التلويح في كشف حقائق التنقيح

Saad al-Din al-Taftazani d. 792 AH
15

التلويح في كشف حقائق التنقيح

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Editorial

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Número de edición

١٣٧٧ هـ

Año de publicación

١٩٥٧ م

Ubicación del editor

مصر

Géneros

Usul al-Fiqh
فَالتَّعْرِيفُ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْمَحْصُولِ لَا يَطَّرِدُ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْأَصْلَ (لَا يُطْلَقُ عَلَى الْفَاعِلِ) أَيْ الْعِلَّةِ الْفَاعِلِيَّةِ (وَالصُّورَةِ) أَيْ الْعِلَّةِ الصُّورِيَّةِ (وَالْغَايَةِ) أَيْ الْعِلَّةِ الْغَائِبَةِ (وَالشُّرُوطِ) كَأَدَوَاتِ الصِّنَاعَةِ مَثَلًا فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ صَادِقٌ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِكَوْنِهَا مُحْتَاجًا إلَيْهَا وَالْمَحْدُودُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يُسَمَّى أَصْلًا فَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّعْرِيفُ الِاسْمِيُّ (وَالْفِقْهُ مَعْرِفَةُ النَّفْسِ مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا وَيُزَادُ عَمَلًا لِيُخْرِجَ الِاعْتِقَادِيَّات وَالْوِجْدَانِيَّات فَيَخْرُجُ الْكَلَامُ وَالتَّصَرُّفُ وَمَنْ لَمْ يَزِدْ أَرَادَ الشُّمُولَ) هَذَا التَّعْرِيفُ مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَالْمَعْرِفَةُ إدْرَاكُ الْجُزْئِيَّاتِ عَنْ دَلِيلٍ فَخَرَجَ التَّقْلِيدُ وَقَوْلُهُ مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا تَنْتَفِعُ بِهِ النَّفْسُ وَمَا تَتَضَرَّرُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [البقرة: ٢٨٦]، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِمَا الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ فَاعْلَمْ أَنَّ مَا يَأْتِي بِهِ الْمُكَلَّفُ، إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ مُبَاحٌ أَوْ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ أَوْ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ أَوْ حَرَامٌ فَهَذِهِ سِتَّةٌ، ثُمَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ طَرَفَانِ طَرَفُ الْفِعْلِ وَطَرَفُ التَّرْكِ يَعْنِي عَدَمَ الْفِعْلِ فَصَارَتْ اثْنَيْ عَشَرَ فَفِعْلُ الْوَاجِبِ ــ [التلويح] فَفِي الْجُمْلَةِ تَعْرِيفُ الْأَصْلِ بِالْمُحْتَاجِ إلَيْهِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ، إذْ لَا يَصْدُقُ أَنَّ كُلَّ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ أَصْلٌ؛ لِأَنَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الشَّيْءُ إمَّا دَاخِلٌ فِيهِ أَوْ خَارِجٌ عَنْهُ وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ وُجُودُ الشَّيْءِ مَعَهُ بِالْقُوَّةِ، وَهُوَ الْمَادَّةُ كَالْخَشَبِ لِلسَّرِيرِ أَوْ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ الصُّورَةُ كَالْهَيْئَةِ السَّرِيرِيَّةِ لَهُ. وَالثَّانِي إنْ كَانَ مَا مِنْهُ الشَّيْءُ فَهُوَ الْفَاعِلُ كَالنَّجَّارِ لِلسَّرِيرِ، وَإِنْ كَانَ مَا لِأَجْلِهِ الشَّيْءُ فَهُوَ الْغَايَةُ كَالْجُلُوسِ عَلَى السَّرِيرِ وَإِلَّا فَهُوَ الشَّرْطُ كَآلَاتِ النَّجَّارِ وَقَابِلِيَّةِ الْخَشَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذِهِ أَقْسَامٌ خَمْسَةٌ لِلْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لَا يُطْلَقُ لَفْظُ الْأَصْلِ لُغَةً إلَّا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا هُوَ الْمَادَّةُ كَمَا يُقَالُ أَصْلُ هَذَا السَّرِيرِ خَشَبٌ كَذَا وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ يَصْدُقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَصْلٌ فَلَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ مُطَّرِدًا مَانِعًا وَهَاهُنَا بَحْثٌ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا مَنْعُ اشْتِرَاطِ الطَّرْدِ فِي مُطْلَقِ التَّعْرِيفِ لَا سِيَّمَا فِي الِاسْمِيِّ فَإِنَّ كُتُبَ اللُّغَةِ مَشْحُونَةٌ بِتَفْسِيرِ الْأَلْفَاظِ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ مَفْهُومَاتِهَا وَقَدْ صَرَّحَ الْمُحَقِّقُونَ بِأَنَّ التَّعْرِيفَاتِ النَّاقِصَةَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَعَمَّ بِحَيْثُ لَا يُفِيدُ الِامْتِيَازُ إلَّا عَنْ بَعْضِ مَا عَدَا الْمَحْدُودَ وَأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ تَفْسِيرِ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ تَمَيُّزَهُ عَنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَيُكْتَفَى بِمَا يُفِيدُ الِامْتِيَازَ عَنْهُ كَمَا إذَا قَصَدَ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفُرُوعِ فَيُفَسَّرُ الْأَوَّلُ بِالْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَالثَّانِي بِالْمُحْتَاجِ وَثَانِيهَا مَنْعُ عَدَمِ صِدْقِ الْأَصْلِ عَلَى الْفَاعِلِ كَيْفَ وَالْفِعْلُ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ وَمُسْتَنِدٌ إلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِلِابْتِنَاءِ إلَّا ذَلِكَ. وَثَالِثُهَا أَنَّ كَلَامَهُ فِي بَابِ الْمَجَازِ عِنْدَ بَيَانِ جَرَيَانِ الْأَصَالَةِ وَالتَّبَعِيَّةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَهُوَ أَصْلٌ. وَرَابِعُهَا أَنَّا إذَا قُلْنَا الْفِكْرُ تَرْتِيبُ أُمُورٍ مَعْلُومَةٍ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْأُمُورَ الْمَعْلُومَةَ مَادَّةٌ لِلْفِكْرِ وَأَصْلٌ لَهُ مَعَ أَنَّ ابْتِنَاءَ الْفِكْرِ عَلَيْهَا لَيْسَ حِسِّيًّا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا عَقْلِيًّا بِتَفْسِيرِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى دَلِيلِهِ. قَوْلُهُ (وَالْفِقْهُ) نَقَلَ لِلْمُضَافِ تَعْرِيفَيْنِ مَقْبُولًا وَمُزَيَّفًا وَلِلْمُضَافِ إلَيْهِ

1 / 16