210

التقرير والتحبير في شرح كتاب التحرير

التقرير والتحبير في شرح كتاب التحرير

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٣هـ - ١٩٨٣م

Géneros

Usul al-Fiqh
الرِّجَالَ» فَأُنْزِلَتْ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ سَلَمَةَ وَمِنْ طَرِيقِ أُمِّ عِمَارَةَ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ) إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ وَأَنَّ التِّرْمِذِيَّ حَسَّنَهُ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِي فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قُلْت لِلنَّبِيِّ ﷺ: مَا لَنَا لَا نُذْكَرُ فِي الْقُرْآنِ كَمَا يُذْكَرُ الرِّجَالُ قَالَتْ فَلَمْ يَرُعْنِي مِنْهُ ذَاتَ يَوْمٍ إلَّا وَنِدَاؤُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَيُّهَا النَّاسُ قَالَتْ: وَأَنَا أُسَرِّحُ رَأْسِي فَلَفَفْت شَعْرِي ثُمَّ دَنَوْت مِنْ الْبَابِ فَجَعَلْت سَمْعِي عِنْدَ الْجَرِيدِ فَسَمِعْته يَقُولُ إنَّ اللَّهَ ﷿ يَقُولُ ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥]» هَذِهِ الْآيَةَ بَلْ قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَوَّلَهُ هَكَذَا انْتَهَى وَلَا ذِكْرَ لَهُ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ عُمَارَةَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ نَعَمْ هُوَ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِهَا بِلَفْظِ «أَنَّهَا أَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ مَا أَرَى كُلَّ شَيْءٍ إلَّا لِلرِّجَالِ، وَمَا أَرَى النِّسَاءَ يُذْكَرْنَ بِشَيْءٍ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥]» الْآيَةَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنٍ مُرْسَلًا، وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ يَعْنِي الرَّاوِيَ لَهُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مَرْفُوعًا وَذَكَرَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ سَأَلَتْ أَيْضًا عَنْ ذَلِكَ نَحْوَ سُؤَالِ أُمِّ عُمَارَةَ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا ضَيْرَ فَإِنَّ الْحَاصِلَ أَنَّهُنَّ نَفَيْنَ ذِكْرَهُنَّ مُطْلَقًا (فَقَرَّرَ) النَّبِيُّ ﷺ (النَّفْيَ) وَلَوْ كُنَّ دَاخِلَاتٍ لَمْ يُصَدِّقْ نَفْيَهُنَّ وَلَمْ يُقْرِرْهُنَّ عَلَيْهِ بَلْ مَنَعَهُنَّ مِنْهُ (وَهُنَّ أَيْضًا مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ) نَعَمْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ «دَخَلَ نِسَاءٌ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ فَقُلْنَ قَدْ ذَكَرَكُنَّ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ نُذْكَرْ بِشَيْءٍ أَمَا فِينَا مَا يُذْكَرُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥]» الْآيَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْهُ نَحْوَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا تَقَدَّمَ رَاجِحًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُعَكِّرٌ لِلْمَطْلُوبِ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
(قَالُوا) أَيْ الْحَنَابِلَةُ (صَحَّ) إطْلَاقَهُ (لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ) ك: ﴿اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٣٨] خِطَابًا لِآدَمَ وَحَوَّاءَ وَإِبْلِيسَ (كَمَا لِلْمُذَكَّرِ فَقَطْ، وَالْأَصْلُ) فِي الْإِطْلَاقِ (الْحَقِيقَةُ أُجِيبَ يَلْزَمُ الِاشْتِرَاكُ) اللَّفْظِيُّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ (وَالْمَجَازُ خَيْرٌ) مِنْهُ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْنَعَ أَنَّهُ لِلرِّجَالِ وَحْدَهُمْ حَقِيقَةً بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْكُلِّ (وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ)، وَهُوَ ابْنُ الْحَاجِبِ (مَنْ يُورِدُ دَلِيلَهُمْ) أَيْ الْحَنَابِلَةِ (هَكَذَا الْمَعْرُوفُ) مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ (تَغْلِيبُ الذُّكُورِ) عَلَى الْإِنَاثِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا بِاتِّفَاقٍ، وَهَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ بِدُخُولِ النِّسَاءِ فِيهِ (وَيُجِيبُ بِكَوْنِهِ إذًا مَجَازًا وَأَنَّهُ خَيْرٌ إلَى آخِرِهِ وَهُوَ) أَيْ إيرَادُ دَلِيلِهِمْ هَكَذَا (بَعِيدٌ) مِنْهُمْ (إذْ اعْتِرَافُهُمْ بِالتَّغْلِيبِ اعْتِرَافٌ بِالْمَجَازِ) لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ (وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ) مِنْ إيرَادِ دَلِيلِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَمِنْ إيرَادِهِ عَلَى مَا قَالَهُ هَذَا الْمُحَقِّقُ (فَالِانْفِصَالُ) عَنْ دَلِيلِهِمْ (بِكَوْنِ الْمَجَازِ خَيْرًا إنَّمَا هُوَ فِي اللَّفْظِيِّ وَيُمْكِنُ ادِّعَاؤُهُمْ الْمَعْنَوِيَّ أَيْ هُوَ) أَيْ جَمْعُ الْمُذَكَّرِ (لِلْأَحَدِ الدَّائِرِ فِي عُقَلَاءِ الْمُذَكَّرِينَ مُنْفَرِدِينَ أَوْ مَعَ الْإِنَاثِ فَلَا يَتِمُّ) الِانْفِصَالُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَوِيَّ خَيْرٌ مِنْ الْمَجَازِ
(وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ الصِّيغَةَ لِلْمُشْتَرَكِ الْمَعْنَوِيِّ (شُمُولُ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِالصِّيغَةِ) لَهُنَّ أَيْضًا كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ الثَّابِتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٨٣] وَقَوْلِهِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] (فَإِنْ قِيلَ) شُمُولُهَا لَهُنَّ (بِخَارِجٍ) كَالْحَدِيثِ الْحَسَنِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ «إنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» وَالْإِجْمَاعُ (مَنَعَ)

1 / 211