قَد صَحَّ لي باتفاقِ النَّاس كلِّهِمُ … رِوَايةُ العَدْل والإِنصافِ عن سَلَفِي
إنّي لَمِن مَعشَرٍ كانت مَعَايِشُهُم … بالقَصدِ أمَّا عَطاياهم فبِالسَّرفِ
قومٌ متى طَلَعَت ليلًا مآثِرُهُم … رأيتُ بَدر الدُّجَى في زِيِّ مُنخَسِفِ
وقالَ في الزُّهد (^١):
فإن تَكُ في رَثٍّ من الثَّوبِ مُخلِقٍ … فإنَّ اللُّبابَ المَحضَ في باطِنِ القِشْرِ
سَيَمْضِي سَرِيعًا حُلْوُ عَيْشٍ ومُرّه … فلا أحَدٌ يبقى على الحُلو والمُرِّ
وقالَ أيضًا (^٢):
هو المَوتُ في كلِّ يومٍ يُنادي … تَهَيَّأ تَهَيَّأ ليوم المَعَادِ
تَزَوَّدْ فقد قَرُبَ الارْتِحَا … لُ وما ذلِكَ الزَّادُ غيَر الرَّشَادِ
وقالَ يَهجو وزيرًا كان يَتَظَرَّف، وكان أبوه ممن يَبيعُ المِلْحَ (^٣):
أَمفتخرٌ هذا الوزيرُ بأنَّه … لَيَنشُرُ فوه المُلحَ عند التَّكَلُّمِ
وأنَّى لهُ ملْحٌ وأنَّ جُدُودَهُ … لَعَمرِيَ بَاعوا المِلْحَ في سوقِ دَرْعَمِ
سوقُ دَرْعَم: من أرباع سَمَرْقَنْدَ.
وقالَ يَرثى ولَدَهُ (^٤):
دَفَنتكَ ما بَين الحِجارَةِ والتُّربِ … ولو أَنَّني أنصفتُ صُنُتَك في قَلْبِي
أَقُرَّةَ عَيني مُذ تَسَتَّرتَ في الثَّرَى … فأنوارُ عَيني قد تَسَتَّرنَ بالحُجْبِ
وقالَ في ذَمَّ أَهلَ زَمَانِهِ (^٥):
يا زُمرةَ الشُّعراءِ دَعوةُ ناصِحٍ … لَا تأمَلُوا عندَ الكِرامِ سَمَاحَا
إنَّ الكرامَ بأَسرِهِمْ قد أَغلَقُوًا … بابَ السَّماحِ وضَيَّعوا المِفْتاحَا