التلويح في كشف حقائق التنقيح

Saad al-Din al-Taftazani d. 792 AH
67

التلويح في كشف حقائق التنقيح

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Editorial

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Número de edición

١٣٧٧ هـ

Año de publicación

١٩٥٧ م

Ubicación del editor

مصر

Géneros

Usul al-Fiqh
مُقَدَّرًا خِلَافًا لَهُ)؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَرَضْنَا مَعْنَاهُ قَدَّرْنَا وَتَقْدِيرُ الشَّارِعِ إمَّا أَنْ يَمْنَعَ الزِّيَادَةَ أَوْ يَمْنَعَ النُّقْصَانَ وَالْأَوَّلُ مُنْتَفٍ؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى غَيْرُ مُقَدَّرٍ فِي الْمَهْرِ إجْمَاعًا فَتَعَيَّنَ الثَّانِي فَيَكُونُ الْأَدْنَى مُقَدَّرًا، وَلَمَّا لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ الْمَفْرُوضَ قَدَّرْنَاهُ بِطَرِيقِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ بِشَيْءٍ هُوَ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا فِي مِثْلِ هَذَا الْبَابِ أَيْ: كَوْنُهُ عِوَضًا لِبَعْضِ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا وُجُوبُ قَطْعِ الْيَدِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ مَا يَصْلُحُ ثَمَنًا يَصْلُحُ مَهْرًا، وَقَدْ أَوْرَدَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْفَصْلِ مَسَائِلَ أُخَرَ أَوْرَدْتُهَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ فِي آخِرِ فَصْلِ النَّسْخِ إلَّا مَسْأَلَتَيْنِ تَرَكْتُهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ مَخَافَةَ التَّطْوِيلِ وَهُمَا مَسْأَلَتَا الْهَدْمِ وَالْقَطْعِ مَعَ الضَّمَانِ. ــ [التلويح] الْمَشْهُورُ أَنَّ الْفَرْضَ حَقِيقَةٌ فِي الْقَطْعِ وَالْإِيجَابِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ قَدْ عَلِمْنَا مَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الْأَزْوَاجِ وَالْإِمَاءِ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمَهْرِ بِقَرِينَةِ تَعْدِيَتِهِ بِعَلَى، وَعَطْفِ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ عَلَى الْأَزْوَاجِ مَعَ أَنَّ الثَّابِتَ فِي حَقِّهِنَّ لَيْسَ بِمُقَدَّرٍ فِي الشَّرْعِ، وَذَهَبَ الْأُصُولِيُّونَ إلَى أَنَّ الْفَرْضَ لَفْظٌ خَاصٌّ حَقِيقَةً فِي التَّقْدِيرِ بِدَلِيلِ غَلَبَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِ شَرْعًا يُقَالُ فَرَضَ النَّفَقَةَ أَيْ: قَدَّرَهَا ﴿أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٦] تُقَدِّرُوا وَفَرَضْنَا أَيْ: قَدَّرْنَاهَا وَمِنْهُ الْفَرَائِضُ لِلسِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ دَفْعًا لِلِاشْتِرَاكِ، وَتَعْدِيَتُهُ بِعَلَى لِتَضْمِينِ مَعْنَى الْإِيجَابِ وَقَوْلُهُ ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [الأحزاب: ٥٠] مَعْنَاهُ وَمَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْإِيجَابِ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا مُخَالِفًا لِتَصْرِيحِ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَطْعِ لُغَةً، وَفِي الْإِيجَابِ شَرْعًا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: خُصَّ فَرْضُ الْمَهْرِ أَيْ: تَقْدِيرُهُ بِالشَّارِعِ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ إسْنَادَ الْفِعْلِ إلَى الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي صُدُورِ الْفِعْلِ عَنْهُ فَيَكُونُ لَفْظُ فَرَضْنَا مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهُ عَلَى الْإِسْنَادِ خَاصًّا فِي أَنَّ مُقَدِّرَ الْمَهْرِ هُوَ الشَّارِعُ عَلَى مَا هُوَ وَضْعُ الْإِسْنَادِ، وَهَذَا تَدْقِيقٌ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الْفَرْضِ هَاهُنَا بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ دُونَ الْإِيجَابِ. (قَوْلُهُ وَهُمَا مَسْأَلَتَا الْهَدْمِ وَالْقَطْعِ مَعَ الضَّمَانِ) هُمَا مَسْأَلَتَانِ خَالَفَ فِيهِمَا الشَّافِعِيُّ أَبَا حَنِيفَةَ مُحْتَجًّا بِأَنَّ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ تَرْكَ الْعَمَلِ بِالْخَاصِّ. تَقْرِيرُ الْأُولَى أَنَّ لَفْظَ حَتَّى فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠] خَاصٌّ فِي الْغَايَةِ، وَأَثَرُ الْغَايَةِ فِي انْتِهَاءِ مَا قَبْلَهَا لَا فِي إثْبَاتِ مَا بَعْدَهَا فَوَطْءُ الزَّوْجِ الثَّانِي يَكُونُ غَايَةً لِلْحُرْمَةِ السَّابِقَةِ لَا مُثْبِتًا لِحِلٍّ جَدِيدٍ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْحِلُّ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ وَهُوَ كَوْنُهَا مِنْ بَنَاتِ آدَمَ خَالِيَةً مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ كَمَا فِي الصَّوْمِ تَنْتَهِي حُرْمَةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِاللَّيْلِ، ثُمَّ يَثْبُتُ الْحِلُّ بِالْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ، فَوَطْءُ الزَّوْجِ الثَّانِي يَهْدِمُ حُكْمَ مَا مَضَى مِنْ طَلَقَاتِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَتْ ثَلَاثًا لِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بِهَا وَلَا يَهْدِمُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ، إذْ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَلَا تَصَوُّرَ لِغَايَةِ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُودِ أَصْلِهِ، فَفِي الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَهْدِمُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ أَيْضًا كَمَا هُوَ

1 / 68