Albert Camus: Un intento de estudiar su pensamiento filosófico
ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي
Géneros
لا الانتحار الفلسفي إذن (وهو تسمية أخرى للأمل) ولا الانتحار الجسدي هما الحل الصحيح الذي يراعي معطيات تجربة المحال؛ فمع الانتحار الفلسفي يختفي موضوع هذه التجربة الرئيسي، وهو المحال، ومع الانتحار بالجسد يختفي الوعي الذي لا تكون تجربة بدونه، باختفاء الوجود نفسه. في الانتحار الفلسفي يبقى الوعي موجودا، لكن الأمل يسقط فجأة على الأسوار التي اصطدم بها الوعي فتبدو شفافة (وكأنه يهون من عذاب السجن المعتم الذي آثرنا بمشيئتنا أن نعيش بين جدرانه). هنالك يصبح اللامعقول شيئا يمكن تمثله أو التجاوز عنه، وبذلك يختفي اللامعقول نفسه، فإذا سلب الوعي موضوعه تفكك وذاب، وارتد إلى الحالة اللاواعية التي تسود حياة كل يوم، أو التمس الراحة في المتعالي (الترانسندنس) أيا كان شكله وطبيعته. وفي كلا الحالين يتخلى الإنسان عن الحقيقة الوحيدة الواضحة البينة التي يملكها
83
ويخون أشد العذابات تمزيقا للقلب،
84
ونعني به المحال. إن الانتحار الفلسفي يسوقنا إلى الليل الذي يسوقنا إليه الانتحار الجسدي.
85 (4)
رأينا في الصفحات السابقة كيف أن كامي لا يكاد يعتقد في شيء اعتقاده في حقيقة التجربة الحية المعاشة: «الخطوط الناعمة على هذه التلال، ويد المساء على قلبي المهتاج تعلمني أكثر بكثير.»
هذه الأخلاق التي تفرض على الإنسان أن يحيا فيستنفد الحياة، أخلاق الكم التي تعنى بالامتلاء والتحقق والوجود الجسدي والتي تعبر عنها «نماذج المحال» خير تعبير هي الآن النتيجة الضرورية المترتبة على الاختيار الذي وقع عليه الإنسان في إجابته على السؤال الأساسي: هل تستحق الحياة أن نحياها أو لا تستحق؟ هذه النتيجة تعبر عنها هذه الكلمات: تعاش الحياة خير ما تعاش بمقدار ما تخلو من المعنى.
86
هذه «الميتافيزيقا» (إن جاز لنا أن نستخدم هذه الكلمة، معتمدين على أن إلغاء الميتافيزيقا هو في حد ذاته موقف ميتافيزيقي) التي تؤمن بالحاضر المباشر قد قضت على منطق الانتحار القضاء الأخير. (5)
Página desconocida