Az-Zawajir 'An Iqtiraf Al-Kaba'ir

Ibn Hajar Haytami d. 974 AH
65

Az-Zawajir 'An Iqtiraf Al-Kaba'ir

الزواجر عن اقتراف الكبائر

Editorial

دار الفكر

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

Géneros

Fiqh Shafi'i
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَهُوَ وَاضِحٌ بَعْدَ أَنْ عَلِمْتَ مَا جَاءَ فِيهِ مِنْ تِلْكَ النُّصُوصِ الْقَطْعِيَّةِ وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ السَّنِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ تَطَابَقَتْ كَلِمَاتُ الْأَئِمَّةِ عَلَى ذَمِّهِ وَأَطْبَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَتَعْظِيمِ إثْمِهِ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ ﵁ لِمَنْ رَآهُ يُطَأْطِئُ رَقَبَتَهُ: يَا صَاحِبَ الرَّقَبَةِ ارْفَعْ رَقَبَتَك، لَيْسَ الْخُشُوعُ فِي الرِّقَابِ وَإِنَّمَا الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ. وَرَأَى أَبُو أُمَامَةَ رَجُلًا يَبْكِي فِي الْمَسْجِدِ فِي سُجُودِهِ فَقَالَ: أَنْتَ أَنْتَ لَوْ كَانَ هَذَا فِي بَيْتِك. وَقَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لِلْمُرَائِي ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ: يَكْسَلُ إذَا كَانَ وَحْدَهُ، وَيَنْشَطُ إذَا كَانَ فِي النَّاسِ، وَيَزِيدُ فِي الْعَمَلِ إذَا أُثْنِيَ عَلَيْهِ وَيَنْقُصُ إذَا ذُمَّ. وَقَالَ: يُعْطَى الْعَبْدُ عَلَى نِيَّتِهِ مَا لَا يُعْطَى عَلَى عَمَلِهِ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا رِيَاءَ فِيهَا. «وَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ ﵁ لِمَنْ قَالَ: أُقَاتِلُ بِسَيْفِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ وَمَحْمَدَةَ النَّاسِ: لَا شَيْءَ لَك، لَا شَيْءَ لَك، لَا شَيْءَ لَك، إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ» الْحَدِيثَ، وَقَدْ ذَمَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ مَنْ يَقُولُ: هَذِهِ لِوَجْهِ اللَّهِ وَوَجْهِ فُلَانٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا شَرِيكَ لَهُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: إذَا رَاءَى الْعَبْدُ يَقُولُ اللَّهُ - تَعَالَى -: عَبْدِي يَسْتَهْزِئُ بِي. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ ﵁: مَا صَدَقَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَهِرَ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ ﵁: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مُرَاءٍ فَلْيَنْظُرْ إلَيَّ، وَقَالَ أَيْضًا: تَرْكُ الْعَمَلِ لِأَجْلِ النَّاسِ رِيَاءٌ، وَالْعَمَلُ لِأَجْلِ النَّاسِ شِرْكٌ، وَالْإِخْلَاصُ أَنْ يُعَافِيَك اللَّهُ مِنْهُمَا. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَثَلُ مَنْ يَعْمَلُ رِيَاءً وَسُمْعَةً كَمَثَلِ مَنْ مَلَأَ كِيسَهُ حَصًى ثُمَّ دَخَلَ السُّوقَ لِيَشْتَرِيَ بِهِ، فَإِذَا فَتَحَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْبَائِعِ افْتَضَحَ، وَضَرَبَ بِهِ وَجْهَهُ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِهِ مَنْفَعَةٌ سِوَى قَوْلِ النَّاسِ: مَا أَمْلَأَ كِيسَهُ وَلَا يُعْطَى بِهِ شَيْئًا، فَكَذَلِكَ مَنْ عَمِلَ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي عَمَلِهِ سِوَى مَقَالَةِ النَّاسِ وَلَا ثَوَابَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣] أَيْ الْأَعْمَالُ الَّتِي قُصِدَ بِهَا غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَبْطُلُ ثَوَابُهَا صَارَتْ كَالْهَبَاءِ الْمَنْثُورِ، وَهُوَ الْغُبَارُ الَّذِي يُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ. (تَنْبِيهَاتٌ) مِنْهَا: الرِّيَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ الرُّؤْيَةِ وَالسُّمْعَةُ مِنْ السَّمَاعِ. وَحَدُّ الرِّيَاءِ الْمَذْمُومِ إرَادَةُ الْعَامِلِ بِعِبَادَتِهِ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى كَأَنْ يَقْصِدَ اطِّلَاعَ النَّاسِ عَلَى عِبَادَتِهِ وَكَمَالِهِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ مِنْهُمْ نَحْوُ مَالٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ ثَنَاءٍ. إمَّا بِإِظْهَارِ نُحُولٍ وَصُفْرَةٍ، وَنَحْوِ تَشَعُّثِ شَعْرٍ، وَبَذَاذَةِ هَيْئَةٍ، وَخَفْضِ صَوْتٍ، وَغَمْضِ جَفْنٍ إيهَامًا لِشِدَّةِ اجْتِهَادِهِ فِي الْعِبَادَةِ

1 / 69