الكلام في قولنا قبل قراءة القرآن العظيم:
أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم
قال أهل المعرفة: هذه الكلمةُ وسيلةُ المتقرِّبين (^١)، واعتصامُ الخائفين، وعُتْبَى (^٢) المجرمين، ورُجعَى الهاربين، ومباسطةُ المحبِّين، وهو امتثالٌ لقول (^٣) ربِّ العالمين: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: ٩٨].
ونزولُها كان عند إلقاءِ الشيطان في تلاوةِ النبيِّ ﷺ ما (^٤) قصَّ اللَّه تعالى في كتابه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ [الحج: ٥٢] وسيأتيكم بيانه إن شاء اللَّه تعالى في موضعه، وباللَّه العصمة والتوفيق.
ومعنى أعوذ: أَلْتَجِئ، وقيل: أستَعْصِم، وقيل: أستَجِير، وقيل: أستعينُ، وقيل: أستغيثُ.
وفارسيتُه: (مي اندخشم ويناه مي خواهم، ونكاه داشت مي خواهم، وامان مي خواهم، وقاري مي خواهم، وفرياد مي خواهم) (^٥).
والعَوذُ والعيَاذُ مصدرانِ: كاللَّوذِ واللِّياذِ، والصَّوم والصيام.
وقيل: هو الاستجارةُ بذي مَنَعةٍ.
(^١) في (أ): "المقربين".
(^٢) في (ر): "وعقبى".
(^٣) في (أ) و(ف): "قول".
(^٤) في (ف): "كما".
(^٥) في هامش (ف): "تعريب الفارسية: قوله إلى: فرياد مي خواهم، تفسير لما قبله من الأقوال في تفسير أعوذ على الترتيب".