Al-Sahih al-Mathur fi Alam al-Barzakh wal-Qubur
الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Géneros
طول الأعمار وقضاء الأوطار، وتحقيق الآمال والأحلام.
فما أقبلت الدُّنيا على قوم إلّا تنافسوها، فوقع بينهم لأجل ذلك التَّحاسد والتَّدابر، وقدَّموا نصيبهم من الدُّنيا على حظِّهم من الآخرة، وقاتلوا عليه، إلّا مَنْ رحم الله تعالى.
فلا تصحب الدُّنيا، ولا تأنس فيها كما أَنِس فيها الغافلون، قَال النَّبيُّ ﷺ: "أَلا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلاَّ ذِكْرُ الله وَمَا وَالاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ" (١).
أرأيت ذَمَّ ما ألهى من الدُّنيا عن ذكر الله تعالى وأشغل عن طاعته؟ وقد أخبر الله تعالى عَنْ خُسْرَانِ مَنْ لَهَا عَنْ ذكر الله تعالى بِغَيْرِه، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩)﴾ [المنافقون].
وأمَّا ما أعان على طاعة الله تعالى من الدُّنيا فليس مذمومًا، قال تعالى: ... ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧)﴾ [النّور].
فلا تَفْرَحَنَّ من الدّنيا بلذيذ عيش؛ فإنّ قصاراه لَحْدٌ ضيّق: ﴿وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (٢٦)﴾ [الرّعد].
_________
(١) التّرمذي "سنن التّرمذيّ" (ص ٥٢٥/رقم ٢٣٢٢)، وقال أبو عيسى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وحسّنه الألبانيّ في "الصّحيحة" (ج ٦/ص ٧٠٣/رقم ٢٧٩٧) و"المشكاة" (ج ٢/ص ١٤٣١/رقم ٥١٧٦).
1 / 28