التلويح في كشف حقائق التنقيح

Saad al-Din al-Taftazani d. 792 AH
58

التلويح في كشف حقائق التنقيح

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Editorial

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Número de edición

١٣٧٧ هـ

Año de publicación

١٩٥٧ م

Ubicación del editor

مصر

Géneros

Usul al-Fiqh
وَاسِطَةً بَيْنَ الْعَامِّ، وَالْخَاصِّ نَحْوَ رَأَيْت الْيَوْمَ رِجَالًا فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ جَمِيعَ الرِّجَالِ غَيْرُ مَرْئِيٍّ. (وَإِنْ كَانَ) أَيْ: الْكَثِيرُ. (مَحْصُورًا) كَالْعَدَدِ وَالتَّثْنِيَةِ. (أَوْ وُضِعَ لِلْوَاحِدِ فَخَاصٌّ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَاحِدُ بِاعْتِبَارِ الشَّخْصِ كَزَيْدٍ، أَوْ بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ كَرَجُلٍ وَفَرَسٍ. (ثُمَّ الْمُشْتَرَكُ أَنَّ تَرَجُّحَ بَعْضِ مَعَانِيهِ بِالرَّأْيِ يُسَمَّى مُؤَوَّلًا) . أَصْحَابُنَا قَسَّمُوا اللَّفْظَ بِاعْتِبَارِ الصِّيغَةِ، وَاللُّغَةِ أَيْ: بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ عَلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَالْمُشْتَرَكِ وَالْمُؤَوَّلِ، وَإِنَّمَا لَمْ أُورِدْ الْمُؤَوَّلَ فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ، بَلْ بِاعْتِبَارِ رَأْيِ الْمُجْتَهِدِ ثُمَّ هَاهُنَا تَقْسِيمٌ آخَرُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَمَعْرِفَةِ الْأَقْسَامِ ــ [التلويح] بِالْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَجَمْعٌ مُنَكَّرٌ الْجَمْعَ الَّذِي تَدُلُّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ اسْتِغْرَاقِهِ، مِثْلُ رَأَيْت الْيَوْمَ رِجَالًا وَفِي الدَّارِ رِجَالٌ إلَّا أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ، بَلْ كُلُّ عَامٍّ مَقْصُورٌ عَلَى الْبَعْضِ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ أَوْ غَيْرِهِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَاسِطَةً جَمْعًا مُنَكَّرًا أَوْ نَحْوَهُ عَلَى مُقْتَضَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ فَجَمْعٌ مُنَكَّرٌ وَنَحْوُهُ وَفَسَادُهُ بَيِّنٌ. (قَوْلُهُ أَوْ بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ كَرَجُلٍ وَفَرَسٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ النَّوْعِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ قَدْ يَكُونُ نَوْعًا مَنْطِقِيًّا كَالْفَرَسِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ كَالرَّجُلِ فَإِنَّ الشَّرْعَ قَدْ يَجْعَلُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ نَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ نَظَرًا إلَى اخْتِصَاصِ الرَّجُلِ بِأَحْكَامٍ مِثْلِ النُّبُوَّةِ، وَالْإِمَامَةِ وَالشَّهَادَةِ فِي الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُشْتَرَكُ) ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ أَنَّ أَقْسَامَ النَّظْمِ صِيغَةً وَلُغَةً أَرْبَعَةٌ: الْخَاصُّ وَالْعَامُّ، وَالْمُشْتَرَكُ وَالْمُؤَوَّلُ وَفَسَّرَ الْمُؤَوَّلَ بِمَا تَرَجَّحَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَعْضُ وُجُوهِهِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُؤَوَّلَ قَدْ لَا يَكُونُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ، وَتَرَجُّحُهُ قَدْ لَا يَكُونُ بِغَالِبِ الرَّأْيِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمِيزَانِ أَنَّ الْمُجْمَلَ وَالْمُشْكِلَ وَالْخَفِيَّ وَالْمُشْتَرَكَ إذَا لَحِقَهَا الْبَيَانُ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ يُسَمَّى مُفَسَّرًا وَإِذَا زَالَ خَفَاؤُهَا بِدَلِيلٍ فِيهِ شُبْهَةٌ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ يُسَمَّى مُؤَوَّلًا، وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ تَعْرِيفَ مُطْلَقِ الْمُؤَوَّلِ، بَلْ الْمُؤَوَّلُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي مِنْ أَقْسَامِ النَّظْمِ صِيغَةً وَلُغَةً، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ غَالِبَ الرَّأْيِ مَعْنَاهُ الظَّنُّ الْغَالِبُ سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ أَوْ الْقِيَاسِ أَوْ التَّأَمُّلِ فِي الصِّيغَةِ كَمَا فِي ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ مِنْ أَقْسَامِ النَّظْمِ صِيغَةً وَلُغَةً أَنَّ الْحُكْمَ بَعْدَ التَّأْوِيلِ مُضَافٌ إلَى الصِّيغَةِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِغَالِبِ الرَّأْيِ التَّأَمُّلُ، وَالِاجْتِهَادُ فِي نَفْسِ الصِّيغَةِ، وَقَيَّدَ بِالِاشْتِرَاكِ وَالتَّرَجُّحِ بِالِاجْتِهَادِ وَالتَّأَمُّلِ فِي نَفْسِ الصِّيغَةِ لِيَتَحَقَّقَ كَوْنُهُ مِنْ أَقْسَامِ النَّظْمِ، وَلُغَةً فَإِنَّ الْمُشْتَرَكَ مَوْضُوعٌ لِمَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ فَإِذَا حُمِلَ عَلَى أَحَدِهَا بِالنَّظَرِ فِي الصِّيغَةِ أَيْ: اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَقْسَامِ النَّظْمِ صِيغَةً وَلُغَةً أَيْ: وَضْعًا بِخِلَافِ مَا إذَا حُمِلَ عَلَيْهِ بِقَطْعِيٍّ فَإِنَّهُ يَكُونُ تَفْسِيرًا لَا تَأْوِيلًا أَوْ بِقِيَاسٍ أَوْ خَبَرٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مِنْ أَقْسَامِ النَّظْمِ صِيغَةً وَلُغَةً وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَكًا، بَلْ خَفِيًّا أَوْ

1 / 59