Alf Layla Wa Layla en la Literatura Mundial y un Estudio en Literatura Comparada
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
Géneros
وقد كان لبنان، ولا يزال، الأكثر انفتاحا بين الدول العربية من ناحية حرية النشر، منذ أن انتقل إليها مركز نشر الكتب والمطبوعات من مصر في الخمسينيات. وقد ظهرت فيه ترجمات كاملة لروايات مثل «لوليتا» لنابوكوف، وروايات «هنري ميلر» عميد الأدب المكشوف. وقد جاءت بعض ترجمات كتب ميلر في بدايات القرن الحادي والعشرين محتوية على عبارات وألفاظ جنسية صريحة تماثل الأصل الإنجليزي، خاصة في ثلاثيته المعنونة «الصليب الوردي»: بليكسوس، سكسوس، نكسوس
NEXUS .
ولكن الموقف لم يكن كذلك في معظم الدول العربية، إذ تحول «المتشددون الجدد» إلى رقباء على ما يصدر من إبداعات فنية وأدبية - ناهيك بالفكرية والدينية والفلسفية - وحرصوا على مطاردة أي كتب يشتم منها الخروج على التقاليد والأعراف الأخلاقية. ومن حين لآخر، تثار زوبعات عنيفة - خاصة في مصر - ضد أعمال أدبية لاحتوائها على بعض الأوصاف أو التعابير الإيروسية. وعبر استعراض عام للكثير من الروايات التي كتبها من أصبحوا يدعون «جيل الستينيات» في مصر، لا يغفل القارئ عن ملاحظة «تيمة» متكررة في الكثير منها: وهي المشكلة الجنسية التي تسيطر على الشبان في فترة المراهقة وما بعدها ، وطرق الخلاص من الكبت العاطفي والجنسي. وكان ذلك انعكاسا للبيئة والظروف التي نشأ في ظلها أفراد ذلك الجيل، حيث صاحبتهم نهضة حضارية جاءت مع ثورة يوليو، وحرية شخصية نسبية تمثلت في انفتاح اجتماعي يسمح باختلاط الجنسين في حدود، وإن كان لا يحل مشكلة الجنس المستعصية أمام الشباب. (2) لمحة عن تاريخ الإيروسية الغربية
وفي الغرب، انتشرت الكتابات الإيروسية والجنسية منذ العصرين اليوناني والروماني. ففي اليونان القديمة، اختلفت القيم الأخلاقية عن مقاييس العصور التالية أو عصرنا الحالي، فكان الجنس يعتبر نشاطا طبيعيا كالأكل والشرب، ولهذا كان من المسموح للكتاب آنذاك تناوله بهامش كبير من الحرية والتسامح. وثمة إشارات جنسية في الكتابات الملحمية اليونانية القديمة، كالإلياذة والأوديسة؛ بيد أن الإيروسية الصريحة جاءت في المسرحيات الإغريقية، خاصة الملهاة. ويعتبر «أريستوفانيس» من المسرحيين الذين مارسوا حريتهم كاملة في تناول الأمور الإيروسية في كوميدياته، خاصة مسرحيته «ليسستراتا». وموضوع المسرحية يفرض مثل هذا التناول الصريح، فهي تتناول الحرب طويلة الأجل التي نشبت بين أثينا، موطن أريستوفانيس، وإسبرطة، حين تتخذ نساء أثينا بزعامة ليسستراتا قرارا بهجر أزواجهن في الفراش إلى أن تنتهي الحرب ويعم السلام مع إسبرطة. وفي نفس الوقت، تتعهد إحدى نساء إسبرطة بأن تقوم بنفس الشيء في بلدها. وتمتلئ المسرحية، التي قدمت لأول مرة في أثينا عام 411 قبل الميلاد، بالمواقف الكوميدية التي تتعرض للجنس والمواقف الجنسية والعلاقات الزوجية الحميمة. ولم يكن الجمهور اليوناني يجد غضاضة أو حرجا في ذلك. وحين ترجمت المسرحية بعد قرون إلى الإنجليزية، كان على المترجم التصرف في النص كيما يتجنب الكلمات والتعبيرات التي اعتبرت «خارجة» بعد ذلك.
أما في ظل الحضارة الرومانية، فقد ازدهر الأدب، بما في ذلك الكتابات التي تناولت الحب والجنس. وكان على رأس هؤلاء الكتاب «الإيروسيين» أوفيد (43ق.م-18 ميلادية)، صاحب كتاب «فن الحب» الذي يمكن اعتباره «دليلا» للحب والجنس للرجال والنساء على حد سواء. ولأوفيد كتابات إيروسية أخرى تناقلها القراء وتسببت في النهاية في نفيه عن وطنه، وإن كان يقال إن سبب نفيه سياسي وليس بسبب كتاباته الصريحة .
ومن الروايات الرومانية التي اصطبغت بصبغة يونانية، اشتهرت رواية «ساتيريكون» لبوترونيوس، ورواية «الحمار الذهبي» لأبوليوس. وقد ترجمت الرواية الثانية عدة مرات إلى العربية، صدرت آخرها عن الدار العربية للعلوم بترجمة الدكتور الجزائري أبو العيد دودو.
ومع انتشار المسيحية ثم اتخاذها كديانة رسمية في كثير من الدول، سيطرت النزعة الأخلاقية الجديدة المرتبط بها على كل مناحي الحياة، ومنها الأدب، فلم يعد من المستحسن أو المسموح به التعبير عن الجنس بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وأصبحت البابوية تنشر فهرسا بالكتب الممنوع قراءتها، عنوانه باللاتينية
INDEX LIBRORUM
وكان فيه الكثير من الكتب التي تعد خروجا على الأخلاق العامة، وإن كان أغلبها كتابات هرطوقية وضد الدين والكنيسة. وقد حد ذلك من ظهور الكتب الإيروسية خلال العصور الوسطى. ومن بين المؤلفين الذين أدرجت أسماؤهم في فهرس الكتب الممنوعة، أبيلارد وبوكاتشيو ورابيليه، وقد وصل عدد الكتب التي وردت فيه إلى أكثر من أربعة آلاف كتاب، قبل أن يتم إلغاؤه عام 1966م.
ومع ظهور الطباعة في ألمانيا ثم انتشار المطابع في العديد من المدن الأوروبية، واقتران ذلك بعصر النهضة، تكاثرت المؤلفات والمطبوعات، ومن بينها الكتب الإيروسية، فبدأت تظهر كتب الإيروتيكا الخالصة، إلى جانب كتب المذكرات وسير الحياة الذاتية التي كان الجنس يشغل فيها حيزا كبيرا. ومن تلك المؤلفات، كتب الإنجليزي «صمويل بيبس» (1633-1703م) يومياته في مجلدات عديدة، وهي تحتوي على اعترافات جنسية صريحة، ولذلك كان يندر العثور على طبعتها الكاملة، واقتصر الأمر على تداول طبعة مهذبة لها، فيها مختارات منتقاة، درسناها في قسم اللغة الإنجليزية بآداب القاهرة في أواخر الخمسينيات، دون أن ندري ما وراءها من كتابات أخرى صريحة احتوتها اليوميات.
Página desconocida