Alá, el Universo y el Hombre: Perspectivas en la Historia de las Ideas Religiosas
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Géneros
إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين (سورة العنكبوت: 33). (س):
موسى، الشخصية الرابعة التي اخترتها لعرض التناص، يدعى في التقاليد الإسلامية كليم الله؛ أي الذي كلمه ربه دون واسطة ملاك. هل يوجد في التوراة والقرآن ما يدل على أصل هذا اللقب؟ (ج):
لقد كلم الله في التوراة شخصيات عديدة دون حجاب، كما رأينا في زيارة الضيوف لإبراهيم، كما كلم يعقوب عند مخاضة نهر يبوق ورآه رؤية العين؛ ولذلك عندما غادره: «دعا يعقوب اسم المكان فنيئيل، قائلا لأني نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي» (سفر التكوين، 32: 30). أما في القرآن فإن رؤية الله مستحيلة على الأنبياء:
وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء (سورة الشورى: 51). أي إن الله إما أن يضع الكلام في قلب النبي دون صوت، أو يكلمه من حيث لا يراه فيسمع صوته كما حدث لموسى، أو يرسل الملاك جبريل كوسيط للوحي. وقد أكدت الآية الكريمة 164 من سورة النساء ذلك:
وكلم الله موسى تكليما . (س):
موسى هو النبي الأكثر حضورا في القرآن الكريم؛ ولذلك فمن المتوقع أن يبلغ التناص ذروته فيما يتعلق بأخباره. (ج):
موسى هو النبي الأكثر حضورا في التوراة أيضا، ومعه يبتدئ تاريخ الإله يهوه الذي تحول من إله بركاني معتزل في صحرائه، إلى إله لشعب اختاره ليكون إلها له من بين كل الشعوب، ووعده بالمقابل أن يقوده إلى أرض كنعان ليعطيها لهم ميراثا أبديا. وفي أول تجل له إلى موسى أعلن عن اسمه الجديد يهوه، وقال له إن الأولين من آباء بني إسرائيل لم يعرفوه بهذا الاسم ولا بغيره؛ فلقد كان إله أولئك الآباء الأولين إله مجموعة رعوية بسيطة يحرص على أمنها ورخائها، ويدخل في علاقة حميمة مع أفرادها، يظهر لهم ويكلمهم ولا يستنكف عن تأدية أصغر المهام لهم. أما هذا الإله فعلى الرغم من قربه المكاني من قوم موسى، إلا أن ذلك القرب لم يخلق لديهم إحساسا بالحميمية معه كما كان حال الآباء مع إلههم، وإنما ولد لديهم إحساسا طاغيا بحضور قدسي ينطوي على تهديد دائم، حضور لا يمكن الاطمئنان إليه وإنما الخوف منه، وهذا الخوف لا يقتصر على كونه رهبة من هوية ماورائية غامضة، وإنما يتعدى ذلك إلى توقع انبثاقها في عالم الواقع بأكثر الأشكال انفلاتا، وإحداثها أكثر أشكال الرعب هولا.
وعلى الرغم من أن يهوه اختار إسرائيل شعبا له ووعده بإخراجه من مصر حيث كان مستعبدا لفرعون، إلا أن هذا الشعب لم يقبل هذه الألوهة التي فرضت عليه عبودية أقسى من العبودية لفرعون. وقد أعلن هؤلاء عن عدم رغبتهم في ذلك التحرير المزعوم منذ اليوم الأول لهروبهم من مصر، فعندما أدركهم فرعون وجنوده عند البحر صرخوا وقالوا لموسى : «أمن عتم القبور في مصر أخرجتنا لنموت في البرية؟ ماذا صنعت بنا حتى أخرجتنا من مصر؟ أليس هذا ما كلمناك به في مصر قائلين دعنا نخدم المصريين فإن خدمتنا لهم خير من أن نموت في البرية؟» (سفر الخروج، 14: 10-12). ولكن يهوه كان مصرا على الالتصاق بهذه الجماعة، وقصة الخروج، بل القصة التوراتية برمتها، لم تكن إلا وصفا للعلاقة المتوترة بين يهوه وشعبه؛ فلقد كانت إسرائيل في عيون يهوه مثل الزوجة الخائنة الزانية، وكان هو بالنسبة إليها مثل الزوج المخدوع على ما ورد في سفر هوشع: 2. أما موسى فقد كان واقعا بين مطرقة يهوه وسندان إسرائيل، وكان يتذمر إلى ربه من هذه المهمة الثقيلة التي ألقاها على عاتقه: «لماذا ابتليت عبدك؟ ولم أنل حظوة في عينيك حتى وضعت أثقال جميع هؤلاء الشعب علي؟» (سفر العدد، 11: 14-12). وبنو إسرائيل كانوا في حالة تذمر دائم على موسى وهارون: «ليتنا متنا في أرض مصر إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل لنشبع، فإنكما أخرجتمانا إلى هذا القفر لكي تميتا كل هذا الجمهور بالجوع» (سفر الخروج، 16: 3). كما أن يهوه بدوره يتذمر على الشعب لدى موسى: «حتى متى يهينني هذا الشعب، وحتى متى لا يصدقون بجميع الآيات التي عملت في وسطهم؟ إني أضربهم بالوبأ وأبيدهم» (سفر العدد، 14: 11-12).
هذا المأزق الذي وجد موسى فيه نفسه، جعل منه «بطلا تراجيديا» بمصطلح الدراما الإغريقية، بطلا يصارع قدره ليخفق في النهاية؛ فقد حكم الرب عليه وعلى أخيه هارون بالموت قبل الوصول إلى الأرض الموعودة بسبب خطيئة طقسية ارتكبها، ولم يشفع له كل عمله الذي عمل في خدمة الرب. وهكذا مات هارون قبل الوصول إلى شرقي الأردن: «وكلم الرب موسى وهارون في جبل هور على تخم أدوم قائلا: خذ هارون وأليعازر ابنه واصعد بهما إلى جبل هور، واخلع عن هارون ثيابه والبس أليعازر إياها، فيضم هارون ويموت هناك، فمات هارون هناك على رأس الجبل» (سفر العدد ، 20). أما موسى فقد أمهله الرب حتى وصل بجماعته إلى ضفة نهر الأردن، وهناك أصعده إلى جبل نبو وأراه الأرض الموعودة على الضفة الغربية للنهر وقال له: «هذه هي الأرض التي أقسمت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب قائلا لنسلك أعطيها، قد أريتك إياها بعينيك، ولكن إلى هناك لا تعبر. فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مؤاب بأمر الرب ودفنه في الوادي في أرض مؤاب ولم يعرف أحد قبره إلى هذا اليوم» (سفر التثنية، 34: 1-9). (س):
لم أفهم جملة «ودفنه في الوادي» من الذي دفن موسى؟ (ج):
Página desconocida