26

Reglas Iluminadas de Fiqh

القواعد النورانية الفقهية

Investigador

د أحمد بن محمد الخليل

Editorial

دار ابن الجوزي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1422 AH

الْجَهْرَ بِهَا لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ، حَتَّى إِنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ [يَجْهَرُ بِهَا]، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَجْهَرُ بِهَا، وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْصِدَ إِلَى تَأْلِيفِ هَذِهِ الْقُلُوبِ بِتَرْكِ هَذِهِ الْمُسْتَحَبَّاتِ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ التَّأْلِيفِ فِي الدِّينِ أَعْظَمُ مِنْ مَصْلَحَةِ فِعْلِ مِثْلِ هَذَا، كَمَا تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ تَغْيِيرَ بِنَاءِ الْبَيْتِ لِمَا رَأَى فِي إِبْقَائِهِ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُلُوبِ، وَكَمَا أَنْكَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى عثمان إِتْمَامَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ ثُمَّ صَلَّى خَلْفَهُ مُتِمًّا، وَقَالَ: " الْخِلَافُ شَرٌّ ". وَهَذَا وَإِنْ كَانَ وَجْهًا حَسَنًا فَمَقْصُودُ أحمد أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كَانُوا لَا يَقْرَؤُونَهَا فَيَجْهَرُ بِهَا لِيُبَيِّنَ أَنَّ قِرَاءَتَهَا سُنَّةٌ، كَمَا جَهَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقِرَاءَةِ أُمِّ الْكِتَابِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَقَالَ: " لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ "، وَكَمَا جَهَرَ عمر بِالِاسْتِفْتَاحِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَكَمَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَجْهَرُ بِالْآيَةِ أَحْيَانًا فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَلِهَذَا نُقِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ الْجَهْرُ بِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ الْمُخَافَتَةُ، فَكَأَنَّهُمْ جَهَرُوا لِإِظْهَارِ أَنَّهُمْ يَقْرَؤُونَهَا كَمَا جَهَرَ بَعْضُهُمْ بِالِاسْتِعَاذَةِ أَيْضًا. وَالِاعْتِدَالُ فِي كُلِّ شَيْءٍ اسْتِعْمَالُ الْآثَارِ عَلَى وَجْهِهَا، فَإِنَّ

1 / 46