وقال يرثي "أبا زكريا، يحيى بن محمّد بن مخلوف المناوي" المتوفّى سنة ٨٧١ هـ. وقد نظَمَها ارتجالًا، حسب قوله، وهو في الإسكندرية، بعد دخوله إليها من السفر والتعب:
مات المناويّ الشرف … فمات المُنَى والشرف
نوحوا على فقْده … وابكوا بدمع ذرف
فهو الإمام الذي … كلٌّ له اعترف
والبحر حاوي العُلا … فالفضل منه اغترف
والدرّ من علمه … أهداه لا عن صَدَف
والشمس وقت الضُحى … والبدر تحت السُدَف
قاضي قضاة الورى … غيث العطا والطُرف
والجود ثم السخا … واللطف ثم الظرف
ارحمه يا خالقي … واتحفْهُ منك بالتُحَف
وسُق شُربًا له … طول المدى والسلف
بوابلٍ هاطلٍ … يذرف فوق الذرف
برحمةٍ مع رضًى … ارفعه على الغُرف (^١)
و"المناويّ" هذا هو الذي رثاه الجلال السيوطيّ بقوله، وقد أنشده للمؤلّف:
قلت لما مات شيخ … العصر حقًّا باتفاقِ
حين صار الأمر … ما بين جهول وفسّاق
أيّها الدنيا لك الويلُ … إلى يوم التّلاقِ (^٢)
وله يرثي "البدر بن الغَرْس، محمّد بن محمّد بن محمّد بن خليل بن علي، أبا اليُسر القاهري، الحنفي" (ت ٨٩٤ هـ).
لقد أظلمت مصر وأقفرت الدنيا … لموت عدِيم المِثْل بل أوحدِ العصر
سأعجب إن ضاعت ليالي عصرِنا … وكيف يكون الضوء مع عدم البدرِ
وله أبيات ارتجلها - حسب قوله -، وكتبها جوابًا على أبياتٍ أنشدها له الأديب "أحمد بن علي بن حسن الجوهري" نزيل الخانقاه الشيخونية (ت ٩٠٣ هـ):
ألا يا شهابَ الدين جاء نظامُكم … وما حاد عن سلْك اللآلي في العِقْدِ