363

La Perspicacia en los Fundamentos de la Jurisprudencia

التبصرة في أصول الفقه

Editor

محمد حسن هيتو

Editorial

دار الفكر

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1403 AH

Ubicación del editor

دمشق

Géneros

Usul al-Fiqh
وَلِأَن اخْتِلَاف الصَّحَابَة فِي الْمَسْأَلَة على قَوْلَيْنِ إِجْمَاع مِنْهُم على تسويغ الِاجْتِهَاد وَجَوَاز تَقْلِيد كل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ وَإِقْرَاره عَلَيْهِ فَلم يجز للتابعين إبِْطَال هَذَا الْإِجْمَاع كَمَا لَو أَجمعُوا فِي الْحَادِثَة على قَول وَاحِد وَلَا يلْزم على هَذَا إِذا اخْتلف الصَّحَابَة فِي الْحَادِثَة على قَوْلَيْنِ ثمَّ أَجمعُوا على أحد الْقَوْلَيْنِ
فَأَما إِذا قُلْنَا إِن انْقِرَاض الْعَصْر شَرط فِي صِحَة الْإِجْمَاع لم نسلم أَن هُنَاكَ إِجْمَاعًا
وَإِن قُلْنَا انْقِرَاض الْعَصْر لَيْسَ بِشَرْط لم نسلم جَوَاز الِاتِّفَاق على أحد الْقَوْلَيْنِ بعد الِاخْتِلَاف
فَإِن قيل لَا يمْتَنع أَن يتفقوا على تسويغ الِاجْتِهَاد بِشَرْط أَن لَا يظْهر إِجْمَاع فَإِذا ظهر إِجْمَاع سقط ذَلِك الِاتِّفَاق كَمَا أَنهم اتَّفقُوا على أَن فرض العادم للْمَاء التَّيَمُّم مَا لم يجد المَاء فَإِذا وجد المَاء زَالَ ذَلِك الِاتِّفَاق
قُلْنَا هَذَا لَا يشبه مَا ذَكرْنَاهُ وَذَلِكَ أَن إِجْمَاعهم فِيمَا ذَكرُوهُ مَشْرُوط بِعَدَمِ المَاء فَلهَذَا زَالَ بِوُجُودِهِ وَلَيْسَ كَذَلِك هَاهُنَا فَإِنَّهُم أَجمعُوا على تسويغ النّظر على الْإِطْلَاق من غير شَرط فَهُوَ بِمَنْزِلَة إِجْمَاعهم على قَول وَاحِد فَلَا يجوز أَن يَزُول ذَلِك بإجماعهم بعده وَلَا بِخِلَاف بعده
وَلِأَن زَوَال الْإِجْمَاع بِرُؤْيَة المَاء لَا يُوجب بطلَان مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ وَالْخَطَأ فِيمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ وَفِي مَسْأَلَتنَا إِجْمَاعهم على أحد الْقَوْلَيْنِ يُوجب بطلَان مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ وَالْخَطَأ على أهل الْإِجْمَاع لَا يجوز فَافْتَرقَا
وَأَيْضًا هُوَ أَنه لَا خلاف أَن الْإِجْمَاع إِذا حصل وَاسْتقر لم يتَغَيَّر باخْتلَاف كَذَلِك إِذا حصل الْخلاف وَاسْتقر وَجب أَن لَا يتَغَيَّر بِالْإِجْمَاع
فَإِن قيل إِنَّمَا لم يجز أَن يتَغَيَّر الْإِجْمَاع باخْتلَاف لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى إبِْطَال الْإِجْمَاع

1 / 379