177

لا بعث بعد الموت. قلت: إليكما

إن صح قولكما فلست بنادم

أو صح قولي فالخسار عليكما

أما جوسيا رويس فمذهبه أقرب المذاهب الحديثة إلى «وحدة الوجود» لأنه يقول بأن الله ذات تتصل بكل ذات من هذه الموجودات.

فالعلوم لا تعرفنا بحقائق الكون الكبرى ولا تكشف لنا عن كنه المادة والحركة ولا عن كنه الزمان والمكان، وغاية ما نعلمه أن نرجع إلى معرفتنا بذاتنا فنستمد منها معرفتنا بالذات العظمى، وهي الله.

فما هي الذات الإنسانية؟ ما هي هذه «الشخصية المستقلة» التي نسميها «نفسنا» ونتميز بها مما حولنا؟

هبنا منفردين وحدنا في عالم لا نشعر فيه بحي ولا جماد ولا بأرض ولا سماء ولا يكون فيه ما يدخل في الوعي ويتعلق بالشعور، فهل يكون لنا يومئذ وعي أو شعور، وهل تكون لنا يومئذ نفس أو ذات؟ هل يكون لك وعي وليس هناك ما تعيه؟ وهل تكون لك ذات وليس هناك خلاف الذات؟

يقول رويس: كلا، إن الذات موقوفة على ما عداها، وإن وجودها هو وجود غيرها، وعلى هذا يصح أن يقال إن الذات لا تستقل بالوجود عن الأشياء وإن الأشياء لا تستقل بالوجود عن الذات.

فما نراه وما نذكر أننا رأيناه وما نتخيله أنه كائن أو يكون هو قوام «ذاتنا» وهو مساك وعينا وشعورنا، وعلى قدر اتصال الإنسان بالموجودات تكون غزارة وعيه وسعة شعوره وعظمة ذاته، فالاتصال بالكون - أو الإتصال بالله - هو أكبر تحقيق للذات وأثبت إقرار للوجود.

والذات العظمى - وهي الله - هي التي تتصل بكل شيء وتحيط بكل شيء وتطلع على كل شيء، وهي كلية الوجود لأنها واعية لكل موجود، وقوام وعيها هو هذا الاتصال الذي يشبه اتصال الواعية الإنسانية بما حولها، ولكنه أوسع نطاقا وأبعد أمدا وأحرى بالخلود والدوام.

Página desconocida