Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه
Editorial
دار الفكر العربي
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1398 AH
(الشعبة الثانية) دراسة أصحاب النظريات العلمية دراسة تحليلية، يدرس فيها الدارس المحاولات الشخصية التي يبذلها العالم في إقامة دعائم العلم الذي تخصص فيه، ومقدار الأثر الذي تركه في ذلك العلم، والمناهج التي سلكها والغايات التي كان يرمى إليها، ومقدار نجاحه، ثم النتائج التي وصل إليها، ثم تسليمه للأخلاف الثمرة التي جناها، وعمل هؤلاء الأخلاف فيها، وتلقى الناس لها، وعمل البيئات المختلفة، وتمريس الزمان لها من بعد.
والفرق بين هذه الشعبة وسابقتها، أن الأولى تدرس فيها أدوار العلم وحضانة العصور لنظرياته، من غير اتجاه إلى بيان محاولات العلماء في تكوين هذه النظريات. أما الثانية، فهي عمل العلماء في تكوين النظريات أو تقويمها، ثم تسلم الزمان إياها، وتلقى الأخلاف لها.
٣ - وإن من الشعبة الثانية دراسة المجتهدين في الفقه الإسلامي الذين أقاموا دعائمه، وشادوا بنيانه، فيدرسون دراسة عميقة، تبين فيها المسالك التي سلكوها والأصول التي وضعوها، والمقاييس التي قاسوا بها الأشياء، وأوصلتهم إلى النتائج التي وصلوا إليها، وفيها تبين البيئات التي أثرت في نفس الفقيه، وأظلته، ثم وجهته مع مواهبه إلى الوجهة التي اختارها، والآراء التي ارتآها.
وإن دراسة أولئك المجتهدين في هذه الدراسة التحليلية أمر لا بد منه للشادي في علم الفقه الإسلامي، الذي يرمى إلى بلوغ الغاية فيه، لأن هذه الدراسة فيها تتبع لتكوين المذاهب، إذ المذاهب الإسلامية تنسب جملة إلى أصحابها المنشئين لها، المجتهدين في تكوينها، فدراسة صاحب المذهب ومحاولاته في تكوينه، وتأصيل أصوله وتفريع فروعه هي استقاء المذهب من ينابيعه الأولى الصافية، وهي تعرف لروحه، ومتابعة أدوار حياته، كمن يتتبع نواة قد ألقيت في مكان خصيب، وهي تأخذ نموها، فيستعرض حياتها في جملة أدوارها، حتى تصير شجرة فينانة، وارفة الظلال، مهدلة الغصون.
ثم إن أخذ المذهب من دراسة صاحبه، ومن كلامه وتفكيره وتوجيهه،
7