الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق

Ragheb El-Sergany d. Unknown
102

الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق

الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق

Géneros

بعض آراء العلماء في أحقية الصديق بالخلافة ومن ألطف التعليقات على قضية إمامة أبي بكر الصديق ﵁ وأرضاه المسلمين بالصلاة في أثناء مرض رسول الله ﷺ ما رواه ابن عدي ﵀ عن أبي بكر بن عياش ﵀ -وأبو بكر بن عياش من العلماء في زمان الخليفة العباسي هارون الرشيد ﵀ قال: قال لي الرشيد: يا أبا بكر بن عياش! كيف استخلف الناس أبا بكر الصديق؟ يعني: يظهر أنه كانت هناك بعض الأمور الغامضة في ذهن الرشيد، فيريد أن يتأكد، فقال: أبو بكر بن عياش ﵀: يا أمير المؤمنين! سكت الله وسكت رسوله وسكت المؤمنون، فقال الرشيد: والله! ما زدتني إلا غمًا يعني: أنا لم أكن فاهمًا ولكنني بعد سؤالك لم أفهم أكثر، فقال أبو بكر بن عياش: يا أمير المؤمنين: (مرض النبي ﷺ ثمانية أيام فدخل عليه بلال فقال: يا رسول الله! من يصلي بالناس؟ قال: مر أبا بكر يصلي بالناس، فصلى أبو بكر بالناس ثمانية أيام والوحي ينزل، فسكت رسول الله ﷺ لسكوت الله ﷿ أي: لو أن الله ﷿ يريد غير أبي بكر لأخبر رسوله عن طريق الوحي، ولكن اختيار رسول الله ﷺ لـ أبي بكر كان اختيارًا يرضي الله ﷿، وسكت المؤمنون بعد ذلك لسكوت رسول الله ﷺ، فأعجب ذلك الرشيد ﵀ وقال: بارك الله فيك. وأيضًا من التعليقات اللطيفة ما علق به أبو الحسن الأشعري ﵀ على مسألة تقديم رسول الله ﷺ لـ أبي بكر الصديق في الصلاة حيث قال: وتقديمه له -أي: تقديم الرسول ﵊ لـ أبي بكر - أمر معلوم بالضرورة من دين الإسلام، لماذا الأشعري يقول هذا الكلام؟ لأن الصحابة جميعًا علموا هذا الأمر وقبلوا أبا بكر إمامًا لهم، وتواتر ذلك عنهم، ثم قال الأشعري ﵀: وتقديمه له دليل على أنه أعلم الصحابة وأقرؤهم؛ لما ثبت في الحديث المتفق على صحته بين العلماء: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلمًا) أي: إسلامًا. هذا لفظ الإمام مسلم عن أبي مسعود الأنصاري ﵁ وأرضاه، وفي رواية أخرى: (أكبرهم سنًا) بدلًا من (أقدمهم سلمًا). ويعلق ابن كثير ﵀ على كلام الأشعري ﵀ فيقول: مما ينبغي أن يكتب بماء الذهب، فانظروا كلام العلماء على غيرهم من العلماء، يقول: هذا الكلام من الأشعري ﵀ مما ينبغي أن يكتب بماء الذهب، ثم قد اجتمعت هذه الصفات كلها في الصديق ﵁ وأرضاه. يعني: اجتمعت فيه قراءة القرآن والعلم بالسنة والقدم في الهجرة والقدم في الإسلام والسن الكبير بين المرشحين للخلافة، فرضي الله عن الصديق ورضي الله عن صحابة رسول الله ﷺ أجمعين. وتعالوا بنا نرى أيضًا بعض التعليقات اللطيفة من الصحابة والعلماء على استخلاف الصديق ﵁ وأرضاه، تعالوا بنا نرى رأي عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن مسعود قال عنه رسول الله ﷺ كما رواه الترمذي وحسنه وكذلك رواه الإمام أحمد بن حنبل وصححه الألباني عن حذيفة ﵁ قال: (كنا جلوسًا عند النبي ﷺ فقال: إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي، وأشار إلى أبي بكر وعمر)، وهذه إشارة واضحة إلى الاستخلاف أيضًا. ثم قال: (واهتدوا بهدي عمار، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه). قال ابن مسعود فيما رواه الحاكم وصححه: ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن. يقصد اجتماع المسلمين الصالحين على أمر، فإذا اجتمعوا على أمر ورأوه حسنًا فهو عند الله حسن، ويقول سيدنا عبد الله بن مسعود: وما رآه المسلمون سيئًا فهو عند الله سيئ. ثم يقول عبد الله بن مسعود: وقد رأى الصحابة جميعًا أن يستخلفوا أبا بكر. يعني: أن استخلاف أبي بكر الصديق ليس فقط حسنًا عند المسلمين بل هو حسن عند الله ﷿ كذلك. وأخرج البيهقي عن الشافعي ﵀ أ

10 / 3