قال السرخسي في المبسوط:1/15 ، مدافعا عن رأي أبي حنيفة : (والمسألة في الحقيقة تنبني على أن التسمية ليست بآية من أول الفاتحة ولا من أوائل السور عندنا ، وهو قول الحسن فإنه كان يعد إياك نعبد وإياك نستعين آية.....
ولنا حديث أبي هريرة عنه أن النبي (ص) قال يقول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله تعالى حمدني عبدي.... فالبداءة بقوله الحمد لله رب العالمين دليل على أن التسمية ليست بآية من أول الفاتحة ، إذ لو كانت آية من أول الفاتحة لم تتحقق المناصفة فإنه يكون في النصف الأول أربع آيات إلا نصفا ، وقد نص على المناصفة . والسلف اتفقوا على أن سورة الكوثر ثلاث آيات ، وهي ثلاث آيات بدون التسمية .
ولأن أدنى درجات اختلاف الأخبار والعلماء إيراث الشبهة ، والقرآن لايثبت مع الشبهة فإن طريقه طريق اليقين والإحاطة). انتهى.
وقد فات أبو حنيفة ومقلده السرخسي: أنه لايناسب إمام مذهب مثله ولا طالب علم، أن ينتقي حديثا واحدا في الموضوع ويفسره كمايظن وببني عليه مذهبا . فلماذا أغمض عينه عن أحاديث الباب الكثيرة الصحيحة الصريحة ؟!
وفاتهما: أن بدء النبي صلى الله عليه وآله بآية الحمد قد يكون لنسيان الراوي ما قاله صلى الله عليه وآله في البسملة ، ولو صح أنه بدأ بها ، فلا يكون دليلا على قتل البسملة ورد أحاديث جزئيتها لسورة الحمد ، وهي صحيحة عندهم !
وفاتهما: أن المناصفة بين الله تعالى وعبده في سورة الحمد ، هي مناصفة معنوية قبل أن تكون لفظية بتعداد الكلمات والحروف !
وفات السرخسي: أن يقول لنا أي سلف هؤلاء الذين أجمعوا على عد سورة الكوثر ثلاث آيات ، وكأنه لم يقرأ اختلاف أقوال العدادين ومبانيهم في عد البسملة وتركها ! أو وصل بعض الآيات وفصلها !
Página 312