Al-Risalah Al-Tadmuriyyah

Ibn Taimiyya d. 728 AH
27

Al-Risalah Al-Tadmuriyyah

الرسالة التدمرية

Editorial

المطبعة السلفية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1399 AH

Ubicación del editor

القاهرة

مِنْ الثَّقِيلِ، فَلَا يَصْعَدُ الثَّقِيلُ إلَّا بِرَافِعِ يَرْفَعُهُ يُدَافِعُ بِهِ مَا فِي قُوَّتِهِ مِنْ الْهُبُوطِ، فَكَذَلِكَ مَا يَهْبِطُ مِنْ أَعْلَى الْأَرْضِ إلَى أَسْفَلِهَا وَهُوَ الْمَرْكَزُ لَا يَصْعَدُ مِنْ هُنَاكَ إلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ إلَّا بِرَافِعِ يَرْفَعُهُ، يُدَافِعُ بِهِ مَا فِي قُوَّتِهِ مِنْ الْهُبُوطِ إلَى الْمَرْكَزِ، فَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ الدَّافِعَ أَقْوَى كَانَ صَاعِدًا بِهِ إلَى الْفَلَكِ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَصَعِدَ بِهِ إلَى اللَّهِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى هبوطًا باعتبار مافي أَذْهَانِ الْمُخَاطَبِينَ أَنَّ مَا يُحَاذِي أَرْجُلَهُمْ يَكُونُ هَابِطًا، وَيُسَمَّى هُبُوطًا مَعَ تَسْمِيَةِ إهْبَاطِهِ إدْلَاءً، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ إدْلَاءً حَقِيقِيًّا إلَى الْمَرْكَزِ، وَمِنْ هُنَاكَ إنَّمَا يَكُونُ مَدًّا لِلْحَبْلِ، وَالدَّلْوِ، لَا إدْلَاءَ لَهُ، لَكِنَّ الْجَزَاءَ وَالشَّرْطَ مُقَدَّرَانِ لَا مُحَقَّقَانِ. فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ أَدْلَى لَهَبَطَ؛ أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ هُنَاكَ إدْلَاءً لَفُرِضَ أَنَّ هُنَاكَ هُبُوطًا، وَهُوَ يَكُونُ إدْلَاءً وَهُبُوطًا إذَا قُدِّرَ أَنَّ السَّمَوَاتِ تَحْتَ الْأَرْضِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ مُنْتَفٍ، وَلَكِنَّ فَائِدَتَهُ بَيَانُ الْإِحَاطَةِ وَالْعُلُوِّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَهَذَا الْمَفْرُوضُ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّنَا لَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُدْلِيَ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَهْبِطَ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ لَكِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْرُقَ مِنْ هُنَا إلَى هُنَاكَ بِحَبْلِ، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ فِي حَقِّهِ إدْلَاءً، فَلَا يَكُونُ فِي حَقِّهِ هُبُوطًا عَلَيْهِ. كَمَا لَوْ خَرَقَ بِحَبْلِ مِنْ الْقُطْبِ إلَى الْقُطْبِ، أَوْ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إلَى مَغْرِبِهَا، وَقَدَّرْنَا أَنَّ الْحَبْلَ مَرَّ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَا فَرْقَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مِنْ أَنْ يَخْرُقَ مِنْ جَانِبِ الْيَمِينِ مِنَّا إلَى جَانِبِ الْيَسَارِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ أَمَامِنَا إلَى جِهَةِ خَلْفِنَا، أَوْ من جهة رؤوسنا إلَى جِهَةِ أَرْجُلِنَا إذَا مَرَّ الْحَبْلُ بِالْأَرْضِ، فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ قَدْ خَرَقَ بِالْحَبْلِ مِنْ جَانِبِ

1 / 28