349

أصبح وجه الزمان قد ضحكا ... برد مأمون هاشم فدكا وروي في بعض التواريخ أن بعض أولاد الحسن والحسين عليهم السلام كلموا المأمون في أمر (فدك)، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهبها لفاطمة، وأنها سألت أبا بكر دفعها إليها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسألها أن تحضر على ما ادعت شهودا، فأحضرت عليا والحسن، والحسين، وأم أيمن، فأحضر المأمون الفقهاء فسألهم عن ذلك فرووا أن فاطمة عليها السلام كانت قالت هذا وشهد لها هؤلاء، وأن أبا بكر لم يجز شهادتهم، فقال لهم المأمون: ما تقولون في علي.

قالوا: رضي عدل.

قال: فما تقولون في أم أيمن.

قالوا: امرأة شهد لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة، فتكلم المأمون في هذا بكلام كثير، إلى أن قالوا: إن عليا، والحسن، والحسين عليهم السلام لم يشهدوا إلا بحق، فلما أجمعوا على هذا ردها على ولد فاطمة عليها السلام، وسلمت إلى محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ومحمد بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم السلام، فلم تزل في أيدي الفاطميين إلى أيام المتوكل فأقطعها بعض عماله، وكان فيها إحدى عشرة نخلة، غرسها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده المباركة.

وروي عن ابن أبي الحديد أن عمر بن عبد العزيز لما ردها على الفاطميين نقمت عليه بنو أمية وعابوه، وقالوا: هجنت فعل الشيخين، فقال لهم: إنكم جهلتم، وعلمت ونسيتم، وذكرت أن أبا بكر محمد بن حزم حدثني عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((فاطمة بضعة مني يسخطني ما أسخطها، ويرضيني ما أرضاها))، وأن (فدك) كانت صافية على عهد أبي بكر، وعمر، ثم صار أمرها إلى مروان فوهبها لعبد العزيز، فورثتها أنا وإخوتي، فسألتهم أن يبيعوني حصتهم فمن بائع وواهب، حتى استجمعت لي فرأيت أن أردها على ولد فاطمة، فقالوا: إن أبيت إلا ذلك فامسك الأصل، واقسم الغلة ففعل.

Página 357