التحرير في شرح مسلم
Editor
إبراهيم أيت باخة
Editorial
دار أسفار
Edición
الأولى
Año de publicación
1442 AH
Ubicación del editor
الكويت
Géneros
يقصد صاحب التحرير.
ولولا مكانة الأصبهاني، واعتراف هؤلاء الأئمة برسوخ قدمه في علم اللغة، لما كان لخلافه اعتبار.
*الثاني: قول أبي بكر رضي الله عنه عن مانعي الزكاة: (وَاللهِ لَو مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنِعِهِ)(١)، اختلف العلماء في المراد بالعِقَال، فقال بعضهم: العقال: زكاة العام، وهو قول النَّسائي والنضرِ بنِ شُمَيل وأبي عُبَيدةَ والمُبرِّد وغيرِهم من أهل اللغة، وقولُ جماعةٍ من الفقهاء، ولقولهم مستندٌ في اللغة، وقالوا: لا يُحمل العِقال على الحبل الذي يشد به البعير، لأن الزكاة لا تجب فيه.
واختار الأصبهاني(٢) أن المراد به الحبلُ الذي يُعقَل به البعير، قال النووي: (وَهُوَ اخِتِيَارُ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ وَجَمَاعةٍ مِن حُذَاقِ المُتَأَخِّرِينَ)، ثم نقل كلاما طويلا له يدل على سعة اطلاعه، وحسن توجيهه، حيث قال: (قَولُ مَن قَالَ: المُرَادُ صَدَقَةُ عَامِ تَعَسُّفٌ وَذَهَابٌ عَنْ طَرِيقَةِ العَرَبِ، لِأَنَّ الكَلَامَ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّضيِيقِ وَالتَّشْدِيدِ وَالمُبَالَغَةِ، فَتَقْتَضِي قِلَّةَ مَا عَلَّقَ بِهِ القِتَالَ وَحَقَارَتَه، وَإِذَا حُمِلَ عَلَى صَدَقَةِ العَامِ لَم يَحصُل هذا المعنى)، وذكر كلاما جميلا مؤصلا، ينظر في محله(٣)، ثم علّق النووي على كلامه بما يدل على اقتناعه بتوجيهه وما استدل به فقال: (وهذا الَّذِي اختارَه هو الصَّحيحُ الَّذِي لَا ينبغي غيرُه)(٤).
(١) أخرجه مسلم برقم: ٢٠، وهو عند البخاري برقم: ٧٢٨٤.
(٢) الأصبهاني هنا هو الابن: محمد بن إسماعيل، والنقل عن طريق النووي، وهو في الجزء المفقود من الكتاب.
(٣) نقلناه بتمامه في مبحث نقولات النووي عن كتاب التحرير.
(٤) ينظر شرح صحيح مسلم للنووي: ٢٠٨/١ وما بعدها.
72