Albert Camus: Una Breve Introducción

Mumin Mahmud Ramadan Ahmad d. 1450 AH
30

Albert Camus: Una Breve Introducción

ألبير كامو: مقدمة قصيرة جدا

Géneros

وهكذا في أيام الصداقة الأولى تلك، كان كامو شخصا يستمتع سارتر بصحبته؛ كانا غالبا ما يتواصلان معا اجتماعيا، ولم يكن ثمة محادثات طويلة عن أعمالهما. وفي عام 1943، كان العديد من الكتاب المشهورين الذين ينشرون أعمالهم عند الناشر الفرنسي جاليمار والفنانين البارزين يذهبون معا إلى الحفلات، التي كان أشهرها في بيت بيكاسو، حيث شاركوا جميعا في مسرحيته.

قبيل انتهاء الاحتلال، طلب كامو من سارتر أن ينضم إليه في جريدة «كومبات» مراسلا صحفيا. وبعد انضمامه إلى فريق العمل، كتب سارتر العديد من المقالات عن المناوشات والعوائق التي حدثت خلال تحرير باريس، كما سافر إلى نيويورك ضمن دعوة للصحفيين الفرنسيين كانت ترعاها الولايات المتحدة لتقوية العلاقات بين الدولتين المتحالفتين. في تلك الفترة، كان سارتر قد ألقى محاضرته البالغة الشهرة عن الوجودية، وقد نشرت تلك المحاضرة بعد هذا بعام واحد. كانت الوجودية رائجة للغاية في ذلك الوقت، وكان من الواضح أن سارتر ودي بوفوار في طليعة تلك الظاهرة الفلسفية.

كان ثمة شيء واحد واضح: لم يرد كامو أن يظن الناس أنه كان أحد تلاميذ سارتر، فبذل قصارى جهده لتوضيح أنه لم يكن وجوديا. رغم ذلك، قلة فقط من الناس هم من فرقوا بين عبث كامو ووجودية سارتر؛ إذ كان كامو عادة (وما زال) يوصف بأنه وجودي، وكان هذا الوصف يزعجه إلى حد أنه كثيرا ما أعمل قلمه على الورق ليعبر عن رفضه لهذا الانتساب، أحيانا بهزل ومرح لكن بحزم وقوة أيضا بين الحين والآخر.

عندما كتب ناقد يحظى باهتمام كبير أن «مسرحية «كاليجولا» كلها كانت تصويرا خالصا لمبادئ السيد سارتر الوجودية»، رد كامو يقول: «بدأت أشعر بقليل (والقليل فقط) من الانزعاج من الخلط المستمر الذي يربطني بالوجودية»، كان هذا تعبيرا متحفظا. فقد احتوى رده على ثلاث نقاط تفصيلية أوضح فيها أن: (1) مسرحية «كاليجولا» كتبت عام 1938، قبل بزوغ نجم وجودية سارتر، (2) وأن «أسطورة سيزيف» كتبت لمناهضة الوجودية، (3) وأنه في نهاية المطاف لم يكن يثق في العقل بالقدر الذي يكفي لأن ينتمي إلى نظام فكري. وبالرغم من هذا التوضيح، بقي الخلط والالتباس، وظلت الأسئلة تتوالى.

خلال رحلته إلى نيويورك في يونيو لعام 1946، أجاب كامو عن الأسئلة نفسها التي طرحها عليه صحفي أمريكي بطريقة مازحة، لكنها لا تخلو من السخرية:

لا، أنا لست وجوديا. دائما ما نتفاجأ أنا وسارتر عندما نجد أسماءنا مجتمعة. ونفكر مليا في نشر إعلان مفاده أن الموقعين أدناه يؤكدان ويقران بأنه لا يوجد شيء مشترك بينهما ...

كان الفرق بين الوجودية وعبث كامو واضحا من البداية؛ فالوجودية ترتكز حول الإنسان، وتهتم بالمسئولية الشخصية في عالم جمعي، بينما العبث انفصال عن الشئون البشرية، ورفض ظاهري لكل النظم.

نقطة الخلاف هذه بالتحديد بين العبث والوجودية هي ما أدى إلى أول جدال حقيقي بين الكاتبين. حدث هذا في الأيام الأولى للحرب الباردة التي مثلت فيها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي طرفي الصراع الرئيسيين، وكان من المستحيل تقريبا عدم الانحياز إلى أحد الجانبين. كان كامو بطبيعته تقريبا مناهضا للشيوعية. وحتى عندما كان في الحزب الشيوعي فيما مضى، كان من الواضح من مزاحه مع معلمه أنه لم يكن شيوعيا. (تذكر أن سبب انضمام كامو إلى الحزب لم يكن لتمسكه بالمذهب الشيوعي، بل بالأحرى لمحاولة منع مقاومي الوجود الفرنسي في الجزائر من العرب من إنشاء حزبهم.)

في إحدى أمسيات عام 1946، في حفل أقامه الكاتب والموسيقي والمطرب بوريس فيان، دار جدال كبير بين كامو وبين موريس ميرلو-بونتي، أحد الفلاسفة المقربين من سارتر، والذي كان قد كتب لتوه مقالا أعلن فيه أن على المرء أن ينحاز إلى أحد الأطراف في الصراعات الضخمة الدائرة في عصره، وأنه لم يكن هناك خيار آخر. ورفض القيام بذلك يعني الانحياز إلى جانب القامع؛ إذ ينبغي للمرء أن ينخرط في شئون البشر. كان هذا درسا من دروس المقاومة؛ لأنه ينطبق على الحرب الباردة، وحض ميرلو-بونتي على الانحياز إلى جانب الاتحاد السوفييتي. أثار ذلك حفيظة كامو، الذي وازن بين كفتي هذا الموقف بالدعم غير المشروط لستالين (وعلى مستوى آخر، بالالتزام بقضية ما، أي قضية)؛ تجادل كامو مع ميرلو-بونتي جدالا عنيفا، ثم اندفع غاضبا إلى خارج الشقة. حاول سارتر وصديق آخر له دون جدوى أن يعيداه لينضم إلى الحفل مجددا، لكن كامو رفض.

كان موقف ميرلو-بونتي بغيضا بالنسبة إلى كامو، الذي كره فكرة أن عليه أن يؤيد جانبا، مجبرا على ذلك بالأحداث التاريخية. كان كامو غاضبا من الألمان «لإجباره على دخول التاريخ»، وكان يفضل أن يتنقل من قضية إلى أخرى، دون أي التزام دائم. ورغم أنه دافع عن مبادئ وأفكار عظيمة، فإنه لم يتقيد علانية قط بإحدى القضايا أو الأيديولوجيات - وخاصة الشيوعية؛ لأنها كانت مرتبطة تاريخيا بالصراع ضد الاستعمار. كما أن العلاقة بين الشيوعية ومناهضة الاستعمار أصبحت أكثر رواجا وتفشيا بعد الحرب العالمية الثانية.

Página desconocida