Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

Muhammad Abu Zahra d. 1394 AH
8

Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

Editorial

دار الفكر العربي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1398 AH

فيه استشعار النفس لطائفة الأفكار، والأحاسيس، والمشاعر التي كانت تظل المجتهد عند قوله، وبذلك يكون الإدراك تماماً، والإنصاف كاملاً، ويكون الحكم على آراء المجتهد حكماً صحيحاً، وتكون مقابلته بغيره على أساس مستقيم. إن القاضي العادل هو الذي يتعرف نفوس المتقاضين، ويتغلغل فيها، فيعرف سلامتها وبراءتها، أو تدليها وتدسيتها، كذلك العالم الذي يريد معرفة الآراء والحكم عليها، وقيمها مضافة إلى صاحبها، عليه أن يدرس هذه الآراء كما قالها أصحابها مقترنة بالدوافع النفسية والاجتماعية التي حملتهم على قولها، والسير في سبيلها، أي أن عليه أن يدرس الأشخاص ونظرياتهم، من غير أن يفصل بينهما بفاصل، إلا ما أوجبته البيئة، ووجهته شؤون الاجتماع، بل حتى ذلك يكون منعكساً في نفس المجتهد مصوراً فيها:

٤ - هذا وإن دراسة المجتهد تتقاضانا حتماً أن ندرس الأصول التي سنها والمقاييس التي قاس بها الحقائق، كما نوهنا.

وإن دراسة ذلك تبين لنا الحدود والرسوم، التي تعين أقطاره، وتحد مساره، وإن معرفة ذلك له ثمرات دانية القطوف، إذ هي معرفة ذلك المذهب ومنطقه، وبهذه المعرفة يسهل معرفة الاجتهاد في المذهب، وتفريع الفروع فيه، وتخريج الحوادث على مقتضى أصوله، ويتسنى لنا بذلك أن نعرف مقدار الصواب في اجتهاد المجتهدين في تخريج الأحكام فيه، إذ بين أيدينا المقاييس الضابطة التي نقيس بها ذلك التخريج، فنعرف خطأه وصوابه وتجانفه عن المذهب أو استقامته مع أصوله.

وإن دراسة مقاييس المذهب وأصوله منبعثة من نفس صاحبه، وجارية على لسانه، أو مسطورة بقلمه. تبين لنا أسباب النمو في ذلك المذهب، واتساع رحابه وضيقه، ومرونة تطبيقه على الأحداث أو جموده. فمن ذا الذي يدرس أصول المذهب الحنفي، ويعرف أن منها الأخذ بالعرف فيما لم يرد فيه نص، أو يحمل على نص. ثم لا يحكم بأن ذلك يوسع آفاق المجتهد فيخرج الحوادث على مقتضى العرف، ويكون بذلك مطبقاً لأصول الحنفية

8