التلويح في كشف حقائق التنقيح

Saad al-Din al-Taftazani d. 792 AH
53

التلويح في كشف حقائق التنقيح

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Editorial

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Número de edición

١٣٧٧ هـ

Año de publicación

١٩٥٧ م

Ubicación del editor

مصر

Géneros

Usul al-Fiqh
رُكْنًا لَازِمًا فِي حَقِّ جَوَازِ الصَّلَاةِ خَاصَّةً، بَلْ اعْتَبَرَ الْمَعْنَى فَقَطْ حَتَّى لَوْ قَرَأَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ جَازَتْ الصَّلَاةُ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا قَالَ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ لَازِمًا فِي غَيْرِ جَوَازِ الصَّلَاةِ كَقِرَاءَةِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ بِالْفَارِسِيَّةِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ لِعَدَمِ النَّظْمِ. لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ أَيْ: عَنْ عَدَمِ لُزُومِ النَّظْمِ فِي حَقِّ جَوَازِ الصَّلَاةِ ــ [التلويح] إطْلَاقِهِ. قُلْنَا النَّظْمُ حَقِيقَةً فِي جَمْعِ اللُّؤْلُؤِ فِي السِّلْكِ وَمِنْهُ نَظْمُ الشِّعْرِ وَاللَّفْظُ حَقِيقَةٌ فِي الرَّمْيِ، وَمِنْهُ اللَّفْظُ بِمَعْنَى التَّكَلُّمِ فَأُوثِرَ النَّظْمُ رِعَايَةً لِلْأَدَبِ وَإِشَارَةً إلَى تَشْبِيهِ الْكَلِمَاتِ بِالدُّرَرِ. (قَوْلُهُ بَلْ اُعْتُبِرَ الْمَعْنَى) لِأَنَّ مَبْنَى النَّظْمِ عَلَى التَّوْسِعَةِ، وَالْمَعْنَى هُوَ الْمَقْصُودُ لَا سِيَّمَا فِي حَالَةِ الْمُنَاجَاةِ فَرُخِّصَ فِي إسْقَاطِ لُزُومِ النَّظْمِ وَرُخْصَةُ الْإِسْقَاطِ لَا تَخْتَصُّ بِالْعُذْرِ وَذَلِكَ فِيمَنْ لَا يُتَّهَمُ بِشَيْءٍ مِنْ الْبِدَعِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْ أَكْثَرَ غَيْرِ مُؤَوَّلَةٍ وَلَا مُحْتَمِلَةٍ لِلْمَعَانِي، وَقِيلَ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَالِ النَّظْمِ حَتَّى تَبْطُلَ الصَّلَاةُ بِقِرَاءَةِ التَّفْسِيرِ فِيهَا اتِّفَاقًا وَقِيلَ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ وَإِلَّا لَكَانَ مَجْنُونًا فَيُدَاوَى أَوْ زِنْدِيقًا فَيُقْتَلُ. وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي أَنَّ رُكْنَ الشَّيْءِ كَيْفَ لَا يَكُونُ لَازِمًا فَسَيَجِيءُ، فَإِنْ قِيلَ إنْ كَانَ الْمَعْنَى قُرْآنًا يَلْزَمُ عَدَمُ اعْتِبَارِ النَّظْمِ فِي الْقُرْآنِ، وَعَدَمُ صِدْقِ الْحَدِّ أَعْنِي الْمَنْقُولَ بَيْنَ دَفَّتَيْ الْمَصَاحِفِ تَوَاتُرًا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا يَلْزَمُ عَدَمُ فَرِيضَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ. قُلْنَا أَقَامَ الْعِبَارَةَ الْفَارِسِيَّةَ مَقَامَ النَّظْمِ الْمَنْقُولِ فَجَعَلَ النَّظْمَ مَرْعِيًّا مَنْقُولًا فِي الْمَصَاحِفِ تَقْدِيرًا، أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ تَحْقِيقًا أَوْ حَمَلَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠] عَلَى وُجُوبِ رِعَايَةِ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ بِدَلِيلٍ لَاحَ لَهُ، فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ فِي الْآيَةِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَذَا لَا يَجُوزُ، إذْ الْقُرْآنُ حَقِيقَةٌ فِي النَّظْمِ الْعَرَبِيِّ الْمَنْقُولِ مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ قُلْنَا مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ أَنْ تُرَادَ الْحَقِيقَةُ، وَيَثْبُتَ الْحُكْمُ فِي الْمَجَازِ بِالْقِيَاسِ أَوْ دَلَالَةُ النَّصِّ نَظَرًا إلَى الْمُعْتَبَرِ هُوَ الْمَعْنَى عَلَى مَا سَبَقَ. (قَوْلُهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفَارِسِيَّةَ وَغَيْرَهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي الْفَارِسِيَّةِ لَا غَيْرُ. ١ - (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ قَرَأَ آيَةً) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَادُ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ بَلْ لِلْمُتَطَهِّرِ أَيْضًا، فَإِنْ قِيلَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ تَجِبُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ بِالْقِرَاءَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَيَحْرُمُ لِغَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ مَسُّ مُصْحَفٍ كُتِبَ بِالْفَارِسِيَّةِ فَقَدْ جَعَلَ النَّظْمَ غَيْرَ لَازِمٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ خَاصَّةً قُلْنَا بَنَى كَلَامَهُ عَلَى رَأْيِ الْمُتَقَدِّمِينَ، فَإِنَّهُ لَا نَصَّ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، وَالْمُتَأَخِّرُونَ بَنَوْا الْأَمْرَ عَلَى الِاحْتِيَاطِ لِقِيَامِ الرُّكْنِ الْمَقْصُودِ أَعْنِي الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ رَجَعَ) إلَى قَوْلِهِمَا عَلَى مَا رَوَى نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْهُ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى ظَاهِرًا حَيْثُ وَصَفَ الْمُنَزَّلَ بِالْعَرَبِيِّ، وَقَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُشْكِلَةٌ

1 / 54