ويتحدث النبي إرميا عن نفسه كنذير للرب من بطن أمه: «فكانت كلمة الرب إلي قائلا: قبلما صورتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من الرحم قدستك، جعلتك نبيا للشعوب. فقلت: آه يا سيد الرب، إني لا أعرف أن أتكلم لأني ولد. فقال الرب لي: لا تقل إني ولد لأنك إلى كل من أرسلك إليه تذهب وتتكلم بكل ما آمرك به. ومد الرب يده ولمس فمي وقال الرب لي : ها قد جعلت كلامي في فمك» (إرميا، 1: 4-8). ونقرأ في سفر إشعيا على لسان المخلص الذي سيبعثه الرب لبني إسرائيل مسيحا: «الرب من البطن دعاني، من أحشاء أمي ذكر اسمي، وجعل فمي كسيف حاد. في ظل يده خبأني وجعلني سهما مبريا في كنانته أخفاني ... الرب جابلي من البطن عبدا له لإرجاع يعقوب إليه فينضم إليه إسرائيل، فأتمجد في عيني الرب وإلهي يصير قوتي» (إشعيا، 49: 1-5).
ويقول الملاك لوالد يوحنا المعمدان عندما جاءه ببشارة حمل زوجته العاقر: «لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك أليصابات ستلد لك ابنا وتسميه يوحنا، ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته؛ لأنه يكون عظيما أمام الرب، وخمرا ومسكرا لا يشرب، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس» (لوقا، 1: 13-15). وفي أناجيل الطفولة المنحولة نجد أن مريم العذراء كانت نذيرة للرب أيضا. ففي إنجيل يعقوب التمهيدي تقول حنة أم مريم للملاك الذي بشرها بالحبل: «حي هو الرب، إذا ما أنجبت ذكرا أو أنثى فسوف أنذره للرب ليخدمه كل أيام حياته.» وبعد أن صارت الطفلة قادرة على المشي أخذها أبواها إلى هيكل الرب وفاء بالنذر، وهناك أقامت إلى سن المراهقة.
ونجد أصول هؤلاء النذيرين في الإصحاح السادس من سفر العدد حيث نقرأ: «وكلم الرب موسى قائلا: كلم بني إسرائيل وقل لهم: إذا انفرز رجل أو امرأة لينذر نذر النذير، لينتذر للرب، فعن الخمر والمسكر يفترز ولا يشرب خل الخمر ولا خل المسكر، ولا يشرب من نقيع العنب ولا يأكل عنبا رطبا أو يابسا. كل أيام نذره افتراز، لا يمر موسى على رأسه إلى كمال الأيام التي انتذر فيها. للرب يكون مقدسا، ويربي خصلات شعر رأسه. كل أيام انتذاره لا يأتي إلى جسد ميت» (العدد، 6: 1-6).
هذا المعنى لتعبير
Nazoraios
اليوناني أو
Nazarene
الإنكليزي، يتأكد لنا عندما نعلم أنه لم توجد في عصر يسوع مدينة اسمها
Nazareth
في أي مكان في الجليل. فهذا الاسم غير موثق في التوراة أو التلمود، وهي لا تظهر على الخرائط والمصورات الجغرافية العائدة إلى القرن الأول والقرن الثاني الميلادي. كما أن المؤرخ اليهودي يوسيفوس الذي أمدنا في نهاية القرن الأول الميلادي بقوائم ومعلومات عن كل مدن وبلدات وقرى فلسطين، لم يأت على ذكر مدينة تدعى
Página desconocida