Alf Layla Wa Layla en la Literatura Mundial y un Estudio en Literatura Comparada
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
Géneros
وفيما بين عامي 1371-1372م، ألف «جوفروا دي لا تور» كتابا بالإنجليزية الوسطى عنوانه «كتاب فارس لتور لاندري»، وهو مجموعة من الأمثولات والحكايات الأخلاقية في قصة إطارية، يماثل كتابي مرشد الحكماء والكونت لوقانور السابق الإشارة إليهما. والمجموعة تحكي أيضا حكايات النساء ومكرهن، وقصص الحكمة على أفواه الحيوانات، بعد أن صبغ المؤلف كل ذلك بصبغة إنجليزية قروسطية مسيحية في تصويرها، وإن كان معظمها إعادة صياغة لحكايات عربية ذاعت في وقتها في إسبانيا العربية وانتقلت إلى أوروبا ومنها إلى إنجلترا عن طريق مجموعات الكتب اللاتينية، وعن طريق الحجاج والعائدين من الحملات الصليبية.
وحوالي عام 1390م، يصدر الكاتب المعاصر لتشوسر «جون جاور» كتابه «اعترافات العاشق»
CONFESSIO AMANTIS
الذي لا يزال موجودا منه الآن حوالي أربعين مخطوطا. والكتاب يدور حول الحب العذري أو الحب الغزلي، وينقسم إلى ثمانية كتب يتعلق كل منها بقصص إحدى الخطايا السبع. وكثير من تلك القصص إعادة صياغة لقصص ظهرت في مجموعات قصصية أخرى بل وفي حكايات كانتربري، وكذلك يستمد المؤلف حبكاته من مصادر كلاسيكية أخرى. والنبع العربي الأندلسي - وهو يظهر هنا في صورة إسبانية - واضح في بعض تلك القصص، مثل قصة بترونللا الحكيمة في الكتاب الأول. ففي تلك القصة، يسأل الملك ألفونسو ملك قشتالة أحد منافسيه - السيد بدرو - ثلاثة أسئلة. وتقوم ابنة السيد بدرو بالرد نيابة عن أبيها، فتظهر مدى معرفتها الواسعة بالعلوم والفنون، إلى درجة أن يفتتن الملك الإسباني بها فيتزوجها وينعم على أبيها. ومثل هذه القصة ومواقفها تتكرر كثيرا في ألف ليلة وليلة، كحكاية الجارية تودد. وكون قصة جاور تدور في إسبانيا وتصور ملكها ألفونسو، يلمح إلى الأصل العربي الشفاهي لحبكتها.
أما قصة «سير جاوين والفارس الأخضر» فهي حلقة من قصص الملك آرثر والكأس المقدسة. وقد أرجع النقاد شخصية الفارس الأخضر إلى التراث الشعبي الكلتي، وإلى طقوس الربيع الوثنية، والى أساطير الزرع والحصاد. وتضيف «لاساتير» إلى ذلك تأثير شخصية «الخضر» العربية الإسلامية، التي ذاعت في إسبانيا عن طريق ترجمات القرآن الكريم والتعليقات عليه، ثم كتابات الصوفية خاصة ابن عربي الذي ذكره في «الفتوحات المكية»، وكذلك ظهوره في الكثير من القصص العربي مثل قصة الإسكندر. ولكن أوضح الأمثلة على معرفة الأندلس بشخصية الخضر، هو تكرار ظهوره في قصص ألف ليلة وليلة؛ فقد ورد ذكره في «حكاية تاج الملوك والأميرة دنيا» و«حكاية أبو محمد الكسلان» و«مدينة النحاس» و«مغامرات بلوقيا» و«عبد الله بن فاضل وأخويه». وكل ذلك ضمن انتشارا واسعا لفكرة الخضر والقصص والأساطير التي نسجت حوله، في إسبانيا التي عرفت قصص ألف ليلة وليلة شفاهة منذ دخلها العرب والمسلمون.
حكايات كانتربري
عاش تشوسر - أبو الأدب الإنجليزي - في الفترة بين 1340م و1400م، وعمل في خدمة عدد من النبلاء والأمراء الإنجليز، ثم دخل في خدمة الملك نفسه عام 1367م، وكان من بين مهامه الترفيه عن البلاط الملكي بالقصص والأشعار والموسيقى، ولكنه عمل في وظائف هامة أيضا، وكلف بعدة مهام خارج إنجلترا. وقد تم إيفاده إلى عدة بعثات دبلوماسية في فرنسا وإيطاليا، حيث تعرف على الآثار الأدبية في تلكما البلدين، واطلع على الأعمال الفرنسية المبكرة، وأعمال دانتي وبترارك في إيطاليا، ويقال إنه التقى هناك ببوكاتشيو. كذلك تورد الوثائق بعثة مبكرة له إلى إسبانيا، في مملكة «نبره». وقد مكنت رحلات تشوسر إلى الدول الأوروبية المجاورة لإسبانيا - ولإسبانيا ذاتها في بعض الأقوال - من تعرفه على مجموعات القصص والأشعار والرومانسات التي دخلت من الأدب العربي الأندلسي إلى تلك المؤلفات، علاوة على معرفته الوثيقة بكتاب بطرس ألفونس «مرشد الحكماء» الذي سبق ذكره والذي كتبه مؤلفه في إنجلترا، وكتاب «اعتراف العاشق» لجاور، وهما من الكتب التي يستبين فيها العنصر العربي والشرقي بوضوح. وقد كتب تشوسر عدة مؤلفات هامة، منها «برلمان الطيور» و«ترويلوس وكريسيدا» و«أسطورة النساء الفضليات»، ولكن العمل الذي خلد ذكره هو «حكايات كانتربري» الذي كتبه مؤلفه تباعا خلال سنواته الأخيرة.
وكما في قصص الديكاميرون، تحتوي قصص «حكايات كانتربري» على الكثير من قصص خدع النساء ومكرهن، واحتيالهن بكل الطرق إلى وصال عشاقهن، وهذه «التيمة» هي من التيمات الرئيسية في ألف ليلة وليلة، ووردت في الكثير من حكاياتها (بالإضافة إلى القصة الإطارية الأساسية التي تتعلق بخيانة زوجتي الملكين شهريار وشاه زمان)، لعل أهمها قصة ابن الملك محمود صاحب الجزائر السود، الذي كانت زوجته - وهي ابنة عمه في نفس الوقت - تخونه مع عبد أسود، ثم تسحر زوجها حين كشف خيانتها بأن جعلت نصفه حجرا ونصفه بشرا. وسوف نعود إلى هذا الموضوع بالتفصيل في الفصل المخصص له.
كذلك تضم حكايات كانتربري الكثير من القصص التي تفضح نفاق بعض رجال الدين الذين يتظاهرون بالورع والتقوى كي يقضوا حاجاتهم الشخصية وشهواتهم، مثل قصص الراهب الجوال وبائع صكوك الغفران. وثمة حكايات في هذا الكتاب تماثل تماما حكايات موجودة في ألف ليلة وليلة، مثل حكاية الفارس الذي يروي قصة شابين يحبان نفس الأميرة ويقتتلان على الفوز بالزواج منها. كذلك قصة الغراب الذي ينم لسيده عن خيانة زوجته له، وهي قصة ترددت مرتين في ألف ليلة. وبعض القصص في حكايات كانتربري ينتهي بموعظة وعبرة، مثل عبرة قصة ناظر الضيعة حين يقول في نهاية قصته: «وعلى ذلك ينطبق المثل القائل: من يبذر الشر لا ينبغي أن يجني ثمرة الخير، والمخادع لا بد أن يخدع.» وكثيرا ما يعلق صاحب الخان على القصص التي يحكيها الحجاج بعبارات تشرح مفادها وتبين العبرة والدرس منها. قارن هذا بالعبارة التي تتردد دوما في ألف ليلة «... حكايتك حكاية عجيبة لو كتبت بالإبر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر.» وهناك أيضا ما جاء في خاتمة قصة «حكاية التاجر أيوب وابنه غانم وابنته فتنة» هكذا: «فلما أصبح الصباح أمر الخليفة أن يؤرخ جميع ما جرى لغانم من أوله إلى آخره وأن يدون في السجلات لأجل أن يطلع عليه من يأتي بعده فيتعجب من تصرفات الأقدار ويفوض الأمر إلى خالق الليل والنهار.» ويمكن أيضا مقارنة نهاية حكايات كانتربري بنهاية معظم حكايات ألف ليلة. فبعد أن يقص رجل القانون حكايته في كتاب تشوسر، يقول: «وهكذا عاشوا جميعا في أعمال البر والفضيلة ولم يقترفوا إثما، حتى جاء الموت وفرق بينهم وبين الحياة.» وطبعا هذه العبارة هي صدى للعبارة المشهورة في ألف ليلة بتنويعاتها المختلفة مثل «ولم يزالوا في أرغد عيش إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات.»
ويذكر الدكتوران مجدي وهبة وعبد الحميد يونس في مقدمة ترجمتهما العربية لحكايات كانتربري ما يلي: «وما من دارس لحكايات كانتربري أو متذوق لما تحكيه من أهداف وما تصوره من شخصيات إلا ويتذكر على الفور حكايات ألف ليلة وليلة، وهي التي عرفت في أوروبا وإنجلترا بأنها «الليالي العربية»
Página desconocida