلك قوله جل وعلا وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون)
ثم قال: أخبرنا بهذه الأحاديث محمد بن زهير أبو يعلى بالأبلة قال حدثنا عمر بن يعلى الأبلي قال حدثنا العلاء بن زيدل عن أنس بن مالك في نسخة كتبناها عنه بهذا الإسناد كلها موضوعة مقلوبة.
وفى تهذيب الكمال ٢٢ / ٥٠٦: قال علي بن المديني: كان يضع الحديث
وقال أبو داود: متروك الحديث
وقال الدارقطني: متروك
وفى تهذيب التهذيب ٨ / ٢٢ وقال النسائي: ضعيف
وقال الحاكم: يروي عن أنس أحاديث موضوعة
وقال العقيلي: نسبه أبو الوليد الطيالسي إلى الكذب
وقال ابن شاهين في الضعفاء قال ابن معين: ليس بثقة
وقال أبو نعيم (٢): يروي عن أنس أحاديث موضوعة سكن الأبلة لا شيء
وقال الحافظ ابن حجر (٣): العلاء بن زيد ويقال زيدل بزيادة لام الثقفي أبو محمد البصري
متروك ورماه أبو الوليد بالكذب
وقال العقيلى (٤): منكر الحديث
١٨– أما ما قاله الطبرى فى مقدمة تاريخه:
فقد رد عليه الحافظ ابن حجر العسقلانى فى فتح البارى (١١ / ٣٥٨) فقال:
(قلت - القائل ابن حجر -: السابق إلى ذلك أبو جعفر بن جرير الطبرى فانه أورد فى مقدمة تاريخه عن ابن عباس قال: (الدنياجمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة وقد مضى ستة آلاف ومائة سنة) . بن يحيى حدثنا العلاء بن وأورده من طريق يحي بن يعقوب عن حمّاد بن أبى سليمان عن سعيد بن جبير عنه، ويحي هو أبو طالب القاص الأنصاري، قال البخاري: منكر الحديث،وشيخه هو فقيه الكوفة وفيه مقال) . ا. هـ
فهذا هو الأثر الموقوف على عبد الله بن عباس من كلامه، وقد تبين عدم صحة إسناده إليه كما قال الطبرى.
١٩- خامسًا: القول بالحساب رده أئمة أعلام، وهذه أقوالهم:
١ - الحافظ ابن حجر:
قال ﵀ لدى شرحه لحديث ﴿بعثت أنا والساعة كهاتين﴾ بعد أن أستعرض أقوال بعض أهل العلم فى تحديد عمر الدنيا فى فتح البارى (١١ / ٣٥٨):
(قال عياض: حاول بعضهم فى تأويله أن نسبة ما بين الاصبعين كنسبة ما بقى من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى وأن جملتها سبعة آلاف سنة واستند إلى أخبار لاتصح ...وذكر ما أخرجه أبو داود فى تأخير هذه الأمة نصف يوم وفسره بخمسمائة سنة ...وقال: وقد ظهر عدم صحة ذلك لوقوع خلافه ومجاوزه هذا المقدار ولو كان ذلك ثابتًا لم يقع خلافه. قلت: - القائل ابن حجر - وقد انضاف إلى ذلك منذ عهد عياض إلى هذا الحين ثلاثمائة سنة) .
وأقول وقد توفى ابن حجر عام ٨٥٢ هـ أى مضى ما يقرب من خمسة قرون أخرى.
٢- القاضى أبو بكر بن العربى المالكى:
ثم قال الحافظ: (قال ابن العربى:..... الصواب الإعراض عن ذلك)
٣- الحافظ ابن كثير:
قال ابن كثير فى النهاية فى الفتن (١ / ١٢ ط. العلمية): المقطوع به أن ما بقى من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى منها شئ يسير جدًا ومع هذا لا يعلم مقداره على التبيين والتحديد إلا الله ﷿ كما لا يعلم مقدار ما مضى إلا الله ﷿، والذى فى كتب الإسرائيليين وأهل الكتاب من تحديد ما سلف بألوف ومئات من السنين قد نصّ غير واحد من العلماء على تخبطهم فيه وتغليطهم وهم جديرون بذلك حقيقون به، وقد ورد فى حديث " الدنيا جمعة من جمع الآخرة "، ولا يصحّ إسناده أيضاّ، وكذا كل حديث ورد فيه تحديد يوم القيامة على التعيين لا يثبت إسناده. "
وقال الحافظ ابن كثير أيضًا (١ / ١٢٦) بعد أن ساق أحاديث قرب قيام الساعة، ومنها الأحاديث السابق الإشارة إليها، قال ﵀:
(وهذا كله يدل على أن ما بقى بالنسبة إلى ما مضى كالشئ اليسير لكن لا يعلم مقدار ما بقى إلا الله ﷿ ولم يجئ فيه تحديد يصح سنده عن المعصوم حتى يصار إليه ويعلم نسبة ما بقى إليه
ولكنه قليل جدًا بالنسبة إلى ما مضى، وتعيين وقت الساعة لم يأت به حديث صحيح بل إن الآيات والأحاديث دالة على أن علم ذلك مما استأثر الله ﷾ به دون أحد من خلقه) اهـ.
٤ - العلاّمة الحافظ ابن قيم الجوزية:
قال ابن القيم فى كتابه (المنار المنيف) (٥): (ونحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعًا: فمنها:..............
_________
(١) الضعفاء والمتروكين لابن حبان ٢ / ١٨٠
(٢) ضعفاء أبو نعيم الأصفهانى ص ١٢٣
(٣) تقريب التهذيب
(٤) ضعفاء العقيلى ٣ / ٣٤٣
(٥) وقد سبق نقل هذا ونعيده هنا لمناسبته للكلام.
1 / 19
ومنها: مخالفة الحديث صريح القرآن: كحديث مقدار الدنيا وانها سبعة الآف سنة ونحن فى الألف السابعة. وهذا الحديث من أبين الكذب، لانه لو كان صحيحًا لكان كل أحد عالمًا انه قد بقى للقيامة من وقتنا هذا مئتان واحدى وخمسون سنة (أى فى زمن الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى) " يسألونك عن الساعة أيّان مرساها؟ قل إنّما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت فى السموات والأرض لا تأتيكم إلابغتة يسألونك كأنّك حفىّ عنها قل إنما علمها عند الله " (الآية ١٨٧ الأعراف)، وقال الله تعالى: " إن الله عنده علم الساعة " (٣٤ لقمان)،وقال النبى ﷺ: "لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ") . انتهى كلام ابن القيم من المنار المنيف
٥ – الحافظ ابن رجب الحنبلى:
قال فى شرحه للبخارى ح ٥٥٧:
قال (٤ / ٣٣٧): أنا الآن فى قريب رأس الثمانمائة من الهجرة وما ذكره ابن جرير من تقدير ذلك بنصف سبع يوم على التحديد لا يصلح (١) . وقد ذكر غيره أن المسبحة ستة أسباع الوسطى طولًا فيكون بينهما من الفضل سبع كامل، وذلك ألف سنة على تقدير أن تكون الدنيا بسبعة الاف سنة، وأن بعثة النبى ﷺ فى آخرها ألفًاو هذا أيضًا لا يصح، ولا يبلغ الفضل بينهما سبعًا كاملًا) .
وقال (٤ / ٣٣٨) " وأخذ بقاء ما بقى من الدنيا على التحديد من هذه النصوص لا يصح
ثم قال: وإنما خرج هذا من النبى ﷺ على وجه التقريب للساعة بغير تحديد لوقتها."
وقال الحافظ ابن رجب قال أيضًا (٤ / ٣٤٢) لدى شرحه لهذا الحديث أنه قد يقال:
(كنى عن كثرة العمل وقلته بطول المدة وقصرها، وفيه بعد)
وقال ابن رجب أيضًا فى نفس المرجع ٤ / ٣٣٤:
(مدة الماضى من الدنيا إلى بعثة محمد- ﷺ، ومدة الباقى منها إلى يوم القيامة لا يعلمه على الحقيقة إلا الله ﷿ وما يذكر فى ذلك فإنما هو ظنون لا تفيد علمًا) . اهـ.
٦ - العلامة شمس الحق العظيم آبادى:
قال فى (عون المعبود ١١ / ٥٠٩) لدى شرحه لحديث سعد الذى رواه عن النبى ﷺ انه قال:
" إنّى لأرجو أن لا تعجز أمتى عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم "
أمتى: أى أغنياؤها عن الصبر على الوقوف للحساب، عند ربها: فى الموقف، يؤخرهم: أى بتأخيرهم عن لحاق فقراء أمتى السابقين إلى الجنّة، نصف يوم: من أيام الآخرة
(قيل لسعد: كم نصف يوم؟ قال: خمسمائة سنة)
إنّما فسر الراوى نصف اليوم بخمسمائة سنة نظرًا إلى قوله تعالى (وإنّ يومًا عند ربك كألف سنة مما تعدون)، وقوله تعالى: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره ألف سنة)
واعلم انه هكذا شرح الحديث العلقمى وغيره من شرّاح الجامع الصغير، فالحديث على هذا محمول على أمر يوم القيامة.
وقال المناوى: وقيل المعنى إنى لأرجو أن يكون لأمتى عند الله مكانة ومنزلة يمهلهم من زمانى هذا إلى خمسمائة سنة بحيث لا يكون أقل من ذلك إلى قيام الساعة. وقد شرحه على القارى فى المرقاة شرح المشكاة هكذا.
ثمّ قال: فالمعنى إنّى لأرجو أن يكون لأمتى عند الله مكانة ومنزلة يمهلهم من زمانى هذا إلى انتهاء خمسمائة سنة بحيث لا يكون أقل من ذلك إلى قيام الساعة.
قال العلقمى فى شرح الجامع الصغير: تمسّك الطبرى بهذا الحديث على انه بقى من الدنيا بعد هجرة المصطفى نصف يوم وهو خمسمائة سنة، وقال وتقوم الساعة ويعود الأمر إلى ما كان عليه قبل أن يكون شئ - غير البارى -ولم يبين وجهه.
وردّ عليه الداودى قال: وقت الساعة لايعلمه إلا الله، ويكفى فى الرد عليه أن الأمر بخلاف قوله فقد مضت خمسمائة سنة وثلاثمائة (٢»، وحديث أبى داود ليس صريحًا فى انها لا تؤخر أكثر من ذلك، والله أعلم. انتهى من عون المعبود باختصار.
٧ - العلاّمة الألوسى:
قال فى روح المعانى (٩ / ١٣٥ ط. دار إحياء التراث):
أخرج الجلال السيوطى عدة أحاديث فى أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة وذكر أن مدة هذه الدنيا تزيد على ألف سنة ولا تبلغ الزيادة عليها خمسمائة سنة، واستدل على ذلك بأخبار وآثار ذكرها فى رسالته المسماة -بالكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف-وسمى بعضهم لذلك هذه الألف الثانية بالمخضرمة لأن نصفها دنيا ونصفها الآخر أخرى، وإذا لم يظهر المهدى على رأس المائة التى نحن فيها ينهدم جميع ما بناه كما لا يخفى على من راجعه، وكأنى بك تراه منهدمًا.
قلت: وقد توفى الألوسى ﵀ عام ١٢٧٠ هـ، أى مضى ما يقرب من قرن ونصف آخر على كلامه هذا.
_________
(١) قلت وملذا كان سيقول لو عاش إلى زمانننا هذا فى القرن الخامس عشر؟؟!!!
(٢) ونقول مضى أكثر من ذلك إلى الآن.
1 / 20