Alemania Nazi: Un estudio en la historia contemporánea de Europa (1939-1945)

Muhammad Fuad Shukri d. 1392 AH
94

Alemania Nazi: Un estudio en la historia contemporánea de Europa (1939-1945)

ألمانيا النازية: دراسة في التاريخ الأوروبي المعاصر (١٩٣٩–١٩٤٥)

Géneros

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد ظهرت عوامل أخرى نشأ بعضها - ولا شك - من امتهان المرأة وتحقيرها، وتحريم الزينة عليها وإرغامها على الترهل والبدانة - لأن البدانة كما كان يزعم النازيون من أنجع الوسائل لسرعة الحمل وولادة الأطفال الأصحاء - ونشأ بعضها الآخر من طبيعة تنظيم الحزب النازي نفسه، وكذلك تنظيم الدولة التي شاء الزعماء أن تكون دولة من الرجال، وللرجال وحدهم. وقد نجم عن تضافر هذه العوامل انتشار مرض الاختلاط الجنسي الشاذ بين هؤلاء الرجال أنفسهم.

وهذا المرض الاجتماعي الوبيل، يرجع في الحقيقة إلى أصول تاريخية وثقافية قديمة، يمكن إدراكها إذا عرف شيء عن تاريخ الأمة الألمانية خلال حرب التحرير من السيطرة النابليونية، وكذلك عندما ظهرت رغبتها في التحرر من سلطان الإمبراطورية النمساوية القديمة في القرن التاسع عشر؛ فقد لجأت في سبيل تحقيق أغراضها ومآربها إلى تأليف الجمعيات السياسية من أبناء الجامعات الألمانية وغيرها أمثال: «البورشنشافت

Burschenschaft » وجماعات الطلبة «ستودنتنشافت

Studentenschaft »، وكذلك جماعات «شباب ألمانيا الحرة»: «فرايدوتش يوجند

Ereideutsche Jugend » التي تألفت في عام 1913 من الشبان الذين أرادوا الاحتفال بذكرى مرور مائة عام على معركة «ليبزج»، حيث انهزم نابليون بونابرت في أكتوبر 1813. وكانت كل من هذه الجماعات تقوم على أساس إفناء الفرد في شخص الحزب أو الجمعية، وإفناء الحزب أو الجمعية في شخص الزعيم، وكان يربط بين الأعضاء من ناحية وبينهم وبين الزعيم من ناحية أخرى رباط الدم على غرار ما كان يحدث بين القبائل والعشائر الجرمانية القديمة. كما أن مؤسسي هذه الجماعات اعتقدوا بضرورة عزل أعضائها الشبان، ومنعهم من مخالطة النساء؛ بدعوى أن هذه المخالطة تصرف الأعضاء عن تكريس أنفسهم لخدمة القضية التي نصبوا أنفسهم لخدمتها؛ ولذلك أنشئوا لأعضاء هذه الجمعيات منتديات خاصة، ورسموا لهم نوع الحياة التي يجب أن يعيشوها في معسكراتهم. وكان من السهل أن ينشأ مرض الاختلاط الجنسي الشاذ بين هذه الجماعات البعيدة عن النساء، شأن كل جماعة تعيش في عزلة جنسية.

وقد تقدم الكلام عن تأسيس الحزب النازي وشرح نظرية «الزعامة » المسئولة وبيان ما كانت تتطلبه تلك الزعامة من ضرورة إفناء الفرد في شخص الزعيم، كما تقدم الكلام عن رغبة الزعماء النازيين في أن يؤلفوا من شبان حزبهم طبقة جديدة من النبلاء في ألمانيا، فعزلوهم عن غيرهم، كما قيدوا زواج أعضاء الحزب وجماعة الحرس الأسود على وجه الخصوص بتلك القيود الصارمة التي سبق ذكرها. ويتضح من هذا كله أن النازيين أنشئوا حزبهم على القواعد والمبادئ ذاتها التي عملت بها الأحزاب والجماعات القديمة، مثل «البورشنشافت» وغيرها. وقد انتشرت العلاقات الجنسية الشاذة بين أعضاء الحزب النازي انتشارا مريعا من مبدأ الأمر حتى صار زعماء الحزب لا يجدون غضاضة في أن يعرف الناس عنهم هذه الصفات المرذولة، بل إنهم كانوا يفخرون بها. وما يزال حادث «إرنست روم» وإخوانه من ضحايا «حمام الدم» المشهور في ميونخ في يونية 1934 ماثلا للأذهان.

وزيادة على ذلك فإن هذه الرذيلة الجنسية الشاذة لم يكن لها سند تاريخي فحسب، بل كانت ترجع كذلك إلى أصل ثقافي. فقد استطاع أحد كبار الكتاب والمؤرخين «أوتوزاريك

Oto Zarek » أن ينشر في عام 1934 بحثا قيما عن تاريخ الثقافة الجرمانية من أدب وشعر وموسيقى وتصوير وفلسفة واجتماع، وكان من النتائج التي انتهى إليها من جميع هذه البحوث، أن «الروح» الجرمانية روح مزدوجة تحلق بالألمان في سماء الإنسانية والمجد من ناحية، وتهبط بهم إلى حضيض الحيوانية واستمراء البطش والقسوة من ناحية أخرى في الوقت نفسه. وكان من بين ما تناوله هذا الكاتب المؤرخ مسألة وجود هذا المرض الجنسي الشاذ وانتشاره بين الجماعات والأحزاب الألمانية السياسية وغيرها من القديم، وبين الحزب النازي نفسه، وقد أسفرت بحوثه في هذا الموضوع عن نشر حقيقة ظلت الدعاية الألمانية على أيدي الهر جوبلز وأمثاله تحاول أن تطمس معالمها، وهي أن الهر هتلر نفسه زعيم الحزب النازي، وزعيم دولة الريخ الثالث، كان من أشد الناس انغماسا في هذه الرذيلة ؛ فقد ذكر «زاريك» في كتابه «الثقافة الجرمانية

German Kultur » صفحة 184 ما ترجمته:

كان «روم» الرجل الذي نجح نجاحا عظيما في تنظيم خلايا الحزب النازي الجديد، فجمع أعضاء الحزب من بين أفراد «حركة الشباب الألماني» الذين كانوا أكثر قبولا من غيرهم للانضمام إلى حزبه، وقد تبين أن ما قاله «بلوهر

Página desconocida