21 -
والأجناس المحمولة على النوع، فإن منها ما هو أخص حتى لا يحمل على النوع من بين تلك الأجناس جنس أكثر خصوصا منه، ومنها ما هو أعم حتى لا يحمل على ذلك النوع جنس أعم منه أصلا، ومنها ما هو أزيد عموما من الجنس الأخص الذي لا أخص منه وأخص من الجنس الأعم الذي لا أعم منه. والجنس الأخص يسمى الجنس القريب من النوع، والأعم الذي لا أعم منه يسمى الجنس البعيد والجنس العالي، والذي هو أزيد عموما من الجنس القريب وأخص من الجنس العالي يسمى الجنس المتوسط من قبل أنه متوسط بين الجنس الذي لا أخص منه وبين الجنس الذي لا أعم منه. والمتوسط ليس أبدا يتفق أن يكون جنسا واحدا، بل يتفق أن يكون بين الجنس القريب وبين الجنس العالي أجناس أكثر من واحد هي متوسطات. وهذه المتوسطات بعضها أعم وبعضها أخص، والأخص فالأخص منها أقرب مرتبة إلى الجنس القريب، والأعم فالأعم منها أقرب مرتبة إلى الجنس العالي. وكلما أخذ من المتوسطات شيء أعم وجد ما هو أعم منه، وكلما أخذ منها شيء خاص وجد ما هو أخص منه. وأما الجنس العالي فلا يوجد جنس أعم منه يحمل عليه. ولما كان الجنس الأعم يحمل على جميع الأجناس التي هي أخص منه حملا مطلقا، صار الجنس العادي يحمل على جميع الأجناس التي هي أخص منه حملا مطلقا، صار الجنس العالي يحمل على جميع الأجناس التي تشاركه في الحمل على النوع، وهي التي هي أخص من الجنس العالي.
22 -
والجنس الأخص الذي شأنه أن يكون موضوعا في الحمل لجنس أعم منه يقال إنه مرتب تحت ما هو أعم منه. وبالجملة فإن جميع ما شأنه أن يكون موضوعا لأمر أعم منه يحمل عليه من طريق ما هو، فإنه يقال إنه مرتب تحت ذلك الأمر. فإذن الأجناس المتوسطة مرتبة تحت الجنس العالي، والمتوسطات بعضها مرتب تحت بعض، والجنس القريب مرتب تحت بعض المتوسطات، والنوع مرتب تحت الجنس القريب منه، والشخص مرتب تحت النوع.
23 -
ولما كان الكلي الأعم ليس إنما يشارك كليا واحدا أخص منه في الحمل على شخص، وكان الجنس أعم من النوع، فليس إذن إنما يشارك نوعا واحدا في الحمل على الشخص، لكن يشارك أنواعا أكثر من واحد. ولما كان المشارك الأعم يحمل حملا مطلقا على الأخص، صار الجنس يحمل على جميع الأنواع التي تشاركه في الحمل حملا مطلقا. مثال ذلك الحيوان وهو جنس، وهو أعم من الإنسان المشارك له في الحمل على زيد وعمرو، وهو أيضا يشارك مع ذلك الفرس، فالحيوان يحمل على الإنسان والفرس وعلى كل نوع يشاركه في شخص ما حملا مطلقا. وكذل كل جنس أعم يشارك جنسا آخر أخص منه في الحمل على أنواع أخر، فإنه أيضا يشارك جنسا آخر أخص منه في الحمل على أنواع أخر، ويحمل هذا الجنس الأعم على الجنسين الأخصين جميعا وعلى الأنواع الموضوعة لهما وعلى الأشخاص التي تحت تلك الأنواع. مثال ذلك المغتذي، فإنه أعم من الحيوان، وهو أيضا أعم من النبات، وهو يحمل على الحيوان والنبات جميعا، ويحمل على الإنسان والفرس اللذين تحت الحيوان، وعلى النخلة والزيتونة اللتين تحت النبات. وهذا لازم في كل جنس متوسط كان أعم من جنس آخر متوسط. وكذلك يلزم في الجنس العالي. والجنس العالي فلم يتبين بعد هل هو واحد أو أكثر من واحد. فإن كان أكثر من واحد فلم يتبين بعد ها هنا كم عدده. غير أنا ننزل أنه أكثر من واحد. فيلزم إذن في كل جنس عال أن يحمل على أجناس متوسطة، وعلى أنواع تحت المتوسطة، وعلى الأشخاص التي تحت الأنواع.
Página 10