Albert Camus: Una Breve Introducción

Mumin Mahmud Ramadan Ahmad d. 1450 AH
23

Albert Camus: Una Breve Introducción

ألبير كامو: مقدمة قصيرة جدا

Géneros

وبنهاية المقال فقط، يعود كامو إلى سرده الجديد لأسطورة سيزيف: رجل محكوم عليه من قبل الآلهة بأداء مهمة عبثية، وهو أن يدفع إلى الأبد صخرة إلى أعلى التل، بحيث يراها فقط تنحدر من جديد إلى أسفل في كل مرة يصل بها إلى القمة. يجب أن يعتبر سيزيف - كما يخبرنا كامو - شخصا سعيدا؛ بمعنى أن علينا أن نعي مأزقنا، ونقبل لأقصى درجة أيا ما كانت الحياة التي سيتحتم علينا أن نعيشها على الأرض.

أهمية الغبطة

إحدى طرق مواجهة العبث بوعي هي عيش حياة مليئة بلحظات التفاعل المميز مع الطبيعة قدر المستطاع، لحظات «الانشراح». يعبر الانشراح عن الهناء، عن الوقت الذي تقضيه في الطبيعة، تحت الشمس، على الشاطئ، وسط الأطلال، إنه حيث شعر كامو بالانسجام مع العالم، وتحرر من الإحساس بالزمن. كان المكان الوجيه لإحساسه هذا - إلى جانب شمس الجزائر - هو الأنقاض الرومانية في مدينة تيبازة.

في إحدى مجموعات المقالات المبكرة المنشورة في الجزائر العاصمة عام 1938، يحكي كامو عن رحلة مدتها يوم واحد إلى تيبازة («أعراس في تيبازة»). يصف كامو في نص تعبيري بدرجة كبيرة لحظة من التوحد السامي مع الطبيعة، أثارت فيه مشاعر الحب والإحساس بالانتماء إلى «سلالة» تتمثل عظمتها «في بساطتها، تقف على الشواطئ وترسل ابتسامات متلألئة، ذات مغزى، إلى السحب». ورغم كل ما تحمله تلك اللحظة من عظمة وفخامة، فإنها مؤقتة - يقر كامو أنه لن يبقى أبدا لأكثر من يوم هناك. فلحظات الانشراح ذاتية وقصيرة - بعدها يعود إلى الجزائر العاصمة، إلى عمله النهاري، مثل سيزيف. في الواقع، من الغريب أن تناسب طبيعة حياة كامو - حياة عمل ووحشة تتخللها لحظات اتحاد مع الطبيعة - حياة موظف مكتبي تقليدي، بأسابيع طويلة من العمل الشاق تقطعها عطلات نهاية الأسبوع. يضع كامو نظاما لحياة الموظف الجديدة ويمجدها، وقد أصبحت الآن تشمل إجازات مدفوعة الأجر، وهي أحد أعظم انتصارات الحركة العمالية الفرنسية.

بعد أكثر من عقد على ذلك، يعود كامو إلى أنقاضه المحبوبة، ويكتب «عودة إلى تيبازة»، بالتعبير النابض والعاطفي نفسه عن الصلة القديمة الثابتة بينه وبين الطبيعة وتلك الأرض - صلة يدعوها عشقا. تلك هي اللحظة المطلقة للشخص الذي يعي بالعبث: لحظة الاتحاد مع الطبيعة، ورفض الحضارة، والمنطق، والتقدم ، والتاريخ. والمفارقة بالتأكيد هنا هي أن تيبازة كانت إحدى البؤر الاستعمارية في روما القديمة. وعلى الرغم من أن كامو يريد أن يتجنب التاريخ البشري وأحداثه، فإنهما يواصلان العودة: أحيانا يتجليان من الخارج، فيفرضان تغييرا على النصوص، كما حدث في «كاليجولا»، وأحيانا يكونان جزءا من المنظر الطبيعي كما في تيبازة.

يكتب كامو أن الحياة بلا معنى، لكن حتى غياب المعنى فيها يضفي عليها معنى. ولذا يعطي غياب المعنى اسما. فكرة العبث هي شكل من أشكال التناقض، ويخصص كامو لنفسه مكانة بطولية لملاحظته إياه والعيش فيه. وبدفاعه عن الجهل ورفضه لاعتبار التفسيرات شرطا مسبقا للسعادة، ينظر كامو يأسه ببراعة، الأمر الذي قد يكون مرجعه هو الوضع الصعب في الجزائر المستعمرة، ويعقلن رفضه مواجهة ذلك الوضع. من هذه اللحظة فصاعدا، يرفض كامو الالتزامات السياسية الطويلة الأمد، ويصبح تدخله في السياسة مبنيا على أساس التدخل في كل قضية على حدة.

نجاح فكرة كامو عن العبث وجاذبيتها هو على الأرجح ما يعطي قراءه وسيلة للإحساس بتعاستهم - والتعايش معها، وهذا شكل من أشكال التحولات الميتافيزيقية عند كامو. إذ يخبر قراءه أن يقبلوا بتعاستهم، أن يضعوها في صميم حياتهم ويستخدموها لتساعدهم على العيش بأسلوب أفضل. بتلك الطريقة يصبح العبث أيديولوجية لتقبل المرء لذاته تستبعد الصراعات الاجتماعية والتاريخية.

لكن، في الوقت الذي انتهى فيه كامو من «أسطورة سيزيف»، عاد التاريخ البشري إلى الصخب، باندلاع الحرب العالمية الثانية. أدى هذا إلى تغيرات جدية في طريقة تفكير كامو. وبعدها بقليل، تراجع العبث أمام فكرة كامو الجديدة عن التمرد.

الفصل الرابع

متمرد بلا قضية

Página desconocida