Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه
Editorial
دار الفكر العربي
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1398 AH
والقرآن، والحديث، ورواية من سبقوه، وخلافهم ووفاقهم، غير مقيد بنحلة، أو مذهب أو طائفة، ورحل في سبيل ذلك رحلات علمية استفاد منها علماً كثيراً، وتجارب كبيرة واختباراً لطبائع الناس وأحوالهم وشئون اجتماعهم، ولكن هل تعلم فيما تعلم اليونانية؟ ليس عندنا في هذا علم مبني على رواية صحيحة صادقة، فليس عندنا ما ينفي أو يثبت وإن كنا نميل إلى النفي لأنه قد ذكر أكثر شيوخه ومن التقى بهم فلو كان هناك من علمه اليونانية لذكره، وقد رفعه المتعصبون له إلى أعلى الدرجات العلمية، فلو كان ثمة ما يدل على تعلمه اليونانية لأعلنوه وشادوا بذكر الشافعي فيه، ولكنا لم نجد رواية صادقة قد تعلقوا بها.
ولقد رأينا بعض من درسوا الشافعي ينسب إليه تعلم اليونانية، ويتعلق في ذلك بكلمة جاءت للفخر الرازي. ذلك أن الرازي يروي أن الشافعي عندما سيق إلى الرشيد متهماً قد سأله الرشيد عن علمه. فكان مما جاء في هذه المحاورة: ((قال الرشيد: فكيف علمك بالطب؟ قال الشافعي: أعرف ما قالت الروم ومثل أرسططاليس وبقراط وجالينوس وقرقوريوس، وأبوقليس بلغاتها، وما نقله أطباء العرب، وقنفته فلاسفة الهند ونمقته علماء الفرس))(١).
وهذه العبارة بصريحها تفيد أنه كان يعلم لغة الروم، وهم اليونان على حد تعبير كثير من كتاب بعض مؤرخي الشرق، ولكن في هذه القصة
(١) وقد رد ابن القيم تلك الرواية. فقد جاء في كتاب مفتاح السعادة بعد ذكر رواية علمه بالطب اليوناني بلغته ما نصه: إنها كذب مفترى على الشافعي، البلاء فيها عند محمد بن عبد الله البلوى هذا، فإنه كذاب وضاع، وهو الذي وضع رحلة الشافعي وذكر فيها مناظرته لأبي يوسف بحضرة الرشيد. ولم يرد الشافعي أبا يوسف، ولا اجتمع به قط. وإنما دخل بغداد بعد موته، ثم إن في سياق الحكاية ما يدل من له عقل أنها كذب مفترى، فإن الشافعي لم يعرف لغة هؤلاء اليونان البتة، حتى يقول إني أعرف ما قالوه بلغاتهم، وأيضاً فإن هذه الحكاية أن محمد بن الحسن، وشى بالشافعي إلى الرشيد، وأراد قتله، وتعظيم محمد الشافعي ومحبته له، وتعظيم الشافعي له، وثناؤه عليه هو المعروف وهو يدفع هذا الكذب، راجع مفتاح السعادة ص ٥٦٥.
(م ٤ - الشافعي)
49