Al-Sunnah and Its Importance by Al-Siba’i, Islamic Office Edition
السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي
Editorial
المكتب الإسلامي
Número de edición
الثالثة
Año de publicación
١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م (بيروت)
Géneros
ولعمل الصحابة الآخرين، وبالرجوع إلى تلك الروايات نجد أن رواية المغيرة بن شعبة في الإملاص قد رويت من طريق حمل بن مالك أيضًا، وأن عمر قبل خبره من غير تَرَدُّدٍ، ولم يبق إلا رواية استئذان أبي موسى، والاستئذان أمر يَتَكَرَّرُ فالمعهود أن تعرف أحكامه وتشيع، فلما أخبره أبو موسى بما لا يعرفه أراد أن يتثبت، فلا بد من حملها على ما عرف عن عمر من التثبت في رواية الأخبار وحمل الصحابة على ذلك، فيكون عمر في قضية أبي موسى وفي قضية المغيرة لو سلمنا أنه لا معارض لروايته، أراد أن يُعْطِي الصحابة وبخاصة صغارهم درسًا في التثبت في قبول الأخبار وروايتها، فإذا كان مثل أبي موسى والمغيرة - وهما من هما في جلالة قدرهما بين الصحابة - يطلب منهما عمر أن يأتياه براوٍ آخر، كان مَنْ دُونَ أبي موسى والمغيرة من الصحابة وغيرهم من التَّابِعِينَ أحق بالتثبت وأجدر بِالتَرَوِّي في نقل الأخبار وروايتها. هذا هو المحمل الصحيح لما صنع عمر، ويدل عليه قوله لأبي موسى: «أَمَا إِنِّي لَمْ أتَّهِمْكَ وَلَكِنَّهُ الحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ».
وفي رواية أخرى أن أُبَيًّا عاتبه فقال له: «إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ» وهذا هو ما رآه الشافعي ﵀ في " الرسالة " في صنيع عمر حين طلب راويًا آخر بعد أن ذكر الروايات الثابتة عنه أنه كان يَقْبَل حديث صحابي واحدٍ. قال ﵀: " أَمَّا خَبَرُ أَبِي مُوسَى فَإِلَى الاحْتِيَاطِ، لأَنَّ أَبَا مُوسَى ثِقَةٌ أَمِينٌ عِنْدَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَىَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: قَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ بْنِ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَأَنَّ عُمَرَ قَالَ لأَبِي مُوسَى: «أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمك، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ» " (١).
هذا ما يتعلق بعمر ﵁.
أما موقف أبي بكر فلم يرو عنه أنه طلب راويًا آخر إلا في تلك الحادثة (٢) وهذا لا يُبَرِّرُ القول بأن مذهبه أن لا يقبل خبرًا إلا إذا رواه اثنان. ولقد عُرِضَتْ
(١) " الرسالة " للشافعي: ص ٤٣٤ ويرى ابن حزم أن عمر كان يرى ذلك أول الأمر فلما عاتبه أُبَيْ رجع عن ذلك وأصبح يقبل خبر صحابي واحد. انظر " الإحكام ": ٢/ ١٤٠. (٢) وقد أعلَّهَا ابن حزم في " الإحكام ": ٢/ ١٤١ بأنها منقطعة فلا تصح.
1 / 70