Alemania Nazi: Un estudio en la historia contemporánea de Europa (1939-1945)
ألمانيا النازية: دراسة في التاريخ الأوروبي المعاصر (١٩٣٩–١٩٤٥)
Géneros
وفي هذه الظروف الشاذة، كبر حزب النازي وترعرع؛ فقد نشرت الصحيفة الألمانية «فولكشير بوبختر» في عدد خاص صدر في 23 مارس 1932 إحصائية بعدد أعضاء هذا الحزب منذ تأسيسه إلى قبيل وصول أدولف هتلر إلى مستشارية الريخ الألماني، يتبين منها أن الأعضاء الذين كانوا سبعة في عام 1919 ومنهم هتلر نفسه، قد بلغوا 3000 في 1920، و27000 في 1925، و49000 في 1926، و72000 في 1927، و108000 في 1928، و178000 في 1929، و389000 في 1930، و862000 في ديسمبر 1932، و920000 في يناير 1933.
وهذه الإحصائية إنما نهدف من وراء إثباتها إلى توضيح حقيقتين: الأولى، ازدياد عدد أعضاء الحزب في سنوات الأزمة الاقتصادية، والثانية: أن عدد الأعضاء بالقياس إلى مجموع الأمة الألمانية كان في الواقع صغيرا ضئيلا، ولا يدل بأي حال من الأحوال على أن الحزب النازي كان مرآة الرأي العام الصحيح في ألمانيا؛ بل إن هذه الحقيقة الأخيرة لا تلبث أن تزداد وضوحا إذا انتقلنا إلى الشهور التالية عندما اشترك النازيون في الانتخاب لمجلس الريخستاج في 6 نوفمبر 1932؛ فقد نالوا وقتذاك 11705256 صوتا من 26138892، أي بنسبة 32٪ تقريبا. ومع أن زعيمهم بلغ منصب المستشارية في 30 يناير 1933 بفضل مناورات سياسية وحزبية سوف يأتي ذكرها، ومع أن النازيين سيطروا على أداة الانتخاب وأحكموا التدبير والتنظيم، واستطاعوا إثارة الرعب في قلوب الشعب الألماني من خطر البلشفية عقب حريق الريخستاج المدبر في 27 فبراير من العام نفسه؛ فقد نالوا في الانتخابات التالية في 5 مارس 1933 نحو 15874973 صوتا أي بنسبة 43,9٪، فلم يكن للنازيين حتى في أوج عظمتهم الأغلبية التي تمكنهم من الانفراد بالحكم في ألمانيا، والادعاء بأنهم يمثلون الشعب الألماني حقيقة.
ومع ذلك استطاع النازيون أن يفرضوا سيطرتهم التامة على بلادهم، وبذلك استطاعوا أن يصلوا إلى فرض هذه السيطرة على الشطر الأكبر من القارة الأوروبية، ثم باتوا يطمعون أخيرا في التمتع بالسيطرة على بقية أنحاء العالم.
ولم يكد هتلر يتسلم زمام الحكم حتى أخذ يعمل جاهدا على تنفيذ برنامجه الضخم بعد أن أصبح صاحب الحول والطول في ألمانيا.
فمن أقواله المأثورة: «إن الريخ الأول هو دولة بسمارك، والريخ الثاني هو جمهورية فرساي، والريخ الثالث هو دولتي.» أي إن الريخ الثالث يبدأ من اليوم الذي عين فيه أدولف هتلر مستشارا للريخ الألماني في 30 يناير 1933. وقد ظلت دولة أدولف هتلر قائمة إلى أن زالت من الوجود بسبب تحالف الديمقراطيات ضدها، وتحطم ذلك النظام الجديد الذي شاءت أن تفرضه فرضا على شعوب أوروبا.
ومنذ قيام الريخ الثالث مرت سياسة ألمانيا الخارجية في مرحلتين: تميزت الأولى منهما بمحاولة تمزيق معاهدات فرساي بشتى الوسائل تحت ستار العمل على استرداد مكانة ألمانيا كدولة عظيمة بين الدول الأوروبية، أما المرحلة الثانية: فقد تميزت بانتصار ألمانيا في هذه المناوشات التمهيدية، وإقدام الريخ على تلك المغامرة الجريئة التي قصد منها بسط السيطرة الجرمانية على أوروبا، إما بالوسائل السلمية وإما بخوض غمار الحروب.
لذلك لم تكد تنقضي شهور معدودات على وصول هتلر إلى منصب المستشارية حتى أقدمت ألمانيا في أكتوبر 1933 على الانسحاب من مؤتمر تخفيض السلاح، والخروج من عصبة الأمم، ثم أخذت من ذلك الحين تتسلح علانية وفي غير توان، بينما وقفت الدول الغربية مكتوفة الأيدي حتى لقد رفضت فرنسا ما تقدمت به بولندة من عروض للقضاء على النازية وهي ما تزال في مهدها. وعلى ذلك فقد نشدت بولندة السلامة في توقيع ميثاق عدم اعتداء مع ألمانيا في 26 يناير 1934، كان من أثره أن استطاع الريخ تأييد جماعة النازيين في دانتزج الحرة أرضا ومدينة.
وفي 30 يونيو من العام نفسه قضى الهتلريون في ألمانيا ذاتها على المعتدلين من أعضاء الحزب الوطني الاشتراكي في حركة التطهير الواسعة التي كان من ضحاياها الكابتن «روم» وزملاؤه الذين أخذوا على النازية تطرفها. وفي الشهر التالي دبر النازيون قتل مستشار النمسا «دولفوس» على الرغم من الصداقة القائمة بين هذا المستشار وزعيم إيطاليا الفاشية وقتذاك ، بل إن قتله كان بسبب هذه الصداقة ذاتها ، ولم يسفر ضجيج موسوليني ورغاؤه عن شيء! ثم أحرزت ألمانيا الهتلرية نصرا جديدا عندما أوقف رئيس الوزارة الفرنسية «لافال» كل مساعدة للجماعات المعارضة للنازية في إقليم السار، وذلك عندما اتخذت العدة للبت في مصير هذا الأقليم بالتصويت العام، فحصل النازيون في 17 يناير 1935 على أكثرية ساحقة مكنتهم في شهر مارس من إدماج السار في ألمانيا. وفي هذا الشهر نفسه أعلن أدولف هتلر أن ألمانيا ترفض المواد العسكرية الخاصة بعدم تسلحها في معاهدات صلح فرساي، فأدخل التجنيد الإجباري في البلاد، ثم مزقت إنجلترا وألمانيا من مواد هذه المعاهدات ما يتعلق بالتسليح البحري، ووصلتا إلى اتفاق جديد أجاز لألمانيا إنشاء أسطول بنسبة 35٪ من قوة الأسطول البريطاني، ثم بناء أسطول من الغواصات مساو لأسطول الغواصات البريطاني. وظنت إنجلترا - وعلى رأسها حكومة رمزي مكدونلد في ذلك الحين - أنها إذا أقامت جبهة متحدة من إيطاليا وفرنسا إلى جانبها لمراقبة ألمانيا النازية فإنها تستطيع ضمان السلم؛ فأنشأت جبهة «ستريزا
Stresa »، ولكن هذه الجبهة كان مقضيا عليها بالفشل منذ تأليفها؛ لأن موسوليني عندما انضم إليها كان يرجو في نظير ذلك أن تطلق يده في أرض الحبشة؛ لذلك لم يطل عمر جبهة «ستريزا» أكثر من أسبوعين وغزت إيطاليا بلاد الحبشة. ولما ترددت الدول في توقيع «العقوبات» على إيطاليا على نحو جدي، ووجد الهر هتلر أن إيطاليا الفاشية بعد أن أصبحت من وقت اعتدائها على الحبشة وانفصام عرى الصداقة بينها وبين الدول الغربية - وخصوصا بريطانيا - قد صارت مرتمية في أحضان ألمانيا، أقدم الزعيم الألماني على تحطيم اتفاقات «لوكارنو
Locarno » وأرسل جنده في مارس 1936 لاحتلال منطقة الراين (وهي منطقة تقرر أن ينزع سلاحها منذ 1919)، وأفاد هتلر من هذه المغامرة عندما فشلت الدول الغربية - وبخاصة «فرنسا وإنجلترا» - في الاتفاق على عمل مشترك فيما بينهما للمحافظة على اتفاق لوكارنو وتعزيزه، ثم لم تلبث أن رفعت «العقوبات» عن إيطاليا في صيف العام نفسه، وكان معنى هذا انهيار عصبة الأمم، فكان من أثر ذلك أن جرؤ «أرثر جريزر
Página desconocida