Reglas Iluminadas de Fiqh
القواعد النورانية الفقهية
Investigador
د أحمد بن محمد الخليل
Editorial
دار ابن الجوزي
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1422 AH
وَهَذَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ﵃ فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يُصَلُّونَ إِلَّا مُطْمَئِنِّينَ، وَإِذَا رَأَى بَعْضُهُمْ مَنْ لَا يَطْمَئِنُّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَنَهَاهُ، وَلَا يُنْكِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْمُنْكِرِ لِذَلِكَ، وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى وُجُوبِ السُّكُونِ وَالطُّمَأْنِينَةِ فِي الصَّلَاةِ قَوْلًا وَفِعْلًا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ وَاجِبٍ لَكَانُوا يَتْرُكُونَهُ أَحْيَانًا كَمَا كَانُوا يَتْرُكُونَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا سَكَنَ حِينَ انْحِنَائِهِ، وَحِينَ وَضْعِ وَجْهِهِ عَلَى الْأَرْضِ، فَأَمَّا مُجَرَّدُ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ عَنْهُ فَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ رُكُوعًا وَلَا سُجُودًا، وَمَنْ سَمَّاهُ رُكُوعًا وَسُجُودًا فَقَدْ غَلِطَ عَلَى اللُّغَةِ، فَهُوَ مُطَالَبٌ بِدَلِيلٍ مِنَ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا يُسَمَّى رَاكِعًا وَسَاجِدًا حَتَّى يَكُونَ فَاعِلُهُ مُمْتَثِلًا لِلْأَمْرِ وَحَتَّى يُقَالَ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الْمُطَالَبَ بِهِ يَحْصُلُ الِامْتِثَالُ فِيهِ بِفِعْلِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مُجَرَّدَ هَذَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ رُكُوعًا وَسُجُودًا، وَهَذَا مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، فَقَائِلُ ذَلِكَ قَائِلٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَفِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَإِذَا حَصَلَ الشَّكُّ هَلْ هَذَا سَاجِدٌ أَوْ لَيْسَ بِسَاجِدٍ؟ لَمْ يَكُنْ مُمْتَثِلًا بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مَعْلُومٌ وَفِعْلَ الْوَاجِبِ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ، كَمَنْ يَتَيَقَّنُ وُجُوبَ صَلَاةٍ أَوْ زَكَاةٍ عَلَيْهِ وَيَشُكُّ فِي فِعْلِهَا.
وَهَذَا أَصْلٌ يَنْبَغِي مَعْرِفَتُهُ، فَإِنَّهُ يَحْسِمُ مَادَّةَ الْمُنَازِعِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ هَذَا يُسَمَّى سَاجِدًا وَرَاكِعًا فِي اللُّغَةِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ بِلَا عِلْمٍ وَلَا حُجَّةٍ، وَإِذَا طُولِبَ بِالدَّلِيلِ انْقَطَعَ وَكَانَتِ الْحُجَّةُ لِمَنْ يَقُولُ: مَا نَعْلَمُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ إِلَّا بِالسُّجُودِ وَالرُّكُوعِ الْمَعْرُوفَيْنِ، ثُمَّ يُقَالُ: لَوْ وُجِدَ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ الْوَجْهِ لِلْأَرْضِ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ، لَكَانَ الْمُعَفِّرُ خَدَّهُ
1 / 87