Al-Tahqiq wal-Iydah li-Kathir min Masail al-Hajj wal-Umrah wal-Ziyarah ala Daw al-Kitab
التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب
Editorial
وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
Número de edición
الثانية والعشرون
Año de publicación
١٤٢٥هـ
Ubicación del editor
وكالة المطبوعات والبحث العلمي
Géneros
والسنة
[مقدمة]
التحقيق والإيضاح
لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة
على ضوء الكتاب والسنة
Página desconocida
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد:
فهذا منسك مختصر يشتمل على إيضاح وتحقيق كثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، جمعته لنفسي ولمن شاء الله من المسلمين، واجتهدت في تحرير مسائله على ضوء الدليل.
وقد طُبِعَ للمرة الأولى في عام ١٣٦٣ هـ على نفقة جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل، قدس الله روحه وأكرم مثواه.
ثم إني بسطت مسائله بعض البسط وزدت فيه من التحقيقات ما تدعو له الحاجة ورأيت إعادة طبعه؛ لينتفع به من شاء الله من العباد،
1 / 3
وسميته " التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة ".
ثم أدخلت فيه زيادات أخرى مهمة وتنبيهات مفيدة تكميلا للفائدة، وقد طبع غير مرة.
وأسأل الله أن يعمم النفع به وأن يجعل السعي خالصا لوجهه الكريم، وسببا للفوز لديه في جنات النعيم، فإنه حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
المؤلف
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء
وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
1 / 4
[خطبة الكتاب]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في الحج وبيان فضله وآدابه، وما ينبغي لمن أراد السفر لأدائه وبيان مسائل كثيرة مهمة من مسائل الحج والعمرة والزيارة على سبيل الاختصار والإيضاح قد تحريت فيها ما دل عليه كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ جمعتها نصيحة للمسلمين وعملا بقول الله تعالى ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: ٥٥] وقوله تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: ١٨٧] الآية [آل عمران: ١٨٧] وقوله تعالى ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٢]
1 / 5
وكما في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال «الدين النصيحة ثلاثا قيل لمن يا رسول الله؟ قال " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» . وروى الطبراني عن حذيفة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ومن لم يمس ويصبح ناصحا لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فليس منهم»
والله المسئول أن ينفعني بها والمسلمين وأن يجعل السعي فيها خالصا لوجهه الكريم وسببا للفوز لديه في جنات النعيم إنه سميع مجيب وهو حسبنا ونعم الوكيل.
[فصل في أدلة وجوب الحج والعمرة والمبادرة إلى أدائهما]
فصل
في أدلة وجوب الحج والعمرة
والمبادرة إلى أدائهما إذا عرف هذا فاعلموا وفقني الله وإياكم
1 / 6
لمعرفة الحق واتباعه، أن الله ﷿ قد أوجب على عباده حج بيته الحرام وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: ٩٧]
وفي الصحيحين عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام»
وروى سعيد في سننه عن عمر بن الخطاب أنه قال: لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جدة (١) ولم يحج ليضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين وروي عن علي أنه قال:
_________
(١) أي سعة من المال.
1 / 7
من قدر على الحج فتركه فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا.
ويجب على من لم يحج وهو يستطيع الحج أن يبادر إليه، لما روي عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال: «تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له» رواه أحمد.
ولأن أداء الحج واجب على الفور في حق من استطاع السبيل إليه لظاهر قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: ٩٧]
وقول النبي ﷺ في خطبته: «أيها الناس إن الله فرض عليكم الحج فحجوا» أخرجه مسلم.
وقد وردت أحاديث تدل على وجوب العمرة منها قوله ﷺ في جوابه لجبرائيل لما سأله عن الإسلام قال ﷺ: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة
1 / 8
وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتعتمر وتغتسل من الجنابة وتتم الوضوء وتصوم رمضان» أخرجه ابن خزيمة والدارقطني من حديث عمر بن الخطاب ﵁. وقال الدارقطني: هذا إسناد ثابت صحيح.
ومنها حديث عائشة أنها قالت: «يا رسول الله هل على النساء من جهاد؟ قال: عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة» أخرجه أحمد وابن ماجة بإسناد صحيح.
ولا يجب الحج والعمرة في العمر إلا مرة واحدة لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح «الحج مرة فمن زاد فهو تطوع»
ويسن الإكثار من الحج والعمرة تطوعا لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»
1 / 9
[فصل في وجوب التوبة من المعاصي والخروج من المظالم]
فصل
في وجوب التوبة من المعاصي
والخروج من المظالم إذا عزم المسلم على السفر إلى الحج، أو العمرة: استحب له أن يوصي أهله، وأصحابه بتقوى الله ﷿ وهي فعل أوامره، واجتناب نواهيه.
وينبغي أن يكتب ما له، وما عليه من الدين، ويشهد على ذلك، ويجب عليه المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب، لقوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٣١]
وحقيقة التوبة: الإقلاع من الذنوب، وتركها، والندم على ما مضى منها، والعزيمة على عدم العود فيها، وإن كان عنده للناس مظالم من نفس، أو مال أو عرض ردها إليهم، أو تحلل منها قبل
1 / 10
سفره لما صح عنه ﷺ أنه قال: «من كان عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه»
وينبغي أن ينتخب لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال لما صح عنه ﷺ أنه قال: «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا» وروى الطبراني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك زادك حرام ونفقتك حرام وحجك غير مبرور»
1 / 11
وينبغي للحاج الاستغناء عما في أيدي الناس والتعفف عن سؤالهم لقوله ﷺ: «ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله» وقوله ﷺ: «لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم» ويجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة، والتقرب إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال في تلك المواضع الشريفة ويحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك، فإن ذلك من أقبح المقاصد وسبب لحبوط العمل وعدم قبوله كما قال تعالى ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ - أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [هود: ١٥ - ١٦] وقال تعالى
1 / 12
﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا - وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾ [الإسراء: ١٨ - ١٩]
وصح عنه ﷺ أنه قال: قال الله تعالى «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه»
وينبغي له أيضا أن يصحب في سفره الأخيار من أهل الطاعة، والتقوى، والفقه في الدين ويحذر من صحبة السفهاء والفساق.
وينبغي له أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته، ويتفقه في ذلك ويسأل عما أشكل عليه ليكون على بصيرة، فإذا ركب دابته أو سيارته أو طائرته أو غيرها من المركوبات استحب له أن يسمي الله سبحانه ويحمده، ثم يكبر ثلاثا ويقول: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ - وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ [الزخرف: ١٣ - ١٤] «اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى
1 / 13
ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل» . لصحة ذلك عن النبي ﷺ. أخرجه مسلم من حديث ابن عمر ﵄.
ويكثر في سفره من الذكر والاستغفار ودعاء الله سبحانه والتضرع إليه وتلاوة القرآن وتدبر معانيه، ويحافظ على الصلوات في الجماعة ويحفظ لسانه من كثرة القيل والقال، والخوض فيما لا يعنيه، والإفراط في المزاح ويصون لسانه أيضا من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية بأصحابه وغيرهم من إخوانه المسلمين.
وينبغي له بذل البر في أصحابه وكف أذاه عنهم وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة على حسب الطاقة.
1 / 14
[فصل فيما يفعله الحاج عند وصوله إلى الميقات]
فصل
فيما يفعله الحاج
عند وصوله إلى الميقات فإذا وصل إلى الميقات استحب له أن يغتسل ويتطيب، لما روي أن النبي ﷺ تجرد من المخيط عند الإحرام، واغتسل، ولما ثبت في الصحيحين «عن عائشة ﵂ قالت كنت أطيب رسول الله ﷺ لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت»
وأمر عائشة لما حاضت وقد أحرمت بالعمرة أن تغتسل وتحرم بالحج. «وأمر ﷺ أسماء بنت عميس لما ولدت بذي الحليفة أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم»، فدل ذلك على أن المرأة إذا وصلت إلى الميقات وهي حائض أو نفساء تغتسل وتحرم مع الناس، وتفعل ما يفعله الحاج غير الطواف بالبيت كما أمر النبي ﷺ عائشة وأسماء بذلك.
1 / 15
ويستحب لمن أراد الإحرام أن يتعاهد شاربه وأظفاره وعانته وإبطيه، فيأخذ ما تدعو الحاجة إلى أخذه لئلا يحتاج إلى أخذ ذلك بعد الإحرام وهو محرم عليه؛ ولأن النبي ﷺ شرع للمسلمين تعاهد هذه الأشياء كل وقت كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «الفطرة خمس الختان والاستحداد وقص الشارب وقلم الأظفار ونتف الآباط» وفي صحيح مسلم عن أنس ﵁ قال: «وقت لنا في قص الشارب وقلم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة» وأخرجه النسائي بلفظ: «وقت لنا رسول الله ﷺ» . وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي بلفظ النسائي، وأما الرأس فلا يشرع أخذ شيء منه عند الإحرام لا في حق الرجال ولا في حق النساء.
1 / 16
وأما اللحية فيحرم حلقها أو أخذ شيء منها في جميع الأوقات بل يجب إعفاؤها وتوفيرها لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفوا الشوارب» وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس»
وقد عظمت المصيبة في هذا العصر بمخالفة كثير من الناس هذه السنة ومحاربتهم للحى ورضاهم بمشابهة الكفار والنساء ولا سيما من ينتسب إلى العلم والتعليم فإنا لله وإنا إليه راجعون، ونسأل الله أن يهدينا وسائر المسلمين لموافقة السنة والتمسك بها، والدعوة إليها، وإن رغب عنها الأكثرون، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ثم يلبس الذكر إزارا ورداء ويستحب أن
1 / 17
يكونا أبيضين نظيفين، ويستحب أن يحرم في نعلين لقول النبي ﷺ: «وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين» أخرجه الإمام أحمد ﵀.
وأما المرأة فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من أسود أو أخضر أو غيرهما مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم، لكن ليس لها أن تلبس النقاب والقفازين حال إحرامها، ولكن تغطي وجهها وكفيها بغير النقاب والقفازين؛ لأن النبي ﷺ نهى المرأة المحرمة عن لبس النقاب والقفازين.
وأما تخصيص بعض العامة إحرام المرأة في الأخضر أو الأسود دون غيرهما فلا أصل له. ثم بعد الفراغ من الغسل والتنظيف ولبس ثياب الإحرام، ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج أو عمرة، لقول النبي ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»
1 / 18
ويشرع له التلفظ بما نوى فإن كانت نيته العمرة قال: " لبيك عمرة " أو " اللهم لبيك عمرة ". وإن كانت نيته الحج قال: " لبيك حجا " أو " اللهم لبيك حجا ". لأن النبي ﷺ فعل ذلك والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه من دابة أو سيارة أو غيرهما، لأن النبي ﷺ إنما أهل بعد ما استوى على راحلته وانبعثت به من الميقات للسير، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم.
ولا يشرع له التلفظ بما نوى إلا في الإحرام خاصة لوروده عن النبي ﷺ.
وأما الصلاة والطواف وغيرهما فينبغي له ألا يتلفظ في شيء منها بالنية، فلا يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، ولا نويت أن أطوف كذا، بل التلفظ بذلك من البدع المحدثة والجهر بذلك أقبح وأشد إثما، ولو كان التلفظ بالنية
1 / 19
مشروعا لبينه الرسول ﷺ وأوضحه للأمة بفعله أو قوله، ولسبق إليه السلف الصالح.
فلما لم ينقل ذلك عن النبي ﷺ ولا عن أصحابه ﵃ علم أنه بدعة. وقد قال النبي ﷺ: «وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» أخرجه مسلم في صحيحه. وقال ﵊ «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» متفق على صحته، وفي لفظ لمسلم «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»
[فصل في المواقيت المكانية وتحديدها]
فصل
في المواقيت المكانية وتحديدها المواقيت خمسة: (الأول): ذو الحليفة وهو ميقات أهل المدينة وهو المسمى عند الناس اليوم أبيار علي.
(الثاني): الجحفة وهي ميقات أهل الشام وهي قرية خراب تلي رابغ، والناس اليوم يحرمون
1 / 20
من رابغ، ومن أحرم من رابغ فقد أحرم من الميقات، لأن رابغ قبلها بيسير.
(الثالث): قرن المنازل وهو ميقات أهل نجد وهو المسمى اليوم السيل.
(الرابع): يلملم وهو ميقات أهل اليمن.
(الخامس): ذات عرق وهي ميقات أهل العراق.
وهذه المواقيت قد وقتها النبي ﷺ لمن ذكرنا ومن مر عليها من غيرهم ممن أراد الحج أو العمرة. والواجب على من مر عليها أن يحرم منها. ويحرم عليه أن يتجاوزها بدون إحرام إذا كان قاصدا مكة يريد حجا أو عمرة سواء كان مروره عليها من طريق الأرض أو من طريق الجو لعموم قول النبي ﷺ لما وقت هذه المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة»
والمشروع لمن توجه إلى مكة من طريق الجو بقصد الحج أو العمرة أن يتأهب لذلك
1 / 21