Alá, el Universo y el Hombre: Perspectivas en la Historia de las Ideas Religiosas
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Géneros
Meditation ، الذي يعزل العقل عن وظائفه اليومية ويوجهه نحو تحقيق المعرفة الباطنية وتحقيق الاستنارة التي حققها الماها فيرا من قبل. وبما أن الناس ليسوا على درجة واحدة من الاستعداد للسير في هذا الطريق الشاق، فإن الجاينية تقسم أتباعها إلى فريقين؛ فريق الرهبان المنذورين للانعتاق، وهؤلاء يعيشون في الأديرة والمعابد، أو يتجولون في العراء دون مأوى، وفريق عامة المؤمنين الذين يمارسون الحياة اليومية الاعتيادية. وقد استن الماها فيرا لهؤلاء العامة شريعة أسهل تطبيقا واتباعا من شريعة الرهبان، وتتضمن اثني عشر بندا أخلاقيا ينبغي اتباعها، وأهمها عدم إيذاء أو قتل أي مخلوق حي، عدم السرقة، عدم الكذب، الإخلاص الزوجي، وتقديم الطعام والكساء للرهبان. (س):
ذكرت منذ قليل أن الرهبان يعيشون في الأديرة والمعابد. ما فائدة المعابد إذا كان الجاينيون لا يقدمون فروض العبادة لإله ما؟ (ج):
لا تحتوي المعابد الجاينية على صور للآلهة، وإنما على صور للمرشدين الروحيين في أوضاع الاستغراق الباطني تشبه صور البوذا. أما الطقوس التي تجري فيها فلا علاقة لها بالتقرب إلى الكائنات العليا، وإنما هي احتفالات تذكارية دورية موضوعها مراحل حياة الماها فيرا؛ الحمل به، ولادته، تزهده، استنارته، انعتاقه، يضاف إلى ذلك بعض الحركات الطقسية؛ مثل غسل الصور بالماء، والتلويح أمامها بالمصابيح الزيتية، وحرق البخور. (س):
هل ما زالت الجاينية ديانة حية اليوم؟ (ج):
بقي منهم طائفة صغيرة موجودة بشكل رئيسي في مدينة بومبي، وجلهم من رجال الأعمال الناجحين، وقد أكسبهم سلوكهم الأخلاقي الصارم ثقة الناس واحترامهم. (س):
ما قدمته عن الجاينية يشير إلى وجود شبه بينها وبين البوذية، لا سيما لجهة إنكار العالم، وقصة حياة المؤسس، وتقسيم مجتمع المؤمنين إلى كهنة وعوام. هل من الممكن أن تكون الديانتان قد نشأتا عن عقيدة واحدة ومؤسس واحد ثم افترقتا بعد ذلك؟ (ج):
هنالك شبه واضح بين سيرة حياة البوذا والماها فيرا يعطي مسوغا للقائلين بوحدة الشخصيتين؛ فقد ولد كل منهما في أسرة نبيلة وتزوج وأنجب طفلا، ولكنه لم يكن راضيا عن حياته دائم التأمل والتفكير، وأخيرا هجر بيته وأسرته وتحول إلى حياة النسك والتجوال التي قادته أخيرا إلى الاستنارة، ولكن نواحي الاختلاف فيما جاءت به استنارة هذين المعلمين هي أكثر من نواحي الاتفاق، لا سيما فيما يتعلق بوسائل تحقيق الاستنارة؛ فبينما ركز الماها فيرا على الزهد المفرط ورفض العالم بصورة مطلقة، فقد اختار البوذا ما دعاه بالطريق الوسط بين التقشف المفرط والحياة الشهوانية. أما أكثر نواحي الاتفاق فهي النظر إلى الاستنارة باعتبارها يقظة وصحوة فردية على حقيقة العالم والشرط الإنساني يحققها المستنير دون مدد أو نعمة تأتي من جهة إلهية.
ولد الأمير سيد هارتا، أو البوذا فيما بعد، نحو عام 563ق.م؛ أي قبل جيل من ولادة الماها فيرا، وكان أبوه أميرا على عشيرة تمتد أراضيها في منطقة خصبة على التلال الواقعة عند سفوح جبال الهيملايا في الهند الشمالية. وعندما قرر ترك زوجته الشابة وابنه الصغير والتحول إلى حياة النسك والتجوال، كان يتبع تقليدا هنديا سائدا في ذلك الوقت يحض من أدى واجباته الاجتماعية والتزاماته العائلية على ترك الحياة التقليدية والالتحاق بالنساك الباحثين عن الانعتاق. وبعد قضاء ست سنوات من الزهد والتطواف كناسك هندوسي، اكتشف أنه كان يسير في الطريق الخاطئ؛ فخلال هذه السنوات الست حاول قهر جسده بالصوم والعري والسهر، ولكن جهوده ضاعت سدى. وفي أحد الأيام سقط الأمير مغشيا عليه من الوهن الذي أصابه، وظن صحبه من النساك أنه قد مات، ولكنه تحامل على نفسه واتجه إلى ضفة نهر قريب فاغتسل بمائه، ثم قرر قطع صيامه، وقبل صحنا من الأرز قدمته إليه فتاة عابرة. وعندما انتهى من تناوله شعر بقوة في جسده وعقله، فقطع النهر إلى الضفة الأخرى وهناك جلس تحت شجرة تين وارفة، وأقسم ألا يبرح مكانه حتى تأتيه الاستنارة الكاملة. وعند الفجر انتبه من استغراقه الباطني العميق، وصحا على حقائق الحياة، وصار البوذا؛ أي المستيقظ أو المستنير. (س):
على ماذا صحا؟ وما هي هذه الحقائق؟ (ج):
دعاها سيدهارتا بالحقائق النبيلة الأربع، وأولها هو أن الحياة شقاء وألم؛ فالولادة ألم، والمرض ألم، والفراق عمن نحب ألم، والشيخوخة ألم، والموت ألم، كل وجود الإنسان قائم على الشقاء والألم. كما أن حياة الإنسان تعاني من نقيصتين أخريين؛ هما: (1) ال «لاثبات» (2) ال «لانفس». فاللاثبات هو ذلك التبدل الدائم فيك وفي كل ما حولك؛ فأنت الجنين هو غير أنت الرضيع، وأنت الرضيع هو غير أنت الطفل، وأنت الطفل هو غير أنت المراهق. وهكذا وصولا إلى تحلل وتفكك هذا الذي تدعوه أنا، والذي لا وجود له بالفعل، وهذا يقودنا إلى فكرة اللانفس عند البوذا، فإذا كانت الهندوسية الكلاسيكية ترى في كل فرد جوهرا ثابتا هو النفس التي تنتقل من جسد إلى آخر، حاملة معها أعمالها السابقة، أو الكارما الخاصة بها، إلى حين فلاحها في الانعتاق، فإن البوذا لا يرى في الفرد إلا تجمعا لعدد من المسببات التي يؤدي اجتماعها المؤقت إلى خلق هذا الفرد وجعله يشعر بأناه وشخصيته المميزة. وهذه الشخصية تستمر بفعل الذاكرة التي تحفظ سجلات الشخصية من الولادة إلى الممات، وبعد ذلك فإن تلك المسببات التي قادت إلى تكوين الشخصية تتحلل ويتحلل معها الفرد تماما، ولا يبقى منه سوى الكارما التي يحملها شخص آخر يتكون بالطريقة نفسها. وبتعبير آخر، فإن الكارما هي التي تتناسخ لا النفس، ويمكن تشبيه سلسلة التناسخات التي تمر بها الكارما بسجل مفتوح تزيد عناصره أو تنقص دونما حامل شخصي، إلى أن تنطفئ هذه السلسلة في عالم السكون التام المدعو بالنيرفانا. (س):
Página desconocida